شفق نيوز / للعام الرابع على التوالي تتواصل حملات الإعمار في مدن محافظة الأنبار غربي العراق، محققة تقدما واضحا على نظيراتها في المحافظات الأخرى المنكوبة باحتلال تنظيم "داعش"، وما تلاها من عمليات عسكرية تسببت بدمار واسع في البنى التحتية والمنشآت المدنية والمنازل.
لكن سكان مدن "أعالي الفرات" وهي التسمية الخاصة بالمدن الواقعة أقصى غرب الأنبار وأبرزها "هيت وعنه وراوه وآلوس وجبة والقائم والرطبة والرمانة وحصيبة، والحقلانية وحديثة" وبلدات أخرى، يؤكدون أن هناك "تمييزا من قبل مسؤولي المحافظة في حملات الاعمار"، إذ يتم التركيز على مدن الفلوجة والرمادي والكرمة والحبانية والخالدية، في مشاريع الأعمار والتأهيل بينما يتم تجاهل مدنهم من أي مشاريع إعمار خاصة فيما يتعلق بمجال البنى التحتية.
ويفسر سكان تلك المدن هذا التمييز بأسباب عدة منها أن مسؤولي المحافظة أغلبهم من مدن الفلوجة والرمادي، وآخرون يعتبرون أن التركيز على هذه المدن وإهمال مدنهم نابع من كونها تمثل ثقلا انتخابيا بفعل كثافتها السكانية، وآخرون يعتبرونها أنها بسبب كونها واجهة الأنبار وأن الإعلام لا يصل إليهم لبعد المسافة عنهم.
وفي هذا السياق، قال محمد العاني وهو من سكان قضاء عنه 130 كم غرب الأنبار، إن "مسؤولي الانبار الحاليين يخدمون من يعتقدون أنه سينتخبهم مرة أخرى".
وأضاف العاني، لوكالة شفق نيوز، أن "اهتمام الحكومة المحلية في الانبار بالمناطق الشرقية دون الغربية، بات واضحا، ومشاريع البناء والأعمار في المحافظة تنفذ بمناطق عشائر المسؤولين المتنفذين في الانبار، فضلا على المناطق التي تكون ممراً للزوار والوفود القادمة من باقي المحافظات قاصدين مبنى ديوان المحافظة".
وتابع "منذ عودتنا إلى المدينة بعد تحريرها ولغاية يومنا هذا ونحن نعيش على المولدات الأهلية لتجهيز الطاقة الكهربائية، ولم يتم تنفيذ أي عمل لتأهيل أبراج نقل الطاقة التي دمرت أثناء الحرب".
واستطرد العاني، متسائلاً "أليس تأهيل ابراج كهرباء مدينة يسكنها أكثر من 20 ألف نسمة، أولى من إنشاء مول في الرمادي أو الفلوجة؟".
أما مدينة حديثة، وهي من المدن القليلة التي لم تسقط في الأنبار بيد تنظيم داعش، لكنها تعرضت لحصار خانق وعمليات قصف شبه يومية تسببت بضرر ليس ببسيط في أغلب مناطقها.
فرأى فواز الجغيفي، في حديث لوكالة شفق نيوز، أن مدينته "اسم بلا مسمى فسكانها يعيشون على خدمات ما قبل سقوط النظام السابق، والمحزن هو أنها أيضا خرجت أعضاء برلمان ووزراء حالها كحال الكرمة والرمادي".
وتحدث قائممقام مدينة راوه 120 كم غرب الانبار، حسين علي، بشيء من اليأس، قائلا "يبدو أن الموضوع بات مشهوراً جداً"، في إشارة الى رصد الاعلام ظاهرة الإهمال بالمدن الغربية.
وأوضح علي، لوكالة شفق نيوز، "ليس هناك داعٍ للتعليق حول هذا الأمر، كونه لن يقدم شيء او يؤخر، نعم توزيع المشاريع وتخصيص الأموال للأقضية يكون حسب النسب السكانية، لكن مع ذلك فإن الاقضية الغربية مغبونة في كل شيء".
وأضاف أن "مدن الغربية هي أقل اهتمام من باقي مدن المحافظة بكثير، حيث إن موازنات مدن الرمادي والفلوجة انفجارية، في حين موازنات مدن الغربية متواضعة جداً".
وأشار علي، إلى أن "الضرر الأكبر من الحرب ضد داعش قد أصاب المدن الغربية ومنها راوه، ودليل ذلك هو أن البرلمان اقر بأنها من المدن المنكوبة، وعلى هذا القرار يفترض ألا تحاسب مدينة راوه على مسألة النسب السكانية".
وتابع "بما أن راوه اعتبرت من المدن المنكوبة، فيجب عدم تطبيق قانون النسبة السكانية بتخصيص المشاريع والأموال إليها، ويجب دعم القضاء بمشاريع أكبر تسهم بإعادة البنى التحتية المدمرة إلى الخدمة ودعم الاستقرار وتشغيل أكبر عدد من العاطلين عن العمل، للحد من ظاهرة البطالة المنتشرة في المدينة".
وكان نائب محافظ الانبار للشؤون الفنية جاسم العسل، قد تحدث في وقت سابق لوكالة شفق نيوز، عن المشكلة، وبين حينها "أن ذلك يعود لتوزيع المشاريع حسب الكثافة السكانية".
وأشار العسل، إلى أن "خطة إعمار الأنبار شملت جميع المدن، لكن هناك مشاريع لا يمكن تنفيذها سوى في قضاء الرمادي مركز المحافظة، مثل البنايات الحكومية المركزية، وليس من المنطق بناؤها بمدينة أخرى، وكما هو الحال بالنسبة لمدينة الفلوجة، فالكثافة السكانية التي تتميز بها عن باقي المدن والقرى والنواحي التابعة لها، تجعلنا أمام التزام أكبر في الاهتمام بها أكثر من باقي المدن".
ولفت إلى أن "مدن الرمادي والفلوجة والكرمة هي مدخل المحافظة وواجهتها، ومن الضروري الاهتمام بها كي تعطي صورة مشرقة تمكن الزوار والوفود من رؤية الانبار بأبهى صورة".