شفق نيوز/ تعدُّ اللغة من المبادئ الأساسية للتطوّر الفكري والعقلي للإنسان، ووفقاً للمبادئ العلمية، تسهم اللغة مساهمة مهمة في تكوين القدرات البشرية وتعزيز العلاقات الاجتماعية، ولا سيّما عندما تكون أساساً للتكامل الوطني والعلاقات السياسية لدى أمة معينة.
وبحسب تقرير صدر عن دائرة الإعلام والمعلومات في حكومة اقليم كوردستان، واطلعت عليه وكالة شفق نيوز، ما تزال اللغة الكوردية بكل لهجاتها، وعلى الرغم مما تواجهه من عقبات سياسية وعلمية محلياً وعالمياً، وسيلة مهمة للتعبير لملايين الكورد بوصفها لغةً حيّة، وتعتبر في العصر الحالي لغة الكتابة الفكرية والفلسفية والعلمية.
اللغة والمجال التربوي
التربية هي المبدأ الأول للحفاظ على اللغة، إذ يقول دياكو هاشمي، الخبير والمرشد اللغوي بهذا الصدد، إن "إقليم كوردستان هو الجزء الوحيد من كوردستان الذي أصبح مكاناً للتطوّر العلمي للغة الكوردية.
ونظراً لوجود مدارس ووزارة التربية في إقليم كوردستان، فإن الكوردية هي اللغة الرسمية وفقاً للقانون، وهي لغة تزدهر بشكل مستقل، حيث يتولى العديد من المدرسين تدريس اللغة الكوردية، سواء على مستوى المدارس أو الجامعات.
وقد تم إعداد القواعد النحوية للغة الكوردية على أكمل وجه، وهي أساس لتعزيز اللغة، إلا أن هناك بعض النواقص مثل صياغة النصوص، والتي تستند أحياناً إلى اللغة العربية، أو أن عدم وجود نص موّحد لا يزال يمثل مشكلة، ولا يمكن تجاوز ذلك.
اللغة والمجال التجاري
التجارة واللغة التجارية، هما عامل آخر في بقاء اللغة، ويكمن ذلك في أن المجتمعات التي تؤدي أنشطة تجارية بلغة معينة تحظى بلغة أكثر فاعلية وانتشاراً.
وفي هذا الصدد، دعا عميد كلية اللغات في جامعة صلاح الدين د. عاطف فرهادي، حكومة إقليم كوردستان، ولا سيّما وزارة التجارة، عند منح الرخص للشركات، إلى أن تصبح الكوردية اللغة الرسمية في هذه الشركات حفاظاً عليها، ويجب تدريب أبنائنا على لغتهم الأم، وذلك من خلال جعل لغة السوق والشركات والاقتصاد تعتمد على اللغة الكوردية مما سيسهم في تطويرها".
اللغة والتكنولوجيا
وعلى الرغم من تطوّر اللغة الكوردية، إلا أنها ما تزال الأقل استخداماً في مجال التكنولوجيا، وقال الخبير اللغوي د. صباح رشيد بهذا الصدد: "على الرغم من عقباتها التاريخية ظلت اللغة الكوردية قوية وتمكنت من الدفاع عن نفسها لسنوات عديدة، ويجب أن نكون قادرين على حماية لغتنا في مختلف المجالات، وأحد هذه المبادئ هو محاولة تطوير اللغة الكوردية بشكل أكبر كسائر لغات العالم المتقدمة في التكنولوجيا وأقلمتها مع العالم الجديد، وهذه الظاهرة خدمت لغات أخرى حول العالم بشكل كبير".
ازدهار الفكر القومي واللغة
ويتمحور أحد الآراء بشأن اللغة على ازدهار الفكر القومي، ووفق هذا المعيار، رأى الخبير اللغوي د. نريمان خوشناو أن "اللغة هي هوية قومية، وأي تهديد على اللغة، يمثل تهديداً على الأمة، لذلك نحن جميعاً نحتاج إلى أن نخدم اللغة أكثر، فقد خدمت القيادة الكوردستانية اللغة الكوردية في مراحل مختلفة، فعلى سبيل المثال في اتفاقية في 11 آذار 1970، والتي كانت نتاج نضال الحركة التحررية الكوردستانية وخطوة مهمة في تطوير اللغة الكوردية، كانت هناك 13 نقطة بشأن اللغة الكوردية من إجمالي 15 نقطة في الاتفاقية، وتنص إحداها على: "يجب أن يكون التعليم في المناطق الكوردية باللغة الكوردية".
من جانبه، قال الخبير اللغوي د. عبد الله حسين: "كانت اللغة الكوردية سبباً في ثوراتنا ونضالنا لنصل إلى هذه المرحلة، فاللغة الكوردية هي هوية الأمة الكوردية، فإذا كانت هناك لغة، فستكون هناك الأرض والأمة والتاريخ والثقافة"، داعياً حكومة إقليم كوردستان، ومن خلال دوائرها الرسمية، إلى "إيلاء المزيد من الاهتمام باللغة الكوردية".
وبدورها، رأت الخبيرة اللغوية د. شيلان عثمان، أهمية الحرص على أن يتحدث أطفالنا بلغتهم الأم وأن يتعلموا اللغة الكوردية، ولا ينبغي أن يكون للغات الأجنبية تأثير على لغتنا، لأن تبعاتها الكثيرة ستعقّد اللغة الكوردية بالنسبة لأطفالنا، من حق كل طفل أن يتعلم لغة جديدة، ولكن لا ينبغي تجاهل اللغة الأم".
وكذلك، قالت د. مزكين شعبان رئيسة قسم اللغة الكوردية في جامعة صلاح الدين: "وفق دراسة أجرتها منظمة اليونسكو، فإن 30% من الجيل الأول في كل أمة، يبدأ التحدث بلغة أجنبية، مما يعني أن اللغة الأم تضعف وقد تتلاشى، لذلك من المهم جداً زيادة الاهتمام باللغة الكوردية داخلياً والعمل على تطويرها باستمرار".
وفيما يتعلق بإجراءات تعزيز اللغة الكوردية، رأى الخبير اللغوي دياكو هاشمي: "يجب زيادة الاهتمام بالكتابة والصياغة الكوردية، وجعل اللافتات وأسماء الأماكن باللغة الكوردية، ويجب تخصيص أماكن رسمية حتى يتسنى للناس طرح الأسئلة والمشاكل المتعلقة باللغة، فضلاً عن إنشاء مجمع لغوي في مختلف المجالات العلمية، وتثبيت هذه المصطلحات في دوائر الدولة".