شفق نيوز/ نتائج انتخابات تشرين الماضية والتي أظهرت تراجعاً كبيراً في نسبة التصويت وعدد المقاعد البرلمانية التي حصلت عليها قوى الإسلام السياسي في إقليم كوردستان العراق، تسببت بـ"صراعات محتدمة" داخل "جماعة العدل الكوردستانية"، وفقاً لما علمت به وكالة شفق نيوز، من مصادر مطلعة.
وانعكست تلك النتائج بصورة مباشرة على الكثير من الأحزاب بما فيها الإسلامية، فقوى الإسلام السياسي في إقليم كوردستان العراق، التي قدمت برامج واشتغلت على أجندة لم تكن تنال رضا القواعد الشعبية الناخبة في إقليم كوردستان على الدوام، بالرغم من تجربة عشرات السنوات التي ظلت خلالها هذه الأحزاب تعمل كقوى شرعية ونظامية في الإقليم، دون أية مضايقات سياسية أو تنظيمية أو إعلامية.
وفي هذا السياق أبلغت مصادر مطلعة وكالة شفق نيوز عن وجود صراعات داخلية محتدمة في اروقة "جماعة العدل الكوردستانية"، "الجماعة الاسلامية الكوردستانية" سابقا.
بدأ هذا الصراع بعد عقد المؤتمر الرابع للجماعة وخصوصا بعد تراجع حظوظ الحزب في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حيث حصلت الجماعة على مقعد واحد. وحسب المصادر فإن "هذه النتيجة لم ترق لامير جماعة العدل الكوردستاني علي بابير والذي بدأ بإجراء تغييرات في مناصب ومقاعد تنظيمات الحزب وفي قيادات تلك التنظيمات".
هذه التحركات قوبلت بموقف متشنج من بعض قيادات الحزب، فمنهم من اعتبرها تفردا ومنهم من وجدها خطوات غير مدروسة، بحسب المصادر.
وأوضحت أن "تحركات بابير وجهت بتيارين أو قوتين داخل الاحزب اولها قيادة في المجلس العام للحزب وقيادات التنظيمات المتضررة من التغييرات التي أجراها امير الجماعة".
اما التيار الاخر هو تيار النهضة الذي تواجد منذ زمن طويل داخل حزب ( كومل) و الذي اصبح يعرقل تحركات علي باپير.
وعن أسباب هذه المشكلات يجد المحلل السياسي الدكتور كارزان عبد الرحمن في حواره مع وكالة شفق نيوز أن أسباب هذه النزاعات تعود لقيام امير الحركة بتقريب بعض أقاربه لدفة حكم الحركة وذلك لضمان تمرير قراراته المتعلقة بسياسته وتوجهاته.
ويضيف أن "لهذه الصراعات لها امتدادات خارجية مبنية على اساس ولادة نهضات "الإسلام السياسي" والتي لها امتدادات عميقة من حيث الزمان والمكان، إضافة إلى رغبة بعض المتطرفين للوصول إلى مناصب متقدمة في هذه الأحزاب التي تمتلك مكانة سياسية واضحة في اقليم كوردستان العراق".
ولم يستبعد عبد الرحمن دعم هؤلاء المتطرفين من بعض الدول الخارجية لزعزعة الأوضاع في كوردستان.
وعن تأثير تلك الصراعات على الوضع العام في كوردستان أوضح عبد الرحمن، ان "لتلك الصراعات تأثيرات بالغة على العملية الديمقراطية، فبوصول أشخاص متشددين أو من يمثل أطراف ودول متشدد حسب وصفه إلى مراكز متقدمة في تلك الأحزاب التي تشترك في صناعة القرار في كوردستان فاكيد سيكون لهم تأثيرهم في العملية الديمقراطية".
كما وتوقع أن يكون للأحزاب السنية العراقية دور في تغذية الخلاف الحاصل داخل الأحزاب الاسلامية في كوردستان وذلك من خلال الهيمنة الفكرية عن طريق تلك الأحزاب بواسطة الأموال و النفوذ الذي يمتد إلى الخارج.
فيما يقول المحلل السياسي فاخر عز الدين أن غياب المضامين السياسية والإيديولوجية، جعل صراعات الحركة الإسلامية الداخلية سلطوية وشخصية فحسب، وهو ما أفرز عدداً لا نهائياً من الانشقاقات ضمن الحركة طوال السنوات اللاحقة، والتي يُمكن ذكر أبرزها في العام 1999 عندما توفي زعيم الحركة عثمان عبد العزيز، وانتقال الزعامة إلى أخيه علي عبد العزيز، بينما أخوه الآخر صديق عبد العزيز كان قد أسس “حركة النهضة” الإسلامية في كوردستان، قبل أن تندمج هذه الحركة مع تنظيم الحركة الإسلامية في كوردستان وحركة حماس الكوردية، التي كان يتزعمها عمر البازياني، والذي كانت تربطه علاقات مع المقاتلين الإسلاميين العابرين للحدود في أفغانستان.
وقد تفككت الحركة بعد أقل من عامين، وعادت حركة حماس الكوردية إلى إطارها التأسيسي الأصلي، فيما قاد علي بابير الجماعة الإسلامية المُسلحة في كوردستان وأنشأ الملا كريكار جماعة اسمها “المجموعة الإصلاحية”، التي تلاقت مع العديد من المجموعات الإسلامية غير الكوردية التي تجمعت في المناطق الجبلية العصية من الإقليم، وشكلت “حركة أنصار الإسلام”، التي كانت مُقربة من تنظيم القاعدة، ونفذت أحكاماً قاسية للغاية في المناطق التي سيطرت عليها، في أقصى شرق العراق، خلال السنوات 2001-2004.
واضاف عز الدين أنه "في المرحلة التي تلت الغزو الأميركي للعراق، انقسمت الحركات الإسلامية في إقليم كوردستان إلى تيارين متباينين تماماً، أحدهما تيار تجسد في العديد من التنظيمات الإسلامية التي قبلت التعاون مع حكومة إقليم كوردستان العراق الموحدة، على أساس نزع السلاح مقابل القبول بها كتنظيمات سياسية رسمية ضمن الإقليم، لتبرز تنظيمات مثل الاتحاد الإسلامي الكوردستاني، الذي يعد امتداداً لأفكار جماعة الإخوان المسلمين، كما برزت الجماعة الإسلامية الكوردستانية، أو جماعة العدل الكوردستاني الان التي تُعد أقرب للفكر السلفي.
اما التيار الآخر فهو الذي تتجسد فيه العديد من الحركات الإسلامية، المسلحة بالذات، التي رفضت الاعتراف بشرعية حكومة إقليم كوردستان أو تسليم أسلحتها إلى السلطة الشرعية، التي كانت تتهمها بأنها ذات هوية “علمانية”، وخاضت صراعاً مسلحاً مع قوات البيشمركة التي توجد تحت إمرة حكومة الإقليم، وتتلقى الدعم الأميركي.
واردف غزالدين، أن طوال هذه المرحلة الممتدة (1991-2003)، لم يكن لقوى الإسلام السياسي أي مشروع سياسي واضح ذو أفق ومضامين، خلا اتهام السلطات بهويتها “العلمانية”، والدعوة إلى تطبيق مجموعة من الأحكام على المجتمعات التي تقع تحت سيطرتها، والتي كانت تتركز حول تدريس الشريعة ضمن المناهج المدرسية وتطبيق الأحكام القضائية والدعوة إلى تطبيق أنظمة حُكم شبيهة بما كان يطبقه داعش في مناطق حُكمه، وهو ما كانت تفعله حركة “أنصار الإسلام” في مناطق خضعت لسيطرتها في بيارة وهورمان الجبلية شرق محافظة السليمانية.
وعقدت جماعة العدل الكوردستانية في مطلع العام الماضي ، مؤتمرها الرابع في مدينة السليمانية وأعادت انتخاب علي بابير كرئيس للجماعة، وقد تم إقرار تغييرات جديدة اهمها، تغيير اسم "امير" الجماعة الاسلامية الى "رئيس" الجماعة الاسلامية الكوردستانية، وكذلك تغير اسم الحزب إلى "جماعة العدل الكوردستانية".
وبضغط من الكتلة النسائية في المؤتمر تم رفع تمثيل النساء من 15 بالمائة ليصبح 20 بالمائة.