شفق نيوز – كركوك / السليمانية

في ظاهرة طبيعية مميزة وجذابة، بدأت طيور اللقلق الأبيض تظهر بمشاهد فريدة وهي تبني أعشاشها فوق أعمدة الكهرباء في المناطق الجبلية الواقعة بين محافظتي السليمانية وكركوك، في ظاهرة تجسد انسجام الحياة البرية مع البنية التحتية الحديثة المنتشرة في الريف.

وعن هذه الظاهرة، أوضح الناشط البيئي هلكوت محمد في حديثه لوكالة شفق نيوز، إن "طيور اللقلق تعتبر من الطيور المهاجرة التي تختار مناطق شمال العراق كممر ومكان للتعشيش خلال فصلي الربيع والصيف، حيث تبني أعشاشها الكبيرة التي غالبًا ما تكون فوق الأشجار العالية أو أعمدة الإنارة والكهرباء، مستخدمة الأغصان اليابسة والقش لتهيئة بيئة آمنة لصغارها".

وأشار محمد، إلى أن "اللقطة التي حصلنا عليها تظهر طائرًا يحمل غصنًا صغيرًا يقترب من العش، فيما يقف طائر آخر على العش الذي بدا محتويا على فراخ صغيرة، في مؤشر واضح على استمرار موسم التكاثر الذي تشهده هذه الطيور في المنطقة".

ويُعد اللقلق الأبيض طائرًا معروفًا على نطاق واسع، فهو يمتاز بريشه الأبيض مع أطراف سوداء على الأجنحة، ويشتهر برحلته السنوية الطويلة التي تقوده إلى مناطق الشرق الأوسط ومنها العراق، حيث يتوقف في جبال كوردستان للتعشيش والتكاثر.

ومع أن هذه الظاهرة تُعد جمالية في طبيعتها، إلا أنها تطرح تحديات فنية وتقنية للجهات المختصة بشبكات الكهرباء، حيث قد يؤدي تعشيش اللقالق على أعمدة الكهرباء إلى مخاطر تشمل حدوث تماس كهربائي أو إلحاق أضرار بالبنية التحتية، مما قد يتسبب في انقطاعات كهربائية متكررة في تلك المناطق.

وفي هذا الصدد، قال الناشط البيئي زانا كامران، إن "تعشيش الطيور فوق الأعمدة الكهربائية ظاهرة شائعة في مناطق عديدة من العراق والعالم، وهي تؤكد على أهمية التكيف البيئي لهذه الطيور مع البيئة الحضرية والريفية على حد سواء، لكن من الضروري أن تكون هناك حلول عملية تحمي كل من الطيور وشبكات الكهرباء".

وأضاف كامران في تصريح للوكالة: "ندعو الجهات الحكومية المعنية بالتعاون مع المنظمات البيئية لإيجاد أبراج كهربائية مخصصة تتيح للطيور التعشيش بأمان بعيدًا عن خطر التلف أو التسبب بأعطال في الشبكة الكهربائية".

يشار إلى أن هذه الدعوات تأتي في وقت يتزايد فيه الوعي البيئي في العراق، حيث بدأت مؤسسات عدة بالتوجه نحو الاهتمام بحماية التنوع البيولوجي والحفاظ على البيئة الطبيعية، خاصة في المناطق التي تعيش فيها أنواع من الحيوانات والطيور المهددة بالانقراض.

وقد عبر عدد من السكان المحليين في المناطق الجبلية بين السليمانية وكركوك عن إعجابهم بهذه المشاهد الطبيعية التي تُذكرهم بجمال الطبيعة وتنوعها في منطقتهم، مؤكدين أنهم يأملون في أن تتواصل هذه الظواهر دون أن تسبب أي أضرار للبنية التحتية.

وقالت المواطنة، شرود شكور، إحدى سكان قرى المنطقة، لوكالة شفق نيوز: "أنا أتابع هذه الطيور منذ سنوات، وهي جزء من حياتنا اليومية في الربيع، وأشعر بالسعادة حين أراها تبني أعشاشها، لكنني أيضًا أتفهم المخاوف المتعلقة بسلامة الكهرباء، وأتمنى أن تُوجد حلول مناسبة تحافظ على الجميع".

من جانب آخر، أشار مهندس كهرباء في كركوك، ويدعى فريد عباس، في تصريح للوكالة، إلى أن "الأعمدة الكهربائية ليست مصممة أصلاً لتحمل أوزان الأعشاش الكبيرة، وخاصة عندما تحتوي على فراخ وأغصان كثيرة، مما قد يؤدي إلى إتلاف المعدات أو التسبب في أعطال، لذلك فإن التعاون مع الجهات البيئية لتخصيص أبراج مخصصة يمكن أن يقلل من هذه المخاطر".

يذكر أن التنسيق بين الجهات المختصة في الكهرباء والبيئة في العراق لا يزال في بداياته، مع وجود مبادرات مجتمعية تهدف إلى التوعية بحماية الطيور وتوفير بيئة مناسبة لها، وهو ما يفتح بابًا للتعاون المثمر من أجل مستقبل بيئي مستدام.

في النهاية، تظل ظاهرة تعشيش اللقالق فوق أعمدة الكهرباء في جبال كوردستان صورة حية على التوازن بين الطبيعة والحداثة، وتذكيرًا بأهمية العمل المشترك للحفاظ على التنوع البيئي مع ضمان سلامة البنية التحتية الحيوية في المنطقة.