شفق نيوز/ بينما أكد مراقبون أن التعداد السكاني كشف عن عمق أزمة السكن في العراق، وبينما تؤكد وزارة الإعمار والإسكان العراقية أن العراق بحاجة إلى أكثر من 3 ملايين وحدة سكنية، قدم مختصون مقترحات لحل هذه الأزمة لتجنب ما يحصل حالياً في المجمعات السكنية التي تشهد أسعاراً خيالية خارج قدرة الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.

وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أعلن الاثنين الماضي (25 تشرين الثاني الجاري)، أن عدد سكان البلاد وفقاً للتعداد العام للسكان والمساكن بلغ أكثر من 45 مليون نسمة، وعدد الأسر بلغ 7 ملايين و898 ألفاً و588 أسرة، فيما بلغ عدد المساكن 8 ملايين و37 ألفاً و221 مسكناً، ونسبة الدور 92.1 ونسبة الشقق 6.6 بالمئة ونسبة الدور الطينية 4 بالعشرة من المئة.

ويقول المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان العراقية، استبرق صباح، إن "مخرجات التعداد السكاني كشفت للوزارة المعطيات الحالية ومدى النقص الحاصل على مستوى المشاريع السكنية وقطاع الطرق والجسور وما إلى ذلك، وهذا مفيد لرسم السياسات والاستراتيجيات المستقبلية لمشاريع الوزارة ذات العلاقة".

حاجة لـ3 ملايين وحدة سكنية

ويوضح صباح لوكالة شفق نيوز، أن "العراق بحاجة إلى أكثر من 3 ملايين وحدة سكنية، وبما أن السكن العمودي يمتاز عن السكن الأفقي بأنه يوفر مساحات من الأرض، كما يوفر الكثير من كلف البناء وإمدادات البنية التحتية، ويخلق نوعاً من الألفة الاجتماعية بين الساكنين في المجمع السكني الواحد، فأن الوزارة اتجهت نحو السكن العمودي في المشاريع الجديدة بنسبة تقدر من 10 إلى 20 بالمائة في كل مدينة سكنية جديدة".

لكن الباحث الاقتصادي، عبد السلام حسن حسين، يقول إن "التعداد السكاني تجاوز 45 مليون نسمة، بحسب ما تم الإعلان عنه رسمياً، لكن هذا الإعلان جاء رغم عدم وصول فرق التعداد للكثير من المناطق لغاية الآن".

ويرى حسين خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "الاستعجال بإعلان نتائج التعداد كان لكسب ود رأي الشارع، حيث كان من المفترض إكمال التعداد أولاً وبعدها يتم إعلان النتائج، وبالتالي الأرقام الحالية هي غير دقيقة، فيما تشير التوقعات إلى أن أعداد السكان قد تصل إلى 53 مليون نسمة عند تغطية كل المناطق في العراق".

ويتابع، "عموماً، العراق بحاجة إلى 4 ملايين وحدة سكنية على أن لا تتجاوز مساحة الواحدة منها عن 100 متر اختصاراً للزمن والسرعة في التنفيذ، ويفضل أن يكون البناء صباً خرسانياً أي من (الطابوق والتسليح والأساس الجيد والربط المحكم)، وليس الصب الجاهز، كون الأخير معرض للانهيار أمام متقلبات الطبيعة والأعاصير والرياح".

أزمة سكن عميقة

من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي، أحمد عبد ربه، أن "التعداد السكاني كشف عن عمق أزمة السكن في العراق التي تحتاج إلى حلول جذرية، فيما تسببت المنازل العشوائية والأرضي الزراعية بضغط كبير على مشاريع الخدمات (الماء والمجاري) في المناطق النظامية، وبالتالي أثرت على الخدمات المقدمة للمواطنين".

ويقترح عبد ربه خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، حل أزمة السكن عبر اتجاهين، "الأول بتوفير أراضي مخدومة للمواطنين وبيعها لهم بأسعار مناسبة، والثاني بوجود شركة لتسويق هذه الشقق بأسعار تنافسية على عكس ما يحصل حالياً في المجمعات السكنية التي تشهد أسعاراً خيالية، ولا يمكن لأي مواطن حتى من أصحاب الدخل المتوسط الشراء منها".

بدوره، يعزو الخبير الاقتصادي، كريم الحلو، أزمة السكن في العراق وارتفاع الأسعار إلى أن "التنمية ليست بالمستوى نفسه بين المحافظات لذلك تحصل هجرة من مكان لآخر بحثاً عن العمل، وبعد أن كانت المجمعات السكنية لمن لا يمكن السكن وبتكلفة البناء فقط، تم إلغاء هذا الأمر عام 2018".

ويبين الحلو لوكالة شفق نيوز، أن "إلغاء هذا القرار سمح للتجار الظلمة الدخول إلى سوق العقار ورفع الأسعار، وبعد أن كانت الوحدة السكنية 250 مليون دينار أصبحت مليار دينار".

غسيل أموال

ويرى، أن "شراء التجار لمئات الوحدات السكنية هي عبارة عن غسيل أموال بعد التضييق على عمليات التهريب إلى الخارج، لذلك صار الاتجاه إلى شراء العقارات ما رفع أسعارها بشكل جنوني".

وينوه إلى أن "المجمعات السكنية يفترض أن تكون على أنواع لتشمل الطبقات المختلفة (الفقيرة والمتوسطة والعليا)، فيما يلاحظ قلة المجمعات السكنية العمودية، بل أغلبها مجمعات أفقية، وهذه تحتاج إلى مساحة وبنى تحتية أكبر، وهي مشكلة رئيسية".