شفق نيوز- لندن

كشف تحقيق صادر عن مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، أن موانئ العاصمة لندن أصبحت مركزاً لسرقة وتهريب السيارات الفاخرة والهواتف الحديثة، حيث ارتفع عدد المركبات المسروقة في البلاد بنحو 75% في السنوات الأخيرة.

وأشار التحقيق إلى أن لندن أصبحت تعرف بـ"عاصمة سرقة الهواتف" في أوروبا نظراً لارتفاع حالات الإبلاغ عن اختفاء تلك الأجهزة وبيعها في أسواق الصين، حسب ما كشفته برامج التتبع.

ولا تقف السرقة عند السيارات والهواتف، بل أصبح المزارعون البريطانيون يعانون من سرقة جراراتهم التي يتم تهريبها عبر الموانئ إلى أوروبا.

وفي الفترة الأخيرة، زاد نشاط العصابات المتخصصة في السرقة والتهريب من المملكة المتحدة، مستغلة نشاط الموانئ وزحامها.

وغالباً ما تتجه المسروقات من السيارات نحو أفريقيا، في حين تذهب الهواتف نحو الصين، والجرارات وأجهزة تحديد المواقع إلى روسيا وأوروبا الشرقية.

وتزامناً مع العولمة وزيادة النشاط التجاري، تغيرت طبيعة الاحتيال وأصبحت عصابات السرقة أنظمة لوجستية متكاملة، تعمل عبر سلاسل إمداد عالمية مدعومة باتصالات مشفرة وخدمات خارجية متخصّصة يمكن أن يطلق عليها "شركة السرقة الكبرى العالمية".

ويقول إيليا غلانتس من مركز أبحاث المعهد الملكي للخدمات المتحدة إن بريطانيا مكان مثالي لهذه الأعمال، نظراً لسوقها الاستهلاكي المشبع وضعف ضوابط التصدير، إذ هناك الكثير من السيارات والهواتف باهظة الثمن التي يمكن سرقتها، ومن السهل الحصول عليها أيضاً.

ويضيف غلانتس أن انخفاض نسبة الردع أسهمت في تصاعد عمليات عصابات الاحتيال، إذ إن الشرطة البريطانية تسهم في حل 5% فقط من الجرائم، ومعالجة 2% من جرائم سرقة المركبات.

وليست المملكة المتحدة وحدها التي تعاني من هذه الظاهرة، بل انتشرت في قارة أوروبا وكذلك دولة كندا، لكن بريطانيا تبقى البلد الأبرز لتفشي هذه العمليات، لكن رغم الانتشار، فإن المملكة المتحدة تعتبر نفسها متلقية للجريمة وليست مصدرة لها كما يقول غلانتس.

وفي ما يتعلق بالسيارات، فقد ارتفعت نسبة السرقات من 90 ألفاً في عام 2020 إلى 130 ألفاً في عام 2024، مما أدى إلى ارتفاع كبير بنسبة 45% في تكلفة تأمين السيارات.

هذه البيانات جعلت المواطنين يعانون من مشكلة سرقة المركبات، إذ يقول دان توملينسون، النائب من حزب العمال عن ضاحية تشيبينغ بارنيت، إحدى ضواحي شمال لندن، إن جرائم المركبات "هي مشكلتي الأولى".

وعادة يستخدم اللصوص معدات متخصصة، وبمجرد أخذهم للسيارة يجعلون عليها لوحات أرقام مزيفة ويستخدمون أجهزة تشويش لتعطيل تتبع نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، ومن ثم ينقلونها، عبر حدود المقاطعات التي غالباً ما يكون التعاون فيها بين قوات الشرطة ضعيفاً.

وبعد دخولها لمقاطعات جديدة لا يتوقّع أن يتم فيها البحث عنها، تُباع لمجموعة تُعنى باللوجستيات.

وفي أغلب الأحيان، تستعين العصابة بفريق ثالث لمنح السيارة هوية جديدة ليس فقط على الأوراق، وإنما بعلامات تتضمن رقم تعريف السيارة، وهو رمز خاص مطبوع على هيكلها، وغالباً ما تستغرق هذه العملية بأكملها -من السرقة إلى الحاوية- أقل من يوم واحد.

وعندما تكون السيارة ذات دفع رباعي من نوع "هيلوكس" التي يبلغ سعرها جديدة نحو 54 ألف دولار أميركي، فإن العصابات تتقاضى على سرقتها 1500 جنيه إسترليني، وإذا تم نقل سيارة "هيلوكس" إلى غرب أفريقيا يمكن بيعها بسعر أعلى من سعرها في بريطانيا.

وفي الفترة الواقعة بين عامي 2021 و2024، كشفت الوثائق أن كل 4 سيارات من 10 تم اعتراضها في موانئ بريطانيا كانت مسروقة ومتوجّهة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية التي تعتبر مركزاً مثالياً لخدمة السوق الأفريقية المتنامية.

كما كشفت الوثائق أن كل سيارة من 5 سيارات تم اعتراضها متوجهة إلى الإمارات العربية المتحدة كانت مسروقة.

أما بالنسبة للهواتف، فتشير التقارير إلى أنه في العام الماضي تمت سرقة ما لا يقل عن 70 ألف هاتف من مدينة لندن، وهو ما يمثل زيادة تفوق الثلث في العام الماضي.

وهكذا فإن بريطانيا أصبحت سوقاً لسرقة الهواتف، وتمثل 40% من مجموع عمليات السرقة في أوروبا.

وفي حين تصدّر غالبية السيارات ذات الدفع الرباعي المسروقة إلى أفريقيا، فإن التحقيقات تشير إلى أن معظم الهواتف المسروقة تُباع في سوق هواكيانغبي في شنتشن بدولة الصين والمصنّف بأنه أكبر سوق للإلكترونيات في العالم.

ومن العوامل التي أسهمت في ذلك أن الطلب على الهواتف المستعملة في الصين هائل، والهواتف التي لا يمكن فتحها تُفكك ويعاد تركيبها في هواكيانغبي.

ووفقاً لدراسة أجراها زيتو وانغ من جامعة جنوب كاليفورنيا، فإن المصدر الرئيسي للهواتف المسروقة التي تم تحديدها في الصين هو بريطانيا.

وفي سياق توسع أعمال العصابات، استُهدفت المزارع البريطانية منذ أن أدى غزو روسيا لأوكرانيا إلى فرض عقوبات على التجارة القانونية.

وفي عام 2023، ارتفعت قيمة المطالبات بأجهزة تحديد المواقع العالمية (GPS) المسروقة بنسبة 137%.