شفق نيوز/ سلط موقع دويتشه فيله الألماني، يوم الثلاثاء، الضوء على معاناة الكورد في إيران وما يتعرضون له من اضطهاد وتضييق على حرية التعبير عن الرأي والحق في تقرير المصير.
وذكر الموقع الألماني في تقرير تابعته وكالة شفق نيوز، أن السلطات الإيرانية شنت مؤخراً حملة اعتقالات مواطنيها الكورد، مما أثار استياء منظمات حقوقية غير حكومية دولية، فيما يؤكد مراقبون تزايد الضغوط وحملات المداهمة والاعتقالات ضد الكورد.
وبين أن السلطات الإيرانية اعتقلت 96 كورديا منذ مطلع العام الحالي من دون أساس قانوني وبدون تعليل رسمي، بحسب رسالة للرأي العام العالمي نشرتها منظمة "شبكة كوردستان لحقوق الإنسان" ووقعت عليها 36 منظمة غير حكومية، بينها هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وجمعية الشعوب المهددة.
وأشارت الرسالة إلى أن الاعتقالات طالت ناشطين مدنيين وحقوقيين ومدافعين عن البيئة وكتاب وطلبة وأشخاص لم ينشطوا أبدا سياسيا، ولم يتم إخبار ذوي المعتقلين عن مكان اعتقالهم.
وردت السلطات على سؤال أهالي المعتقلين عنهم بإهانات وتهديدات وحذرتهم من التوجه للرأي العام، كما جاء في الرسالة. والمعتقلون لا يحصلون على إمكانية مساعدة أو دعم قانوني.
تعذيب واعترافات قسرية
ويقول الموقع الألماني، بما أن المعتقلين يُحظر عليهم الاتصال بالعالم الخارجي، فلا يمكن إلا التكهن بالمعاملة التي يلقونها في المعتقل، كما يقول ديتر كارغ، خبير الشؤون الإيرانية لدى منظمة العفو الدولية، موضحا "إذا ما أخذنا ذلك كدليل عما أخبرنا به معتقلون سابقون، فإن الوضع قاتم. الكثيرون تحدثوا عن التعذيب حتى تم انتزاع اعترافات منهم".
وهذه الاعترافات يمكن استخدامها ضد المعتقلين لاحقا في محاكمات غير عادلة، كما تخشى المنظمات الموقعة على الرسالة، كما يمكن اتهامهم في المحكمة بتهديد الأمن القومي.
ويطالب الكورد في إيران بالحكم الذاتي وهو ما ترفضه الحكومة وتراه تهديدا وتخشى أن تطالب الأقليات الأخرى أيضا بذلك.
وأشار الموقع إلى أن أسباب تحرك السلطات الإيرانية هذا غير واضحة، فهي "لم تكشف عن الأسباب التي دفعتها للتحرك ضد مجموعة كبيرة من الأشخاص ذوي انتماءات مختلفة"، كما تقول ياسمين رامسي، مديرة الاتصال في مركز حقوق الإنسان في إيران، الذي يتخذ من نيويورك مقراً له.
وأضافت "تقريبا نصف الذين تم استهدافهم ليس لهم أي علاقة بوسائل إعلام أوتنظيمات سياسية أو منظمات المجتمع المدني، وينطبق هذا بالأخص على ثلاثة شباب أسسوا مكتبة في مدينتهم الرباط"، مؤكدة أن أغلب المعتقلين شاركوا على ما يبدو في تجمع أو كتبوا تعليقا في وسائل التواصل الاجتماعي.
خوف إيراني
منذ أيام الشاه يطالب الكورد في إيران بالحكم الذاتي وحتى بعد الثورة الإسلامية عام 1979، ومن وجهة نظر طهران ستطالب مجموعات أخرى بنفس المطالب إذا ما حصل الكورد على ذلك، يقول مارتين شتروماير، ويالي يالتشين هيكمان في كتابهما "الأكراد: التاريخ. السياسة. الثقافة".
وتعيش الكثير من الأقليات في ايران في مناطق حدودية مع دول أخرى، "وفي ظل هذه الظروف يكون بالنسبة لطهران مطلب الكورد بالحكم الذاتي ممزوجا بطعم الانفصال".
وهذا الموقف تتخذه أيضا حكومات البلدان الأخرى التي يعيش فيها الكورد في المنطقة وهي تركيا والعراق وسوريا، "كما ترفض إيران "مطالب الأقليات الإثنية لأن الإسلام لا يميز بين المسلمين بسبب انتمائهم، حتى أن تعتبر معادية للإسلام" يقول شتروماير ويالتشين-هيكمان في كتابهما.
وفي حال ايران تقدم هذه الأخيرة نفسها منذ عام 1979 كجمهورية إسلامية وبكلمة أدق شيعية، وبغض النظر عن ذلك تبقى إيران دولة متعددة الشعوب، والأقليات الإثنية فيها تشكل نصف مجموع السكان، والمجموعة الأكبر يمثلها الأذربيجانيون (الآذاريون) بنحو 20%، يتبعهم الكورد بنسبة تصل إلى 10%.
وتعيش الأقليات في الغالب في مناطق مهمشة اقتصاديا "لكن ليس فقط اقتصاديا، بل أيضا ثقافيا تشعر الكثير من الأقليات بأنها مهمشة"، كما يقول ديتر كارغ من منظمة العفو الدولية "فهم يطالبون مثلا بأن يتم تعليم لغتهم في المدارس وأن يحافظوا على تقاليدهم والاحتفال بأعيادهم وألا يتعرضون للانتقاص في وسائل الإعلام وأن تحصل مناطقهم على استقلالية أكبر"، وهذا ما تعتبره سلطة الدولة تحديا لها.
فقدان السيطرة
ونظرا للاحتجاجات المتزايدة بين غالبية السكان وحتى الأقليات كما حصل مثلا في تشرين الثاني 2019، فإن سلطة الدولة تخشى على ما يبدو من فقدان السيطرة على البلاد، "بما أنه يوجد في جميع مناطق الأقليات مجموعات معارضة مسلحة يمكن أن تنفذ هجمات، يتم اتهام جميع المعارضين بالارتباط بمجموعات مسلحة"، كما يفيد كارغ من منظمة العفو الدولية.
ومنذ مطلع هذه السنة قامت الدولة بتشديد سياستها تجاه الكورد، كما يقول تيمور ألياسي، مؤسس ومدير أعمال جمعية حقوق الإنسان في كوردستان، التي تتخذ من جنيف مقرا لها.
ويقول ألياسي بأن وسائل الإعلام الحكومية مثل فارس نيوز تقوم بحملات ضد الكورد حيث تقوم بشيطنتهم وتجريمهم، مشيرا الى ان سبب هذه الحملات في الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الثقافي السيء في إيران التي شهدت تدهورا إضافيا بسبب جائحة كورونا.
ومن وجهة نظر النظام الإيراني فإن السياسة القمعية ضد الأقليات جيدة، كما تشرح ياسمين رامسي من مركز حقوق الانسان في ايران التي مقرها في نيويورك، وتقول "السلطات الإيرانية لها حصيلة ناجحة في تنفيذ مداهمات منتظمة ضد الكورد وأقليات أخرى في البلاد، حيث تمنعها بذلك من تنظيم نفسها بشكل جماهيري واسع".