شفق نيوز/ بالرغم من زخم المارة في شوارعها، إلا أن أسواق السليمانية ليست كعادتها في كل عام، حيث تشهد حالة من الركود الملحوظ وقلة التبضع مع قرب حلول عيد الفطر، والأسباب في ذلك متعددة، منها ارتفاع أسعار المواد والسلع، والانخفاض الكبير في القدرة الشرائية لدى الموظفين وأصحاب الأجر اليومي والدخل المحدود فضلا عن الخلافات السياسية الداخلية والخارجية وتأثيرها على حياة المواطنين .
هذا العيد يمثل تحديا
وتقول السيدة سوزان السورميري في حديث لمراسل وكالة شفق نيوز، إن هذا العيد تحدٍ جديد أمام الطبقة الفقيرة وحتى المتوسطة ومحدودي الدخل، بسبب عدم إقرار قانون الموازنة بعد مرور الثلث الأول من العام الحالي 2024، وعدم إيصال حصة الإقليم من الموازنة الاتحادية وما تبعها من تأخير صرف المرتبات الشهرية، فضلاً عن عدم ثبات الأسعار وتذبذب سعر صرف الدولار في السوق الموازي.
الأسعار مرتفعة
استطلعت وكالة شفق نيوز، آراء عدد من المواطنين في أسواق السليمانية ، حيث اشتكوا من استمرار غلاء أسعار الملابس، وكعك العيد، والمواد الغذائية، واللحوم، وحتى الذهب الذي يعد من السلع التي يزداد الطلب عليها قبيل العيد كون الزواج مرتبط عادة بالأعياد والمناسبات، وعلى الرغم من إعلان حكومة الإقليم خفض الرسوم والضرائب أمام استيراد بعض المنتجات في محاولة لمعالجة حالة ارتفاع أسعار السلع والمواد التي تشهدها الأسواق.
وحمّلت سوزان التجار مسؤولية الارتفاع في الأسعار، لأنهم استغلوا حاجة الأُسر التي اعتادت على شراء المواد الغذائية، والمعجنات استعداداً لاستقبال أيام العيد، وما سبقها من احتياجات الشهر الفضيل.
وطالبت السورميري الجهات الحكومية والرقابية بضرورة التدخل السريع ووضع حد لما يعتبره "استغلال التجار" خلال فترة العيد، وهو ما يزيد العبء ويثقل كاهل المواطنين.
فيما تأكد الناشطة ثائرة العگيلي في حديثها لوكالة شفق نيوز، أن جميع الاسواق في الاقليم خاصة، والعراق عامة اعتادت على ارتفاع سنوي في أسعار المواد الغذائية واللحوم مع اقتراب عيد الفطر والأعياد الأخرى بسبب زيادة الطلب على هذه المواد، حيث تنشط الأسواق ويزداد المتبضعون فالتسوق قبل بداية رمضان يكون أشبه بنشاط شعبي عراقي متوارث، وايضا قبل أيام من حلول العيد تكون حركة الأسواق نشطة بالنسبة للمحال والمولات، ونرى هنا استغلال بعض التجار لهذه الظاهرة (غلاء الاسعار)، وهذا الأمر ليس بالجديد، ويحدث باستمرار لضعف الرقابة على السوق والسيطرة على الأسعار من قبل الجهات التنفيذية المختصة.
وأشارت الى أن المواطنين يعانون من تبعات أزمة سعر صرف الدينار أمام الدولار، ونحن نلاحظ ومنذ بضعة اعوام، يعاني ملايين الناس في اقليم كوردستان العراق اوضاعا حياتية صعبة للغاية، بسبب تلكوء وصول المستحقات المالية لأكثر من مليون موظف و متقاعد بصورة شهرية منتظمة، ولان طبيعة الحراك الاقتصادي بشقيه الاستهلاكي والإنتاجي متداخلة ومترابطة الى حد كبير، فإن ازمة الرواتب في الاقليم لم تقتصر وتنحصر في تداعياتها واسقاطاتها على الموظفين والمتقاعدين والفئات الاخرى التي تتقاضى رواتب حكومية، وإنما امتدت الى مختلف الشرائح الاجتماعية.
وقالت العگيلي إن الحلول والمعالجات الجزئية الترقيعية لم تفلح في احتواء وتطويق الازمة ان لم تكن قد زادت من تعقيداتها وتشابكها مع مرور الوقت.
وبدوره يقول رئيس لجان المراقبة والمتابعة في السليمانية كوران قادر في حديثه لمراسل وكالة شفق نيوز، إن "الأسعار مستقرة ونحن قارنا الاسعار الحالية واسعار السوق قبل شهر او شهرين، ونحن في عملية المتابعة والمراقبة نعتمد على قائمة الأسعار التي تصدر من دائرة الرقابة التجارية في السليمانية، ونعمل على ضوئها ولم تقدم لنا شكوى بصدد ارتفاع الأسعار .
ومن جانبه بين رئيس اتحاد المستوردين والمصدرين في كوردستان شيخ مصطفى عبد الرحمن في تصريح لوكالة شفق نيوز، أن أسعار السلع الغذائية مستقرة هذا العام لأسباب رئيسية، وهي كون الطلب أقل هذا العام بسبب الازمة المالية وكذلك امتلاء مخازن الإقليم بالسلع الغذائية، مؤكدا عدم معرفته بأسباب ارتفاع سعر الذهب في الأسواق .
وناقشت ادارة قائمقامية السليمانية خلال اليومين الماضيين آليات الحفاظ على التوازن بين المنتجات المحلية والمستوردة، وقرر الاجتماع التنسيق مع الجهات ذات العلاقة لتلبية طلب المواطنين ومنع ارتفاع الأسعار، والاعتماد على الدجاج وبيض المشاريع المحلية والسماح باستيراد اللحوم الحمراء والحيوانات الحية والأسماك.
الدولار وعدم استقراره
يقول التجار إن ارتفاع الأسعار ليس بأيديهم، إذ يواجهون مشاكل كبيرة تتعلق بانخفاض القدرة الشرائية لدى المواطنين، موضحين أن بضائعهم بقيت في المخازن بسبب قلة الإقبال على الشراء.
وقال احد بائعي الجملة في السليمانية ، إن الأسواق ومحال البيع الفرعية التي تبيع بالتجزئة تشتري مختلف السلع والبضائع بالجملة من المخازن والشركات الكبرى، وأغلب هذه الشركات تستورد البضائع من الخارج بأسعار الدولار الرسمية المدعومة من قبل البنك المركزي وعن طريق نافذة بيع العملة، وهي المسؤولة عن تحديد الأسعار في الأسواق، حيث يشتري صغار التجار بضائعهم من هذه الشركات التي ترفض تخفيض الأسعار تارة بحجة ارتفاع سعر الدولار وتارة اخرى بسبب عدم استقرار سعر الصرف للدولار .
وفي الأثناء أعلن ممثل سوق صاغة الذهب في محافظة السليمانية عن ارتفاع أسعار الذهب بصورة كبيرة، وقال دلير طاهر ممثل سوق صياغة السليمانية في تصريح لوكالة شفق نيوز، إن سعر الذهب ارتفع ارتفاعا تاريخيا، ووصلت لأسعار خيالية هذه الأيام، مشيرا الى تداعيات الصراعات الدولية والحروب، و تراجع قيمة الدولار الأمريكي في الأسواق العالمية ووجود مناسبة أعياد الطائفة المسيحية، وتأثيرها على ارتفاع أسعار جميع المعادن في الأسواق العالمية.
فيما يوضح البروفيسور الدكتور خالد حيدر الاستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة السليمانية في حديثه لمراسل وكالة شفق نيوز ان السوق العالمية تتأثر بعاملين مهمين أولهما سعر النفط واستقرار الدولار، فالان عدم استقرار سعر الدولار و التخوف منه، دفع بالمواطنين للبحث عن الضمان والاستقرار في القيمة للحفاظ على أموالهم، فالذهب أكثر استقرارا اضافة الى الطلب العالمي على الذهب بصورة مستمرة .
ويشير الى أن عدم استقرار الدولار يجعل من التجار والمستثمرين متخوفين من عملية استثمار اموالهم بسبب عدم ثبات سعر الدولار كونهم لايتوقعون ماذا سيحدث؟، وهذا ماينعكس على حركة السوق، وهذا يدفع التجار للذهاب باستثمار اموالهم بالاشياء التي يضمن بيعها ويتوفر لها سوق عالمي ودائم كالذهب، او بعض التجار والمستثمرين يتوقفون من الحركة التجارية خوفا من نتائج عدم استقرار سعر الدولار.
ويجد رئيس اتحاد المستوردين والمصدرين في كوردستان شيخ مصطفى عبد الرحمن أن عدم استقرار الدولار يؤثر سلبا على حركة السوق كون بعض التجار لا يستطيعون التوقع بما سيؤول له الوضع في حال عدم استقرار الدولار.
القرارات الحكومية والرسوم الضرائب
ويجد خالد حيدر ان تقليل الرسوم والضرائب يؤثر على حركة السوق احيانا ايجابية لكن من جانب آخر تؤثر تلك القرارات على واردات الاقليم ويكون الضغط على الواردات النفطية لمساعدة المواطنين .
وفي الاثناء يشير اسو عمر المتحدث الرسمي باسم سوق الجزارين في السليمانية في حديثه لوكالة شفق نيوز ان اي قرار يصدر من الحكومة بصدد تقليص الرسوم والضرائب يتطلب وقتا لتنفيذه وانعكاسه بصورة كاملة على حركة السوق، فقرار تقليل الرسوم على أسعار اللحوم مثلا لم ينعكس بصورة مباشرة على حركة السوق و على سعر اللحوم فنحن توقعنا ان تأثير القرار سيكون واضحا بعد عطلة العيد .
ويضف أن أغلب التجار لديهم بضاعة تكفي على الاقل لمدة عشرة أيام وهذا يعني أن التجار اشتروا بضاعتهم بالتسعيرة القديمة ولا يستطيعون بيعها بأقل سعرا، لكن أي قرار يتخذ يحتاج على الأقل عشرة الايام لبيان آثاره على السوق.
ويؤكد رئيس اتحاد المصدرين والمستوردين انهم فاتحوا حكومة الإقليم في السادس من شهر آذار/مارس المنصرم لغرض تقليل الرسوم على استيراد اللحوم وقد استجابة الحكومة بتقليل نسبة الرسوم على الحيوانات المستوردة بنسبة 50% .
وكانت حكومة الإقليم اقرت يوم 27 آذار/مارس الماضي جملة من القرارات أهمها خفض الضرائب على استيراد اللحوم الحمراء بنسبة 50 ٪، وجاء هذا القرار بعد ارتفاع أسعار اللحوم بصورة كبيرة في أغلب أسواق الإقليم والعراق.