شفق نيوز/ مساحات شاسعة مزروعة بالمحاصيل الزراعية في قضاء شارزور بمحافظة السليمانية، حيث تعد الزراعة مهنة لأغلب الأهالي هناك، غير أن المشكلة التي تقلق الفلاحين تمكن في الجهة التي يجب أن يسوقوا محاصيلهم إليها بعد أن مرّوا بتجربة صعبة مع الحكومة الاتحادية التي ما زالت لم تسدد مستحقاتهم المالية منذ سنوات.
المزارع مام علي، أحد أولئك القلقين ومتحير إلى أن يسوق محصولي القمح والشعير اللذان حان وقت حصادهما، فبالرغم من تفاؤله بقرار الحكومة العراقية بتسديد مستحقات الفلاحين، إلا أن يخشى من تكرار تجربة عام 2014 التي ما يتسلم مستحقاتها حتى الآن.
سيناريو عام 2014
يقول مام علي لوكالة شفق نيوز، انه لخبر جيد أن تقرر الحكومة العراقية رفع سعر شراء محصول القمح بمبلغ 850 ألف للطن الواحد، "لكن انا قمت بتسليم محصول القمح في عام 2014 للحكومة الاتحادية بطلب من حكومة إقليم كوردستان ولم نتسلم اي مبلغ من الحكومة حتى الان، لهذا أخشى أن يتكرر سيناريو عام 2014".
واضاف "سأبيع محصولي لأي مشترٍ من السوق السوداء إذا أعطاني المال، لأنني لا أثق بالحكومة الاتحادية ولا بالسايلوات".
المستورد ينافس المحصول المحلي
وتابع مام علي "نحن نبذل جهدا كبيرا حتى نجني ثمار محاصيلنا والحمد لله محاصيلنا جيدة، لكن التجار والحكومة تلجأ للمستورد من إيران وتركيا وبأسعار منافسة، لهذا تهمل محاصيلنا دون أن تقدر الجهد الذي بذلناه".
واكد بالقول "لهذا نطالب الحكومة والتجار بدعمنا والالتزام بشراء محاصيلنا لأنها ذات نوعية جيدة وأفضل بكثير من المحاصيل المستوردة".
وزارة الزراعة تقرر رفع السعر
وزارة الزراعة الاتحادية قررت دفع سعر أعلى للمزارعين لتسليم القمح هذا العام، هذا القرار يأتي مع استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا مما أجبر الحكومة العراقية على الطلب من المزارعين بتسليم محاصيلهم للدولة، إلا أنهم متخوفين من عدم الدفع.
وزير التجارة والصناعة في حكومة إقليم كوردستان، كمال مسلم، في حديث لوكالة شفق نيوز، بين أن تخوف المزارعين سببه عدم الثقة بالحكومة الاتحادية حيث انهم لغاية الآن لم يتسلموا مستحقاتهم للأعوام 2014 و2015 و2016.
ورأى مسلم أن عدم تسديد مستحقات الفلاحين "سببه سياسي، لكن بجهود مجلس وزراء حكومة الإقليم وبرلمان كوردستان والنواب الكورد في بغداد تم ادراج تلك الديون في موازنة العام الحالي، لكن تشكيل الحكومة تأخر وكذلك إقرار الموازنة".
واشار الى انه "بعد العام 2016 لم يتأخر صرف مستحقات الفلاحين وتسلموا جميع مبالغهم، وفي العام الحالي الوضع مختلف والحكومة الاتحادية خصصت ميزانية جيدة لشراء القمح من الفلاحين وحتى مبالغ عام 2021 تم تسليمها للفلاحين ونحن كوزارة التجارة في كوردستان جادون بجمع محصول القمح وتسليمه لبغداد، والسعر الذي خصصته الحكومة سعر جيد نسبيا".
خبراء يوصون بتسليم نصف المحصول للدولة
ومع ذلك، يعتقد بعض الخبراء الذين أكدوا لوكالة شفق نيوز، مفضلين عدم عن الكشف عن أسمائهم، أنه يجب على المزارعين "توخي الحذر ومن الأفضل إعطاء بعض قمحهم إلى الحكومة العراقية وبعضه لشركات تسويق القمح لتجنب مخاطر عدم دفع ثمن محاصلهم".
كما يؤكد رئيس اتحاد الفلاحين في السليمانية، طه رحيم، لوكالة شفق نيوز، أن "الفلاح أصبح ضحية للخلاف السياسي بين المركز والإقليم.
واشار إلى أنه "بالإضافة إلى ذلك أدت موجة الجفاف والتصحر إلى تراجع إنتاج المحاصيل الزراعية بما فيه القمح والشعير في ادارة گرميان ومحافظة كركوك، لكن الوضع مختلف في شارزور وبنجوين فإن الإنتاج جيد والمحاصيل وفيرة، والفلاحون سعداء هذا العام بسبب ارتفاع سعر شراء القمح".
ولفت رحيم الى انه "في الاعوام السابقة كانت الحكومة العراقية لا تتسلم جميع الكميات من الفلاح بل تأخذ نسبة قليلة جدا من المحصول أما هذا العام وبسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا فالقمح اصبح ذا أهمية بالغة في العراق والمنطقة فالحكومة هذا العام طلبت جميع الكميات المنتج من القمح".
واختتم حديثه بمطالبة الفلاحين بتسلم القمح الى الحكومة الاتحادية حتى لا يتم استغلالهم من قبل التجار ويقومون باحتكار المنتج ويتلاعبون بالأسعار "فالحكومة تقوم بتسليم المنتج للمواطن دون ثمن وهذا سيساعد المواطنين كثيرا".
كوردستان تنتج مليون طن من القمح
ويعد العراق بيئة صالحة لانتاج القمح والشعير، ويبلغ حجم الإنتاج السنوي في عموم العراق نحو خمسة ملايين طن من القمح، وبحسب الإحصاءات الرسمية التي حصل عليها مراسل شفق نيوز من مصادر حكومية، ينتج مليون طن من القمح سنويا في اقليم كوردستان، بنسبة تصل الى نحو 20%.