شفق نيوز/ عندما كان أحمد نجم طفلاً يلعب في شوارع كوردستان، لم يكن يتخيل أن مسيرته المهنية ستحقق له تقديراً عالمياً كمصور صحافي.
ترعرع مع خمسة اخوة يكبرونه بالعمر، ولم يكن الالتحاق بمدرسة للتصوير خياراً، إذ في الواقع، لم تكن هناك معاهد للتصوير في كوردستان.
ولم تكن فكرة ان تكبر في ظل حكم صدام حسين في الثمانينيات والتسعينيات، شيئا سهلا، ولم يكن هناك استثمار في الفنون، ولا جامعات تعلم الصحافي كيفية كتابة اخبار عما يجري لئلا تتسرب الى العالم الخارجي، لم يكن هناك تشجيع للتفكير الحر والفردي، وذلك بحسب تقرير لموقع "انتيربرنير" الهندي، ترجمته وكالة شفق نيوز.
وإذا كان قدر لأحمد نجم ان يكون اكبر سناً ويلتقط صورا كالتي جعلته الان مشهورا على مستوى العالم، لكان على الارجح اختفى في احدى الليالي على غرار ال250 الف انسان الذين اختفوا على أيدي رجال المخابرات العراقي في وقت صدام حسين.
وسار احمد نجم على خطى شقيقه الاكبر كامران، وذهبا سوياً الى المناطق التي ضربتها الحروب في العراق فيما بعد العام 2000، لتسجيل ما شاهداه هناك، ووثقا النزاعات المختلفة التي قادت لاحقا إلى سقوط صدام حسين، وبطريقة ما تمكنا من ايصال هذه الصور الى خارج العراق ليشاهدها العالم في ظل الفوضى التي كانت قائمة.
وبعيد سقوط صدام حسين، حظي العراق ببعض الهدوء قبل ان يتحرك تنظيم داعش، وخلال العقد الماضي اندلع القتال في كافة انحاء العراق. وكان كامران يتحرك شمالا وجنوبا وغربا وشرقا للحصول على "السبق" التصويري الاهم.
وكان التصوير في فترة الحرب يتطلب التقاط صور من الاشتباكات الاكبر والاكثر وحشية، وكانت هناك رغبة بمعرفة من الذي عانى أكثر، واين كانت تنفجر القنابل وحصيلة الضحايا هي التي كانت تحكم بمصداقية قصتك. بذل كاماران واحمد نجم، جهودا مركزة لتحقيق ذلك، وكشفا لشبكة "سي ان ان" الاميركية حقائق عن الضحايا البشرية في العام 2012.
وبما انه لم تكن هناك معاهد تصوير لتعلمهما، فإن كاماران واحمد نجم، تعلما بالطريقة الصعبة، من خلال المحاولات والوقوع في الأخطاء. وكان هذا الجهد هو الذي جعلهما يطلقان شركتهما الخاصة للتصوير، وفي 2009، تم اطلاق "وكالة ميترو غرافي" التي مقرها في السليمانية بحسب موقعها على الانترنت، والتي جمعت مصورين محترفين في العراق تمكنوا من الوصول الى قلب القصص، وهي الوكالة الاولى من نوعها.
في حزيران/يونيو العام 2014، ضربت المأساة حياة نجم، عندما اختفى شقيقه كامران اثناء قيامه بعمله في التصوير، ويعتقد انه داعش اختطفه، ولم يسمع عنه شيئا منذ ذلك الوقت.
وتكريما له، قام أحمد نجم بتحويل احد طوابق مبنى وكالة التصوير الى متحف مخصص لاعمال شقيقه كاماران التي تعكس جهده الدؤوب من اجل الحقيقة، واظهار الكلفة البشرية للحروب في العراق، عوضا عن التركيز فقط على بشاعتها.
المأساة حفزت أحمد لتحقيق المسيرة المشهودة له الان، لكنه مع ذلك، لو كان لديه الخيار، لاختار عودة شقيقه. وفي الوقت نفسه، فان احمد نجم يتابع السير على خطاه، راصدا ومسجلا بدقة الحقيقة بأكثر صورها انسانية.