شفق نيوز/ تشهد الساحة السياسية العراقية في الآونة الأخيرة زيادة ملحوظة لتحركات رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، داخلياً وخارجياً، حيث زار بغداد مراراً وعقد سلسلة اجتماعات مهمة مع المسؤولين العراقيين، كما توجهت إلى العاصمة الإيرانية طهران في زيارة وُصفت بـ"التاريخية"، التقى خلالها بكبار المسؤولين هناك.
وما إن عاد إلى أربيل حتى توجه بعد أيام قليلة صوب العاصمة بغداد مجدداً حيث التقى فيها رئيسيّ مجلس القضاء الأعلى، والمحكمة الاتحادية العليا، ليعقد بعدها اجتماعاً مع رئيس الحكومة الاتحادية محمد شياع السوداني.
وبالتزامن مع تواجد بارزاني في العاصمة الاتحادية، وصل إلى بغداد مساء أمس الثلاثاء، وفد كوردي برئاسة وزير المالية والاقتصاد في حكومة إقليم كوردستان، لمناقشة تعديلات قانون الموازنة وتحديداً تلك المتعلقة بحصة الإقليم.
ويرى معنيون أن زيارات بارزاني المتكررة إلى بغداد تحمل عدة رسائل ومضامين، أبرزها تقريب وجهات النظر لفك عقدة الملفات العالقة بين بغداد وأربيل منذ سنين دون حلّ، وكذلك التأكيد على حقوق الإقليم الدستورية والقانونية.
وبهذا الصدد، يقول مستشار رئاسة إقليم كوردستان، خيري يوزاني، لوكالة شفق نيوز "نستطيع القول إن هذه الزيارة والزيارات السابقة لرئيس إقليم كوردستان إلى بغداد، ساهمت في إعادة فتح قنوات الحوار والاتصال بين أربيل وبغداد، بعد فترة من التوتر والتصعيد".
ويضيف "وأيضاً تناولت الزيارات مناقشة عدد من القضايا المهمة العالقة بين الجانبين، مثل الملف المالي، والوضع في إقليم كوردستان، والملفات المشتركة الأخرى".
ويشير إلى أنه "بالمجمل هي زيارات إيجابية وتدعو إلى التفاؤل بمستقبل العلاقات بين الطرفين، ولكن الأمر يتطلب متابعة حثيثة من قبل الجانبين لترجمة نتائجها على أرض الواقع وتحقيق تقدم ملموس في حلّ القضايا العالقة".
ويؤكد يوزاني أن "الزيارات والمباحثات تتركز على الحوار مع الحكومة العراقية لحلّ الخلافات العالقة، خاصة المالية منها، مثل رواتب موظفي إقليم كوردستان، كما يسعى رئيس الإقليم إلى التأكيد على حقوق إقليم كوردستان الدستورية، بما في ذلك حقه في تقرير مصيره وإدارة موارده الطبيعية".
ويوضح أن "الزيارات تهدف أيضاً إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع الحكومة العراقية وجذب الاستثمارات إلى إقليم كوردستان، كما ويركز رئيس الإقليم على ضرورة إيجاد حلول مشتركة للقضايا التي تهمّ الشعبين الكوردي والعراقي، مثل الأمن ومكافحة الإرهاب، كما يُظهر التزامه بحلّ الخلافات مع بغداد من خلال الحوار والتفاوض السلميين".
وحول الرسائل التي يريد رئيس الإقليم إيصالها من خلال هذه الزيارات، يبين مستشار رئاسة الإقليم "أعتقد أن ما يريده رئيس الإقليم هو إرسال رسالة مفادها أن إقليم كوردستان شريك أساسي للحكومة العراقية، وأن التعاون بينهما ضروري لتحقيق الاستقرار والازدهار في العراق ككل، لاسيما أنه في كل مرة يؤكد على التزام الإقليم بالقانون والدستور العراقي، كما ويريد أن يقول لبغداد إن إقليم كوردستان منطقة مستقرة وآمنة وجاذبة للاستثمار، وأنه يسعى جاهداً لتحقيق التنمية والازدهار لشعبه".
من جانبه، يرى الباحث في الشأن السياسي ياسين عزيز، في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "هذه بداية مرحلة جديدة وهناك قرار من قبل القيادة الكوردية ومن رئيس الإقليم بأن يكون تواجده مستمراً ومتكرراً في بغداد حيث أننا شهدنا زيارتين له الشهر الماضي وهذه الزيارة أيضاً مهمة، خاصة بعد زيارته الناجحة إلى إيران".
ويتابع "أتصور أن زيارات رئيس الإقليم المتكررة إلى بغداد ولقاءاته سواء الحزبية أو السياسية أو الحكومية مع المسؤولين تعطي دافعاً جيداً وحافزاً قوياً لمعالجة القضايا العالقة بين أربيل وبغداد".
وحول الاتفاقيات بين الجانبين، يقول عزيز إن "هناك اتفاقيات سياسية وإدارية سواء بين الأحزاب أو الحكومات، لذا أتصور أن تنفيذ الاتفاقيات والالتزامات السابقة كفيل بمعالجة القضايا وستكون هناك فعلاً معالجة مستدامة وإزالة لجميع المسائل وتفكيك لجميع الأزمات والعقد التي كانت موجودة بين أربيل وبغداد بين الحين والآخر".
ويلفت إلى أن "هناك توجهاً خاصاً لدى رئيس الإقليم وسمعناه مراراً يقول إن الإقليم بدأ يعتبر أن عمقه في بغداد وأن المعالجات يجب أن تكون مع بغداد وفيها، والحضور المستمر والقوي لرئيس الإقليم في بغداد يعطينا انطباعاً بأن القيادة الكوردية وشخص رئيس الإقليم له نية في التواجد الفاعل وإزالة أي سوء تفاهم أو أزمة تمر بها العلاقة بين أربيل وبغداد".
وكان رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، قد زار بغداد في 27 نيسان/ أبريل الماضي، وأجرى مباحثات مع رئيس الوزراء الاتحادي محمد شياع السوداني، كما التقى رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، والعديد من زعماء الأحزاب والكتل السياسية الشيعية والسنية.
كما شارك في كل من اجتماع الإطار التنسيقي للأطراف الشيعية، والاجتماع الدوري لائتلاف إدارة الدولة الذي استمر حتى وقت متأخرمن الليل، وأكد بارزاني على الرغبة الجادة للإقليم في حل الخلافات والقضايا العالقة مع الحكومة الاتحادية وفقاً لبنود الدستور الدائم للبلاد.
ومن أربيل عاصمة إقليم كوردستان توجه بارزاني في الخامس من شهر آيار/ مايو الجاري إلى العاصمة الإيرانية طهران، في زيارة هي الخامسة خلال 11 عاماً، حيث التقى هناك بالمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وكبار القادة السياسيين الإيرانيين، ليعود بارزاني يوم أمس الثلاثاء في زيارة إلى العاصمة بغداد مجدداً.