شفق نيوز / تمثل روسيا أكبر مورد في العالم لليورانيوم المخصب، الذي يستخدم في تشغيل المفاعلات النووية، حيث يمثل اليورانيوم الروسي المخصب أكثر من خُمسي احتياجات العالم، حتى إن موسكو تمد المفاعلات النووية الأميركية بربع الوقود المستخدم لتوليد الكهرباء، فيما تقر وزيرة الطاقة الأمريكية بهذه الحقيقة التي تعدها "نقطة ضعف" للأمن القومي والاقتصادي الأمريكي.
وتمتلك شركة روس آتوم الحكومية الروسية أيضاً أسهماً في مناجم اليورانيوم في كندا والولايات المتحدة الأمريكية وقبل كل شيء كازاخستان، مما يجعل الشركة ثاني أكبر منتج لليورانيوم في العالم.
أمريكا في مأزق بسبب اعتمادها على اليورانيوم الروسي المخصب
وينقل موقع (arabicpost) إن "حتى الولايات المتحدة القوى العظمى التي تناصب موسكو العداء حتى قبل غزوها لأوكرانيا والتي طالما انتقدت الأوروبيين لا سيما الألمان لاعتمادهم على الغاز الروسي، هي بدورها تعتمد بشكل كبير على اليورانيوم الروسي المخصب.
واستحوذت روسيا على 16.5% من اليورانيوم المستورد إلى الولايات المتحدة في عام 2020 و23% من اليورانيوم المخصب اللازم لتشغيل المفاعلات النووية التجارية الأمريكية، حسبما ورد في تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية.
ولا تمتلك الولايات المتحدة سوى منشأة تخصيب تجارية واحدة متبقية في ولاية نيو مكسيكو، وهي مملوكة لشركة أوروبية.
ويشعر العلماء الأمريكيون بالقلق من أن روسيا قد تعرقل تشغيل المفاعلات النووية في الولايات المتحدة من خلال وقف إمدادات اليورانيوم، وإذا تحققت هذه المخاوف، فستواجه الولايات المتحدة أزمة كهرباء كبيرة، حسبما ورد في تقرير للنسخة الإنجليزية لموقع TRT التركي.
ووصفت وزيرة الطاقة الأمريكية جينيفر جرانهولم اعتماد الولايات المتحدة على الواردات الروسية بأنه "نقطة ضعف" للأمن القومي والاقتصادي، بينما لفتت الانتباه إلى حقيقة أن قدرة التخصيب الأمريكية قد تضاءلت جزئياً بسبب المنافسة الخارجية من المصادر المدعومة من حكومات عدد من الدول.
ماذا سيحدث للطاقة النووية الأمريكية بدون اليورانيوم الروسي؟
إجابة هذا السؤال بإيجاز هي "انهيار نووي"، حسب تقرير موقع TRT.
وعند بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا، توقع الخبراء الإغلاق الشامل لمحطات الطاقة النووية الأمريكية في حالة فرض واشنطن لحظر على صادرات اليورانيوم الروسي.
لكن ممثلي شركات الطاقة النووية الأمريكية طلبوا من الرئيس الأمريكي جو بايدن عدم حظر واردات اليورانيوم الروسي لتجنب ارتفاع أسعار الكهرباء.
وعلى عكس النفط والغاز والفحم، تعتمد صناعة الطاقة الأمريكية على الإمدادات من روسيا وكازاخستان وأوزبكستان وهما (دولتان حليفتان لموسكو) لما يقرب من نصف احتياجاتهما من اليورانيوم المخصب.
وبينما لم تتطرق العقوبات الأمريكية بعد إلى الوقود النووي الروسي، إلا أن واشنطن تسعى لتقليل اعتمادها على اليورانيوم الروسي المخصب.
وفي شهر مارس/آذار الماضي، قال نيما أشكيبوسي، رئيس معهد الطاقة الوطني بالولايات المتحدة، إن "المرافق الكهربائية الأمريكية تتعاقد الآن للحصول على الوقود الضروري مع شبكة من الشركات والدول حول العالم لتقليل مخاطر انقطاع الإمدادات المحتملة".
في 8 يونيو/حزيران 2022، أفادت وكالة بلومبيرغ عن خطط وزارة الطاقة الأمريكية والمشرعين بتخصيص 4.3 مليار دولار لبناء منشآت خاصة لتخصيب اليورانيوم، في ظل وجود منشاة واحدة بأمريكا فقط وهي ليست ملكاً للأمريكيين ولكن تنتمي إلى الكونسورتيوم الأوروبي URENCO.
ليس من المستغرب أن يعتقد الخبراء أن منافسي شركة روس أتوم الروسية وهما شركتا Orano و URENCO، الأوروبيتان قد يعززون مواقفهم بفضل الوضع الحالي.
يقول الخبراء "من الصعب تخيل كيف يمكن أن تعوض الولايات المتحدة إمدادات اليورانيوم الروسية الضخمة".
ومن المفارقات أن الخوف الأمريكي لا ينبع من عقوبات محتملة ضد شركة روس أتوم ولكن من حقيقة أن موسكو قد تقطع إمدادات الشركة المملوكة للحكومة الروسية.
لماذا اعتمدت أمريكا على غريمتها روسيا في توريد الوقود النووي؟
تشتري الولايات المتحدة اليورانيوم الروسي غير المكلف نسبياً منذ أكثر من 30 عاماً، حسب موقع Kompaniya .
فمنذ عام 1993 إلى عام 2013، استخدم يورانيوم الأسلحة الروسية كمصدر للطاقة في الولايات المتحدة، وذلك بموجب عقد وقع من قبل الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين.
وكبادرة متبادلة تم الاتفاق عليها، دمر الاتحاد الروسي 20 ألف رأس نووي وتلقى 17 مليار دولار من الأمريكيين.
هذا الوقود، الذي تمت تعبئته من قبل الشركة الأوروبية URENCO في مجمعات لمحطات الطاقة النووية الأمريكية، زود الولايات المتحدة بنصف إجمالي احتياجاتها من الوقود النووي.
كما يقولون في واشنطن "بفضل الصواريخ الروسية"، عملت مصابيح الإضاءة الأمريكية لمدة 20 عاماً، وبدورها نجت صناعة الطاقة النووية الروسية بفضل هذه الأموال الأمريكية.
وبدون موسكو، ستنهار صناعة الطاقة النووية الأمريكية خلال فترة تتراوح بين عام وعام ونصف، حسبما قال مصدر أمريكي لوكالة رويترز.
والولايات المتحدة لديها اليوم 96 مفاعلاً نووياً عاملاً، لكن لا يوجد في البلاد منشآت لفصل النظائر خاصة بها، بينما ما يقرب من نصف منشآت فصل اليورانيوم في العالم تقع في روسيا.