شفق نيوز / يشكو مواطنون في العاصمة بغداد، "جشع" أصحاب المولدات الأهلية نتيجة فرض أسعار معينة عليهم تخضع لرغبة صاحب المولدة فقط من دون رقابة بحسب رأيهم، وفيما يشيرون إلى اتفاق مع أصحاب المولدات مع جهات حكومية يكونون ضحيته ومنها كشف هوية المشتكين ضد المخالفين منهم، يدافع أصحاب المولدات عن الأسعار المطلوبة من المولدات و"تخلي" وزارة النفط عنهم.
اتفاقات ضحيتها المواطن
وعادة ما تستقر الطاقة الكهربائية في أشهر الربيع والخريف حيث الاعتدال بدون انقطاع أو مع انقطاعات بسيطة، إلا أن الملاحظ "جشع" اصحاب المولدات استمر حتى في هذه الأيام، بحسب رأي مواطنين في بغداد، ليطلبوا مزيداً من الأموال وفرض أسعار "غير مقبولة" وصلت إلى 20 ألف دينار للأمبير الواحد، سواء في مناطق الدورة أو الكرادة والحرية والمنصور وغيرها من المناطق الاخرى حسب ما تم اخبار وكالة "شفق نيوز" من قبل عدد من المواطنين.
ويدور كلام بين المواطنين وحتى المسؤولين في الدولة عن وجود اتفاق غالباً ما يكون في نفس المنطقة الواحدة بين اصحاب المولدات ومسؤولي المحطات الثانوية الكهربائية من خلال إطفاء الطاقة لغرض استفادة المولدات الاهلية عبر فرض أسعار عالية على المواطنين، وهو ما دفع برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لزيارة مركز السيطرة الوطني للكهرباء للتأكد من صحة هذا الكلام.
مجالس محلية "متهمة"
سجل المواطن سامر فيما يعرف بـ"الخط الذهبي أي التمتع بتيار متواصل لمدة 24 ساعة لتجنب ساعات الانقطاع الطويلة"، بينما لا تستطيع "ام احمد" تأمين المبلغ اللازم لذلك واكتفت باشتراك اعتيادي يجعلها عرضة لمواجهة حر المنزل، وفي كل الأحوال يتعين على الاثنين الخضوع لشروط وتسعيرة صاحب المولدة.
ويقول سامر في حديث لوكالة شفق نيوز إن "أصحاب المولدات الأهلية يتحكمون في الأسعار وأوقات التشغيل"، ويكاد يجزم بـ"وجود اتفاق بين أصحاب المولدات والمجالس المحلية حول هذه التسعيرة مقابل أموال تتقاضاها الأخيرة لغض النظر عن ممارساتهم".
ويضيف ليس "هناك رادع لأصحاب المولدات حول التسعيرة التي يتفق عليها اصحاب المولدات في المنطقة والتي غالبا ما تكون 20 ألف دينار للأمبير الواحد، بالرغم من عدم وجود انقطاع للكهرباء الوطنية"، مؤكداً أن "اعتراض أي شخص على اصحاب المولدات يهدده الاخير بقطع الكهرباء عليه ومع عدم قدرة الدولة تأمين الكهرباء لباقي الأشهر يضطر المواطن للموافقة على السعر".
من جهتها تقول أم أحمد في حديث لوكالة شفق نيوز إن "جميع الشكاوى التي يقدمها المواطنون للمجالس المحلية لا تلقى صدى أو محاسبة"، وتلفت إلى "وجود سلوك أدهى من ذلك وهو أن صاحب المولدة يتلقى إبلاغا عن اسم الشخص الذي اشتكى عليه والذي من المفترض ان يكون سرياً ليقوم الأخير بمعاقبته وحجب الطاقة عن منزله".
وتضيف أن "فرض تسعيرة 20 ألف دينار في هذا الوقت بالذات يدل على أنه ليس هناك من يحاسب ويعاقب اصحاب المولدات ويمنعهم، انطلاقا من المثل المشهور من (من أمن العقاب اساء الادب)"، مطالبة "رئيس الوزراء ووزارة الكهرباء والجهات الرقابية بمنع هؤلاء من استغلال المواطنين في هذه الظروف الصعبة".
إشراف حكومي
ويطالب المتخصص بالشأن الاقتصادي ضرغام محمد علي بـ"استحداث مؤسسة اشراف حكومي على المولدات الاهلية تتولى إصدار رخص تشغيلية لها وتراقب عملها وتسعيرتها".
ويضيف علي في حديث لوكالة شفق نيوز إن "عمل المولدات ضمن دائرة ليست ذات اختصاص هي المجالس البلدية جعل الفوضى هي سيدة الموقف واوقف قدرة الدولة الرقابية ما سمح بإطلاق يد اصحاب المولدات في استغلال المواطن".
ودعا علي إلى "قيام الحكومة بتبني جولة تراخيص لتأهيل شركات عالمية لمنظومات الطاقة الشمسية لبيعها للمواطنين بضمانات مصرفية حكومية تستقطع شهرياً من المواطن بقدر ما يدفعه للمولد الأهلي لحين سداد قيمة المنظومة".
ويتابع أن "تبني منظومات الطاقة الشمسية سيحل ازمة المولدات الاهلية واسلاكها التي تشوه الشوارع وتقلل نسب التلوث، اضافة الى تقليل الحمل عن الشبكة الكهربائية كون توليد الكهرباء من الخلايا الشمسية سيتيح توجيه الحمل الكهربائي نحو الحمل الصناعي لإحياء الصناعات الوطنية مرة اخرى بكلف معقولة بعد تضخم الكلف بسبب ارتفاع كلفة الطاقة البديلة".
أعطال كثيرة وشراء الكاز
ويقول صاحب احدى المولدات الذي رفض ذكر اسمه في منطقة الكرادة وسط بغداد إن "تشغيل المولدات في الصيف لفترات طويلة يعرض المولدات لأعطال كثيرة"، مبيناً أن "تصليح هذه المولدات يحتاج الى ملايين الدنانير في كل مرة، وبالتالي فإننا نتعرض لخسارة في أوقات الصيف والشتاء".
ويضيف أن "الأمر الثاني هو شراء الوقود من مادة الكاز لمولدته الخاصة التي تبلغ سعتها (600 كي في) من السوق السوداء بدلاً من تزويده بهذه المادة من وزارة النفط بسبب عمليات الابتزاز التي تقوم بها المجالس المحلية".
ويشير صاحب المولدة إلى أن "أسعار الكاز في سوق السوداء تختلف من موسم وآخر وتصل الى 1000 دينار أو أكثر للتر الواحد في موسم الصيف".
الطاقة الدولية : 4 مليارات دولار تتقاضاها المولدات الاهلية
وكان الأمين العام لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول قال في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير النفط العراقي الاسبق ثامر الغضبان في 25 نيسان عام 2019 إن "ما تقاضاه اصحاب المولدات الاهلية في العراق خلال عام 2018 بلغ اربعة مليارات دولار وهو اكبر مما تتقاضاه موازنة وزارة الكهرباء بمرة ونصف.
واكد بيرول ان الاجور التي يتقاضاه أصحاب المولدات الاهلية في العراق تعتبر كبيرة جدا وهي أكبر بأربع مرات ما يدفعه المستهلك في ألمانيا للحصول على الطاقة الكهربائية.
وأجرى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في 23 نيسان 2023 ، زيارة هي الأولى من نوعها إلى مركز السيطرة الوطني للكهرباء الواقع في منطقة الأمين، جنوب شرق بغداد، الذي يُعنى بتوزيع حصص إنتاج التيار الكهربائي للعاصمة بغداد والمحافظات"، مشددا على ضرورة "الوقوف على أسباب الظاهرة التي يشتكي منها المواطنون، المتمثلة بقطع التيار الكهربائي في بداية ونهاية كل شهر، وذلك بتوضيح مواقع الخلل ومحاسبة الأشخاص الذين يقفون خلفها، ووجّه بتقديم تقرير شهري عن ساعات التجهيز في بداية الشهر وفي نهايته".
صحة الاتفاق
ويقول الخبير الاقتصادي محمد الحسني في حديث لوكالة شفق نيوز ان "عدم اطفاء الكهرباء الوطنية مع نهاية وبداية الشهر الحالي يؤكد صحة ما يقال بوجود اتفاق مسبق بين مركز السيطرة والتوزيع وبين المولدات الاهلية لغرض الاستفادة بعد زيارة السوداني لمركز السيطرة، واصفا بوجود مافيات تدير ملف الكهرباء طيلة هذه السنين".
ويضيف ان على "الحكومة ان تضع ملف الكهرباء من اهم اولوياتها نظرا لما لها علاقة كبيرة بتطوير الاقتصاد العراقي"، مؤكدا أنه بدون كهرباء مستقرة لا يكون هناك اقتصاد متطور في البلد".
يذكر أن العراق يعاني من نقص كبير بالطاقة الكهربائية مما جعل معظم المواطنين يتجهون الى المولدات الاهلية لتعويض النقص مقابل اموال كبيرة تدفع لأصحاب هذه المولدات.