شفق نيوز/ الإنسان كائن اجتماعي بطبعه؛ ولكنه بشكل فريد بارع في استخدام نظم التواصل للتعبير عن الذات وتبادل الأفكار والتنظيم.
والتفاعل الاجتماعي بين البشر أسفر عن ظهور عدد واسع ومتنوع من المعايير الأخلاقية والقيم الاجتماعية والطقوس التي تشكل عملياً الكثير من أسس المجتمع الإنسانية. كذلك يتميز الإنسان بحسه الجمالي وتقديره وتذوقه للجمال وهو ما يبعث في الإنسان الحاجة للتعبير عن الذات والإبداع الثقافي في الفن والأدب والموسيقى. ومن المعروف عن البشر أيضاً رغبتهم في الفهم والتأثير على محيطهم البيئي وحاجتهم للبحث والاستفسار عن الظواهر الطبيعية، ومحاولة فهمها ومعرفة القوانين التي تضبطها، من هنا ظهرت الحاجة الى الكلام واللغة وبحكم تعدد البيئات واختلاف جغرافيا السكن ظهرت العديد من اللغات التي تختلف باختلاف تلك البيئات والجغرافيا المكانية، وبتطور العلوم الحديثة وانحسار المسافات بين الامم بفعل وسائل النقل والتوصيل اصبح الاختلاط والتفاعل بين المجتمعات المختلفة والقوميات المتباينة اللغة اصبح هنالك عظيم الحاجة الى ما يسهل التواصل اللغوي بينها فبرزت الحاجة الى القواميس ملحة جدا.
ويعرف القاموس بانه عبارة عن مرجع للكتاب يسرد الكلمات، ويعطي معاني لها، بالإضافة إلى وظيفته الأساسيّة في تعريف الكلمات، وقد يوفّر القاموس معلومات عن نطق الكلمات، وأشكالها النحوية ووظائفها، وعلم أصولها، وخصائصها النحويّة، وهجاء البديل والمتضادات، وتوفير اقتباسات توضّح استخدام الكلمة، وقد تكون مؤرّخة لتظهر أول استخدامات معروفة للكلمة بالمعنى المحدّد.
واللغة الكوردية شأنها شأن باقي لغات المعمورة لغة مستقلة بذاتها ويحتاج المتكلمون باللغات الاخرى الى قواميس خاصة لفهم مفرداتها اللغوية وكذلك عندما يحتاج المتكلم باللغة الكوردية الى قواميس تشرح له معاني تلك المفردات في لغته.
القواميس الكوردية ظهرت مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وكانت هناك قواميس كثيرة لغاية يومنا هذا لسنا بصدد الاشارة اليها هنا بقدر ما نحن بصدده من قاموس جديد ظهر الى النور باسم "قاموس صادق العربي - الكوردي" للكاتب والمترجم صادق رواندوزي، فهو مخاض ثلاثين عاما من العمل المتواصل في جمع الكلمات، ليتوج أخيرا ويرى النور بتنقيح من الاديب والمترجم الكوردي الفيلي جلال زنكابادي.
ويقول صادق رواندزي في حديث خاص لوكالة شفق نيوز، انه بحث واستشار العديد لحين وقوع الاختيار على زنكابادي للقيام بمهمة تنقيح القاموس والذي استغرق ثلاثة أعوام في مراجعة الكلمات البالغ عددها 86 الف كلمة مقسمة على 22 الف كلمة عربية واكثر من 44 الف معنى ومرادف باللغة الكوردية، وصدرت طبعته الأولى في 883 صفحة من القطع الكبير.
بدوره يقول الأديب جلال زنكابادي في حديث لوكالة شفق نيوز، ان هذا القاموس رغم حجمه المتواضع ليس رقما مضافا الى سابقيه فهو معين مشهود للطلبة والمترجمين والادباء والباحثين والراغبين في تعلم اللغتين الكوردية والعربية لما يتميز به عن اغلب سابقيه في ذكر التسلسل الالفبائي للحروف العربية مع حسابها بالتسلسل الابجدي، فضلا عن تدوين المفردات العربية بدون (الـ) التعريف الا في حالات الواجب.
كما يشير زنكابادي انه تم ادراج صيغتي المفرد والجمع لاكثر المفردات العربية الواردة في القاموس لزيادة الفائدة، مع ادراج افعال وعبارات وجمل عن الضرورة والاهتمام بتشكيل التحريك لمفردات العربية لضبط تلفظها بغية ضبط معانيها ودلالاتها.
كما يوضح زنكابادي ان المؤلف لم يدرج المفردات العربية الميتة والمهجورة التي تضخم حجم القاموس وتثقله دونما جدوى، مقابل الاكثار من المفردات الحية المستخدمة أدبيا واعلاميا والمتداولة في الحياة اليومية.
كما يضيف بالقول "أسعدني الاشتغال في القاموس نحو ثلاث سنوات، في جو تسوده الثقة والمودة والتفهم....وختاما لامناص من التذكير بقول الاديب والمعجمي الانكليزي الشهير صموئيل جونسن (يتوق كل من يؤلف كتابا الى المديح، أما من يصنف قاموا، فحسبه ان ينجو من اللوم".
ويقوم صادق رواندوزي حالياً بتنقيح القاموس واعداده لطبعة ثانية، ليكون اوسع وأكبر حجما ويحتضن كلمات ومصطلحات جديدة، ويضيف "المكتبات في العراق تحتاج إلى هذا النوع من القواميس".
كما يقول رواندوزي ايضا "الاهتمام والترحيب الذي حظيت به الطبعة الأولى من قاموس صادق في بغداد ومدن جنوب ووسط العراق واهتمام الكتاب والمثقفين والمواطنين العرب، أثبت صحة خطوته في مجال تقوية أواصر التآخي بين الجانبين".
وبحسب مراقبين فان قاموس صادق يعد من القواميس المهمة، وأخذ مكانته بين القواميس الاخرى، وتكمن أهمية هذا القاموس بأنه یذكر المفردات المتعددة للفظ الواحد، مراعيًا ورود معانيها في اللهجات الكوردية المتعددة، لذا فهو ضروري للدارسين والمترجمين والباحثين.
--------------------------------------
نبذة من حياة المؤلف صادق رواندوزي:
- صادق جوهر رواندوزي (1964) مواليد رواندوز- اربیل، حيث أكمل دراسته الابتدائية والإعدادية فيها.
- خريج كلية الآداب - جامعة بغداد 1990
- حصل على الماجستير في إدارة الأعمال الجامعة اللبنانية – الفرنسية (اربيل) – 2014 عن بحثه الميداني الخاص بسجون إقليم كوردستان وكيفيّة إدارتها والذي صدر لاحقا ككتاب بعنوان (هكذا تكلّم سجن المحطّة) باللغة العربية - 2015
- اصدر مجموعة شعريّة باللغة الكورديّة بعنوان (دل و خاك = القلب والارض) - 2012
- له مجاميع شعرية جاهزة للنشر (باللغة العربية)
- انخرط في النضال السرّي في 1983واصبح أحد قادة التظاهرة الطلابية ضد النظام البعثي المباد في راوندوز، وتم اعتقاله ثلاث مرات وتعرّض للتعذيب والملاحقة.