شفق نيوز- بغداد

قال مركز الخليج للأبحاث في دراسة بحثية إن الخطوة الرمزية التي نفذها مقاتلو حزب العمال الكوردستاني (PKK) بإحراق أسلحتهم في كهف بمحافظة السليمانية في تموز/يوليو الماضي، تمثل نقطة تحول تاريخية في مسار الحزب ونهاية فعلية لعقود من العمل المسلح.

وجاء في القراءة البحثية التي أعدّتها د. رشا العزاوي تحت عنوان: تسليم سلاح حزب العمال الكردستاني: قراءة في مواقف الجماعات الكردية في منطقة الشرق الأوسط. أن نحو 30 عنصرًا من الحزب، نصفهم من النساء، شاركوا في هذه الخطوة العلنية، في وقت كان قد سبقها إعلان من زعيم الحزب عبد الله أوجلان بحل الحزب من الناحية الأيديولوجية، قبل أن يصادق المؤتمر الثاني عشر على الحل التنظيمي رسميًا في مايو 2025.

وأشارت الدراسة إلى أن هذا التحول يأتي بعد تراجع نفوذ الحزب في الداخل التركي وتعرضه لضربات أمنية وعسكرية منذ عام 2016، إلى جانب تغيّرات إقليمية أفقدته جزءًا كبيرًا من الدعم الدولي السابق.

ومع ذلك، حذرت الورقة من أن القرار لم يُنفذ بشكل كامل، إذ لا تزال بعض الفصائل المرتبطة بالحزب تواصل نشاطها، بما في ذلك PJAK في إيران، الذي أعلن رفضه التخلي عن السلاح، ووحدات YBS في سنجار العراقية التي لم تلتزم باتفاق الانسحاب.

وأشارت إلى أن تركيا، التي وصفت الحدث بـ"النصر"، طالبت بخطوات إضافية تتضمن تفكيك البنية السياسية والاستخباراتية للحزب، فيما رأت في الخطوة فرصة لتعزيز التعاون مع بغداد وأربيل في ملفات الأمن وإعادة الإعمار في مناطق النزاع.

كما تناولت تداعيات هذه التطورات على الملف الكوردي في سوريا، حيث وقّعت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن اتفاقًا مبدئيًا مع دمشق لإدماج هياكل الحكم الذاتي ضمن مؤسسات الدولة، وسط اعتراض تركي واضح ومخاوف داخلية من الفصائل غير الكردية المنضوية تحت لواء "قسد".

ترى الدراسة أن الوضع في إيران لا يزال أكثر تعقيدًا. فـ PJAK يواصل عملياته المسلحة على الحدود العراقية–الإيرانية، ويُعد من أكثر الجماعات تنظيمًا داخل الأراضي الإيرانية، لكن طهران تتعامل معه وفق مقاربة مزدوجة تجمع بين الرد العسكري والتوظيف السياسي بحسب الظرف.

وبحسب العزاوي، فإن استمرار PJAK كذراع فعالة يعقّد تنفيذ الاتفاق الأمني الثلاثي الموقع في مارس 2023 بين بغداد وأربيل وطهران، ويضع الملف الكوردي الإيراني في خانة الصراعات المؤجلة.

كما تستعرض الورقة الانقسام السياسي الكوردي داخل العراق، بين حزب الديمقراطي الكوردستاني (KDP)، المتقارب أمنيًا مع أنقرة، والاتحاد الوطني الكوردستاني (PUK)، الذي يحافظ على علاقات مع YPG وقيادات من PKK.

وتشكل سنجار – وفق البحث – نموذجًا مصغّرًا لهذا التداخل، إذ تواصل فصائل الحشد الشعبي وبعض الميليشيات الموالية لـ PKK السيطرة على المنطقة، في تحدٍّ مباشر لاتفاقات الانسحاب، ما يمنع عودة النازحين ويعقّد عمليات الإعمار.

وخلصت الدراسة إلى أن تسليم السلاح بحد ذاته لا يشكّل نهاية للصراع، بل يفتح الباب أمام مرحلة انتقالية تتطلب التزامًا إقليميًا ودوليًا بإعادة دمج الفاعلين السابقين وضمان حقوق الكورد ضمن أطر الدولة الوطنية.