شفق نيوز/ وجه صحفي أميركي بارز أولى الانتقادات لخيارات الرئيس المنتخب جو بايدن، بعد اختياره الجنرال لويد أوستن وزيرا للدفاع في الإدارة الجديدة، مشيراً إلى أن الأخير هو من قاد الانحساب الأميركي من العراق والذي كانت له تداعيات سلبية كاحتلال تنظيم داعش لمساحات واسعة في العراق.
وقال الصحفي ايلي ليك، في مقال نشره على موقع "بلومبيرغ" الاميركي، ان أحد أغرب الجوانب التي بناء عليها اختار الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن، وزير دفاعه الجنرال المتقاعد لويد أوستن، هو الطريقة التي أدار بها أوستن عملية الانسحاب الأميركي من العراق عام 2011.
وكان بايدن قد كتب في مجلة "اتلانتيك" الاميركية، انه اختار أوستن بسبب الطريقة التي أدار فيها عملية الانسحاب العسكري الاميركي من العراق في العام 2011، مشيرا الى ان الانسحاب "تطلب اكثر من مجرد مهارة واستراتيجية عسكري مخضرم. تطلب الامر من أوستن ممارسة الدبلوماسية، وبناء العلاقات مع نظرائه العراقيين ومع شركائنا في المنطقة".
وذكر ايلي ليك، ان بايدن كان يعرف ماذا يجري، باعتبار انه كان الرجل المكلف من باراك اوباما بالملف العراقي عندما كان نائبا للرئيس. لكن المحير في المسألة ان بايدن قال انه قام باختياره بسبب ادارة اوستن لهذه العملية، ولم يقل انه "بالرغم من" ادارته لهذه العملية التي مثلت انسحابا اميركيا من العراق.
واضاف "لقد كان قرار العام 2011، خطأ استراتيجيا قام اوباما وبايدن بعمل عكسي له في العام 2014، بعدما قام جيش داعش باحتلال ثاني اكبر المدن العراقية وكان يهدد بغداد نفسها".
واشار ليك الى ان السبب الرئيسي لموافقة اوباما على انسحاب شامل للقوات من العراق، هو ان أوستن وبايدن والسفير الاميركي لدى بغداد جيمس جيفري، فشلوا في جعل البرلمان العراقي يوافق على بند يضمن الا تتم محاكمة الجنود الاميركيين المتبقين امام محاكم عراقية.
وبحسب ليك، فانها مسألة تبدو تفصيلا تقنيا، الا ان كل الاتفاقات المتعلقة بانتشار القوات الاميركية في دول اجنبية تقريبا تتضمن بنودا كهذه.
واشار الى ان جيفري نشر ورقة بحثية بعد خروجه من منصبه في بغداد لاحقا، ان رئيس الوزراء والرئيس العراقيين، ابلغاه ان البرلمان كان مستعدا للموافقة على استمرار وجود قوة عسكرية صغيرة، لكنه لن يدعم الاستثناء من القانون العراقي. وبعدها، اعلن البيت الابيض الانسحاب الكامل.
واعتبر ليك ان أوستن لا يستحق ان يتحمل الملامة الكاملة على هذا الفشل. وكانت ادارة اوباما بطيئة في تحديد حجم القوات الاميركية التي ستبقى في العراق طوال العام 2011. وعندما استقرت الادارة الاميركية لاحقا على عدد الخمسة الاف عسكري، شعر القادة العراقيون الذين كانوا في البداية مؤيدين لاستمرار تواجة القوات الاميركية، ان بالقلق من ان التزام اوباما لم يكن جديا.
وبالاضافة الى ذلك، فان ادارة اوباما فشلت في اقناع رئيس الحكومة نوري المالكي بتقاسم السلطة مع الحزب الذي كان اكثر تأييدا للاميركيين والذي كان قد حاز على العدد الاكبر من الاصوات في انتخابات العراق العام 2010.
ولعدة اسباب، اصبح الانسحاب الكامل من العراق مشكلة بالنسبة الى مصالح الولايات المتحدة بمجرد ان غادرت القوة الاميركية الاخيرة. فعلى سبيل المثال، كان غياب الوجود العسكري الاميركي يعني انه لا وجود لقوة يعتد بها داخل العراق لردع الخصوم الاقليميين من استخدام مجاله الجوي. وبدأت ايران بعدها بقليل، بارسال طلعات جوية عبر العراق الى سوريا لاعادة امداد النظام وحلفائه من الميليشيات هناك.
اما المالكي، فقد صار متشجعا أكثر بعد مغادرة كل القوات الاميركية، وحاول اعتقال احد نواب رئيس الوزراء، واعلن ما يشبه الاحكام العرفية في محافظة الانبار حيث امضت الولايات المتحدة سنوات طويلة قبلها، تحاول اقناع زعماء العشائر بتغيير ولاءاتهم، والقتال ضد تنظيم القاعدة.
وفي نهاية المطاف، اضطر اوباما الى اعادة ارسال قوات الى العراق ثم لاحقا الى سوريا. أوستن كان وقتها قد تمت ترقيته ليتولى منصب قائد القيادة المركزية التي تشمل منطقة الشرق الاوسط. وساعد أوستن في اعداد عناصر الاستراتيجية العسكرية التي أفضت الى الحاق الهزيمة بداعش بعدما اصبح دونالد ترامب الرئيس.
واشار ليك في مقاله الى ان ما يستعرضه هنا لا يتعلق بمحاولة القول ان دور أوستن في الانسحاب الاميركي في العام 2011، كان يقوض من أهليته، فقد كان أوستن يخدم رئيسا اقام حملته الانتخابية على اساس انهاء حرب العراق. ويقول بايدن ان قيادة أوستن لانسحاب القوات الاميركية من العراق أظهرت حرفية في اللوجستيات وهو أمر سيكون مهما لوزير دفاع سيشرف على توزيع لقاح كوفيد-19.
الا ان موقف بايدن في مجلة "اتلانتيك" لدعم ترشيحه لاوستن، مربك في الوقت نفسه. فانسحاب العام 2011 من العراق، كان خطأ تسبب به خطأ في الديبلوماسية. وختم ليك مقالته بالقول "على المرء ان يأمل ان يكون بايدن قد تعلم من تجربته. وزير دفاعه لويد أوستن، يظهر انه لم يتعلم".