شفق نيوز / كشفت صحيفة أمريكية، اليوم السبت، إن أوروبا "تكافح" من أجل إنتاج ما يكفي من ذخائر لنفسها ولأوكرانيا، وهو الأمر الذي يُعرِّض القدرة الدفاعية لحلف شمال الأطلسي ودعمه كييف للخطر، مشيرة إلى أن ألمانيا تمتلك مخزوناً من الأسلحة يكفي (14 يوما فقط) في حال وقوع هجوم روسي عليها.
وقالت صحيفة (The Wall Street Journal)، في تقرير نشرته نقلا عن مسؤولين وقيادات في مجال الصناعات الدفاعية إن "أوروبا وهي موطن لبعضٍ من كبار مُصنِّعي السلاح في العالم، تكافح من أجل إنتاج ما يكفي من ذخائر لنفسها ولأوكرانيا، إذ يسهم نقص الطاقة الإنتاجية، وقلة العاملين المتخصصين، واختناقات سلاسل التوريد، والتكاليف العالية للتمويل، وحتى اللوائح والقوانين البيئية، في كبح جهود زيادة الإنتاج، وهو ما يضع الغرب وأوكرانيا أمام تحدٍّ جديد العام المقبل ( 2023).
سباق لإعادة التسليح
من جهة أخرى تتحول حرب الاستنزاف بين روسيا وأوكرانيا الآن إلى سباق لإعادة التسلُّح بين موسكو والأعضاء الأوروبيين بـ"الناتو"، الذين يهرعون لتدعيم دفاعاتهم، في ضوء التهديد المتنامي الذي يُشكِّله الكرملين.
من جانبه قال نيكو لانغه، وهو مسؤول كبير سابق بوزارة الدفاع الألمانية، إنَّه لا توجد دولة بحلف الناتو، باستثناء الولايات المتحدة، تملك مخزوناً كافياً من الأسلحة لخوض حرب مدفعية كبرى أو قدرة صناعية لبناء مثل هذه الاحتياطيات، مؤكداً أنَّ الناتو لن يكون قادراً على الدفاع عن أراضيه في مواجهة الخصوم الكبار في حال هُوجِم الآن.
كما قال مورتن براندزيغ، المدير التنفيذي لشركة Nammo AS، وهي واحدة من أكبر مُصنِّعي السلاح في العالم، إنَّ النقص الحالي في القذائف والصواريخ يعود بدرجة كبيرة إلى حدوث تحوُّل في العقائد القتالية لحلفاء الناتو في العقود الأخيرة، فبدلاً من التخطيط لمعارك برية على غِرار الحرب العالمية الثانية، ركَّز الحلفاء على الحرب اللامتناظرة المُوجَّهة ضد الخصوم البسطاء.
أوكرانيا تتسلم أسلحة كثيرة
وفقاً لميكال سترناد، مالك مجموعة Czechoslovak Group AS، وهي شركة تشيكية تنتج نحو 30% من إنتاج أوروبا من الذخائر المدفعية، تستخدم أوكرانيا ما يصل إلى 40 ألف قذيفة مدفعية من عيار الناتو (155 ملم) شهرياً، في حين أنَّ كامل الإنتاج السنوي لهذه المقذوفات في أوروبا يبلغ نحو 300 ألف قذيفة. وقال: "حتى لو توقفت الحرب بين عشيةٍ وضحاها، فستحتاج أوروبا إلى ما يصل إلى 15 سنة لإعادة ملء مخزوناتها وفق معدلات الإنتاج الحالية".
في المقابل قال مسؤولون ألمان إنَّ ألمانيا لا تملك حالياً ما يكفي من ذخيرة للاستمرار أكثر من أسبوعين في حال وقع هجوم روسي، وهو ما يقل كثيراً عن متطلبات الناتو التي تقضي بأن يكون لدى أعضاء الحلف مخزون يكفي لثلاثين يوماً من القتال على الأقل.
كما قال فولفغانغ شميدت، مدير مكتب المستشار الألماني أولاف شولتز، إنَّ السبب في ذلك، على الرغم من كون ألمانيا أحد أكبر خمسة مُصدِّرين للسلاح عالمياً، هو عدم امتلاك البلاد صناعة سلاح كبيرة.
أضاف شميدت أنَّ ألمانيا بحاجة لاستثمار 20 مليار يورو (21.21 مليار دولار) فقط كي تُلبِّي متطلبات الناتو بخصوص وجود مخزون ذخيرة يكفي لثلاثين يوم قتال. لكنَّ مسؤولين بوزارة الدفاع قالوا إنَّ الميزانية الحالية تعتزم تخصيص أكثر من مليار يورو (1.06 مليار دولار) بقليل للذخائر في عام 2023.
عقبات أمام التسليح
من جهته قال هانز كريستوف أتزبودين، رئيس جمعية صناعة الدفاع الألمانية، إنَّ واحدة من العقبات أمام إعادة التسلُّح السريع تتمثَّل في التشريع الأوروبي الحالي الذي أعلن أنَّ تصنيع الأسلحة ليس مستداماً، ما أدَّى إلى قطع بعض التمويلات الخاصة عن هذا القطاع.
في حين تُبذَل بعض الجهود لتوسيع الإنتاج بأرجاء أوروبا. فوفقاً لمسؤولين ألمان ورومانيين، ستشارك ألمانيا في تمويل تجديد وتوسيع مصنع يعود للحقبة السوفييتية في رومانيا؛ لصناعة قذائف من عيار الناتو وأنواع متوافقة مع معايير الأسلحة السوفييتية التي تستخدمها أوكرانيا.
من جهة أخرى تُعزِّز الشركات الإنتاج أيضاً، مُتوقِّعةً في بعض الأحيان الحصول على طلبيات من الحكومات. إذ تعمل شركة Nammo النرويجية، وفقاً لمديرها براندزيغ، على إنتاج 10 أضعاف إنتاجها العادي من قذائف المدفعية. وقال سترناد، مالك مجموعة Czechoslovak Group، إنَّ المجموعة ستضاعف إنتاجها من قذائف عيار 155 ملم إلى 100 ألف قذيفةٍ عام 2023. ووقَّعت شركة BAE Systems مؤخراً عقداً بقيمة 2.4 مليار جنيه إسترليني (2.89 مليار دولار) لإمداد وزارة الدفاع البريطانية بالذخائر.