شفق نيوز/ عادت الحياة الى طبيعتها منذ ثلاثة أعوام في الموصل وباقي المدن المحررة، إلا أن الجرحى وذوي الشهداء والمفقودين ما زالت حياتهم مضطربة ومرهونة بتزكية من الأجهزة الأمنية تؤيد انهم مواطنون صالحون ولم تتلوث ايديهم بدماء الابرياء، لكن الامر ليس بهذه السهولة فقد تستغرق هذه التزكية أكثر من عام لتصدر.
في الاجتماع الاخير لوكلاء مجلس الامن الوطني، تقرر الغاء كافة التصاريح الامنية المفروضة على الشركات والمقاولين في المحافظات المحررة والعودة الى الوضع الطبيعي كباقي المحافظات العراقية مع توجيه الاجهزة الامنية والاستخبارية باتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه أي حالة تستوجب.
فرحة لم تدم
بعد هذا القرار ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر الغاء التصاريح الامنية حيث ظن اهالي المدن المحررة انها الغيت نهائياً ولم يعودوا بحاجة اليها في معاملات تعويض المتضررين من العمليات العسكرية وضحايا الارهاب، غير ان فرحتهم هذه لم تدم حيث ما زال التصريح الأمني يسري على المواطنين.
تقول هدير رياض، في حديثها لوكالة شفق نيوز، انها كانت سعيدة بسماع هذا الخبر في البداية لكنها صدمت بأن الغاء التصاريح الامنية حصرا للشركات والمقاولين ولا يشمل المواطنين، وان كابوس التدقيق الامني الذي يلاحقها هي وابنها اليتيم ما زال قائماً حتى اليوم.
هدير رياض تنتظر اكمال معاملة زوجها الشهيد منذ أكثر من ثلاثة اعوام ولغاية الان لم تتقدم خطوة واحدة.
وتوضح رياض أن زوجها لقي حتفه بقصف لداعش على منزلهم في منطقة المشاهدة الواقعة في المدينة القديمة بالموصل، وبعد انتهاء عمليات التحرير بدأت بترويج معاملة زوجها التي استغرقت قرابة العامين حتى وصلت الى اللجنة الفرعية لتعويض المتضررين وضحايا الارهاب، ومنذ أكثر من عام ومعاملتها متوقفة بانتظار التصريح الأمني.
7000 معاملة معطلة
ومثل هدير هنالك الاف المعاملات المتوقفة على التصريح الامني، فقد اكد مصدر من داخل اللجنة الفرعية لشفق نيوز، ان هنالك قرابة سبعة آلاف معاملة لشهداء وجرحى ومفقودين جميعها متوقفة بسبب التدقيق الامني.
واشار الى ان آخر وجبة من الاسماء وصلت قبل ستة أشهر تقريبا ولم ترد بعدها أي وجبة أخرى، في حين كان التدقيق الامني سابقا يجرى في المحافظة لكن هنالك من فرض أن يكون التدقيق الأمني من بغداد حصراً وهذا ما جعل الامر اكثر صعوبة وتعقيدا وانعكس على ذوي الشهداء والمصابين والمفقودين فأصبح التدقيق الامني اشبه بكابوس يلاحق ضحايا الارهاب في نينوى.
ضحايا الإرهاب والروتين
يقول الناشط في المجال الإغاثي والمدون سعد عامر لشفق نيوز، ان "استثناء شركات المقاولات والصيرفة وغيرها أمر طبيعي وبديهي فقد مر على تحرير المحافظة أكثر من ثلاث سنوات ولم يبقى لذلك اي مبرر، ولو كان هنالك جدية في التعامل مع أبناء المحافظة بانصاف فيجب إلغاء التدقيق الأمني والتصريح الذي يلاحقهم في كل مكان يذهبون إليه".
ويتساءل عامر "هل من المعقول ان الموصل ما زال فيها عناصر من داعش لكي تحتاج الاجهزة الامنية كل هذا الوقت لتدقيق موقف المواطن؟، هذه طامة كبرى بحق الموصل وبحق الاجهزة الامنية والاستخبارية الموجودة فيها أيضا".
ويضيف "تخيل ان شخصا فقد عينه او قدمه او يديه بسبب داعش ولم يبقى لعائلته معيل وبعد سنوات من المعاناة يبقى منتظرا أكثر من عام ليحصل على تدقيق أمني يقول انه ليس إرهابياً؟. انا لا اعترض على التدقيق الأمني وهو شيء إيجابي لكن على ان لا يتجاوز 40 يوماً او شهرين اما ان يبقى لعام واكثر فهذه كارثة حقيقية ومأساة لا يمكن السكوت عنها".
وختم عامر بالقول "ما يجري اليوم هو أشبه بالعقوبة المتعمدة لمن بقي في هذه المدينة تحت وطأة السيف ولو كانت الحكومة العراقية جادة في إنصاف ضحايا الارهاب لما كان الوضع على هذا الحال لكن للاسف هم اليوم ضحايا الاهمال والتهميش الحكومي ايضاً".
60 يوما كحد اقصى
النائب عن محافظة نينوى، شيروان الدوبرداني، يقول في حديثه لشفق نيوز، ان "المدة التي تستغرقها التصاريح الامنية غير منطقية ولا مقبولة ولا يمكن بقاء الوضع على هذا الحال، هذا التاخير يفتح أبواب الفساد إذ يضطر المواطنين للبحث عن طرق اخرى من اجل اكمال التصريح الأمني".
ويؤكد الدوبرداني انه سيفاتح نواب نينوى من اجل ايجاد حل لهذا الموضوع وايجاد الية حقيقية تضمن عدم تأخر التصريح الامني لأكثر من 60 يوم كحد اقصى اما بقاء وضع ذوي الشهداء والمفقودين وضحايا الارهاب على هذا الشكل فلا يمكن القبول به مطلقاً.