شفق نيوز/ تناولت لجنة الإنقاذ الدولية غير الحكومية، يوم الثلاثاء، معاناة وكفاح نساء عراقيات من النازحات، رغم مرور خمسة أعوام من إعلان النصر على تنظيم "داعش"، وذلك من خلال قصة سيدة عراقية تعكس شجاعتها في مواجهة المصاعب الكبيرة.
ولفت تقرير المنظمة الانسانية التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، وترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن إعلان نهاية الصراع مع داعش رسميا، لا يعني أن الناس عادوا إلى حياتهم التي كانت من قبل بشكل تلقائي، اذ ما يزال هناك نحو 1.2 مليون شخص من النازحين داخليا، بينما يفتقر نحو خمسة ملايين شخص آخرين الى فرص كسب العيش أو المأوى الملائم او القدرة على نيل الخدمات الاساسية.
وفي اطار ما وصفته المنظمة بأنه تكريم لجميع النازحات العراقيات، استعرضت في تقرير لها قصة السيدة سارة التي اقتلعت من موطنها ثلاث مرات خلال النزاع، وانقلب عالمها بالكامل عندما أسر داعش زوجها في العام 2017.
وكانت خسارتها لزوجها تعني ايضا انها فقدت القدرة على إعالة أطفالها الأربعة، وبالنظر إلى أن منزلها لم يعد آمنا، فقد اجبرت سارة وعائلتها على الانتقال الى مخيم للنازحين.
ونقل التقرير عن سارة قولها "شعرت أنها نهاية الحياة، ولم يكن هناك أمل".
لكن سارة تعرفت في المخيم للمرة الاولى على برنامج لحماية وتعزيز قوة المرأة والذي كانت تنفذه لجنة الإنقاذ الدولية.
وبينما كانت سارة تعمل كخياطة قبل اندلاع الصراع مع داعش، قال التقرير إنها تعلمت من خلال هذا البرنامج كيف تحول مهاراتها في الحياكة، الى عمل تجاري، وأصبحت خلال ثلاثة شهور قادرة على انتاج ما يكفي من المفروشات وغيرها من أجل تحقيق مدخول لتغطية تكاليف عيشها.
والى جانب ذلك، فقد استفادت سارة من الدعم العاطفي من خلال مشاركتها في انشطة مجتمعية وترفيهية مع نساء مثلها.
ولفت التقرير الى انها بدأت أيضا بتدريب غيرها من النساء على الحياكة والصناعة اليدوية من أجل أن يتمكّن من إعالة أنفسهن وعائلاتهن.
واشار التقرير الى ان المخيم الذي تقيم فيه سارة اغلق بعد ذلك بسبعة شهور من وصولها، وانتقلت هي وعائلتها الى مخيم آخر قريب من السوق وقامت ببيع بضاعتها، إلا أنها لم تعد قادرة على الحصول إلى المواد التي تحتاجها لأشغالها اليدوية والاستمرار بعملها.
وتابع التقرير ان سارة اكتشفت ان بإمكانها اللجوء إلى برنامج آخر للمنظمة يتولى مهمة حماية وتعزيز قوة المرأة في المخيم الجديد، فأعادت إطلاق أعمالها وقامت بإعالة عائلتها للعام التالي، الى ان جرى اغلاق هذا المخيم ايضا.
وذكر التقرير ان "أمرا مدهشا حدث، حيث عاد زوج سارة"، ونقل عن هذه السيدة العراقية قولها بأنها شعرت ان "الحياة بدأت من جديد"، وراحت تخطط معه للعودة الى موطنهم الاصلي، وانما لسوء حظها، عندما عادوا اكتشفوا أن رجلا من المنتمين الى الفصائل المسلحة يحتل المنزل، وهو ما أجبرهم على استئجار عدة اماكن للاقامة ما استنزف مواردهم المالية، واجبر العائلة على العمل معا من اجل كسب ما يكفي لاستعادة منزلهم من خلال الاستعانة بمحامي، إلا أن الدخل الذي تحققه سارة من عملها لم يكن يكفي لتغطية تكلفة تعليم أطفالها.
وفي تعبير عن قوة المثابرة، قال التقرير إن سارة اكتشفت وجود برنامج آخر لحماية وتقوية المرأة، مكنها من تحقيق ازدهار في عملها، حيث زارت مع بداية العام 2022، مركزا لحماية المرأة يتبع للجنة الإنقاذ الدولية سعيا من اجل الحصول على دعم مالي والالتقاء بنسوة واجهن تجارب مشابهة.
ومن خلال المنحة المالية، تمكنت سارة من شراء معدات ومواد جديدة افتتحت متجرا داخل منزلها، واشتهر عملها لدرجة ان الناس كانت تأتي من المدن المجاورة لشراء مصنوعاتها اليدوية، وازدهرت تجارتها لدرجة أنها اضطرت الى الانتقال للعمل في ورشة أكبر مساحة وتوظيف خمس نساء للمساعدة في تلبية طلبات الزبائن.
وذكر التقرير أن سارة التي تتباهى الان بأن لديها لائحة طويلة من الطلبات لمدة ثلاثة شهور، لم تعد تدعم أفراد عائلتها فقط، وانما عائلات النساء الخمس اللواتي يعملن في ورشتها التي اسمتها "ورشة الامل".
واشار التقرير الى ان سارة تعمل مع منظمة "عراقي الامل"، وهي الشريك المحلي للجنة الإنقاذ الدولية، والتي تدعم النساء اللواتي يخضعن لنفس التدريب الذي تعلمته في السنوات السابقة، واصبحت تحلم بأن تفتتح مصنعا ليكون بمقدور "المئات من النساء العمل ودعم بعضهن البعض".
ونقل التقرير عن سارة إنها تريد من هذا المصنع الحلم أن "يكون مكانا آمنا" كالمركز الذي كانت ترتاده والذي ألهمها للعمل.
وختم التقرير بالقول أن برامج الدعم وحماية المرأة، تساعد النساء مثل سارة على اكتشاف الشجاعة والقوة من أجل تخطي المصاعب، والحياة بمنأى عن العنف وتحقيق المساواة والاحترام في مجتمعاتهم، والمساهمة في بناء مجتمعات نسوية لا يخشين تحسين العالم من حولهن.