شفق نيوز/
"ماكين ينتقم من ترامب بعد موته"، هكذا وصف ما يحدث في الانتخابات بولاية أريزونا الأمريكية، والتي تعطي عادة أصواتها للجمهوريين، ولكنها تحولت إلى واحدة من الولايات المتأرجحة، وتشهد معركة انتخابية متوترة تتضمن اقتحامات مسلحة لمراكز الانتخابات.
لسنوات أنفق المرشحان الديمقراطيان باراك أوباما وهيلاري كلينتون الوقت والمال في محاولة لقلب أريزونا وتحويل ولائها من الجمهوريين إلى الديمقراطيين، ولكن لم يفز أحد من الديمقراطيين هناك منذ انتصار بيل كلينتون عام 1996.
ولكن ترامب تسبب في تغيير ولو جزئياً للولاء التقليدي في أريزونا للجمهوريين.
قصة ماكين وترامب
ويعتقد أن ما يحدث في الولاية، وتحولها من صوت مضمون إلى مكان للصراع مع الديمقراطيين المتسبب فيه هو ترامب، الذي واصل إهانة السيناتور الراحل جون ماكين حتى بعد رحيله، وهو بطل حرب ومرشح سابق وجمهوري بارز ينظر له سكان أريزونا كبطل.
وكان ماكين السيناتور عن أريزونا من أشد منتقدي ترامب، وقد بقي معارضاً للملياردير الأمريكي حتى وفاته، في أغسطس/آب 2018، وانتقد موقف ترامب خاصة من النساء، وكذلك تأييده للمستبدين، وتهديده بقتل عائلات الإرهابيين.
في المقابل، وصل مقت ترامب لماكين إلى حد أنه سخر ذات مرة من سجل ماكين في الحرب.
وقال ترامب: "إنه ليس بطل حرب، وتجنب التجنيد بزعم مرض في العظام. مضيفا: يعتبرونه بطل حرب لأنه تم أسره، أنا أحب الأشخاص الذين لم يتم أسرهم".
تجدر الإشارة إلى أن ماكين أسر في فيتنام الشمالية، ورفض عرضاً بالإفراج المبكر ضمن أسرى حرب آخرين.
السيناتور الأمريكي جون ماكين وبخ الرئيس دونالد ترامب في كتاب من تأليفه، واتهمه بالتقاعس عن التمسك بالقيم الأمريكية، وبإكالة المديح لطغاة دوليين، وبتشويه وسائل الإعلام وتجاهل حقوق الإنسان.
ووصل الخلاف بينهما إلى أن ماكين قد طالب بعدم حضور دونالد ترامب جنازته وهو في مرض الوفاة (حيث كان يعاني من سرطان على المخ).
كما شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجوماً جديداً على جون ماكين بعدما وفاته، عندما أعلنت أرملته سيندي ماكين دعم منافسه الديمقراطي جو بايدن.
لماذا رفض ترامب قضاء من المزيد من الوقت في أريزونا؟
حاول العديد من مساعدي ترامب إقناعه بالتوقف عن مهاجمة ابن أريزونا المفضل وبطل الحرب، السيناتور جون ماكين، الذي استمر في انتقاده حتى بعد وفاة السيناتور قبل عامين.
ووصف مستشار سابق لماكين توجه أريزونا تجاه بايدن بأنه "انتقام ماكين".
كما قال بعض مساعدي ترامب إن الرئيس الأمريكي غالباً ما قاوم طلبات من رونا مكدانيل، رئيسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، وبراد بارسكال، مدير حملته السابقة، وآخرين لقضاء المزيد من الوقت في ولاية أريزونا.
وقالوا إنه قاوم جزئياً لأنه لم يحب السفر غرباً وقضاء الليل على الطريق، حسب صحيفة The NEW York times.
معركة أريزونا:
لكن كان هناك ما هو أكثر من الاختلاف الشخصي بين ماكين وترامب.
كان من الواضح أيضاً أن الكثير من الدعم الذي تمتع به بايدن في ولاية أريزونا جاء من تزايد عدد سكان الضواحي المتزايدة الإثنيات في مقاطعة ماريكوبا.
وكان نتيجة ذلك تقدم بايدن في الولاية لدرجة أن وكالة أسوشيتد برس وقناة ترامب المفضلة "فوكس نيوز" اعتبرتا أن بايدن يعتبر فائزاً بأريزونا، وعندما انتقد فريق ترامب فوكس نيوز أصرت القناة أن الفارق بين الرجلين كبير.
وذكرت تقارير إعلامية أن حاكم ولاية أريزونا دوج دوسي (يمين) كان على الهاتف طوال الليل مع مسؤولي الإدارة والحملة، قائلاً إن هناك المزيد من أصوات الجمهوريين التي يتعين فرزها، وغرد حاكم الولاية على Twitter في وقت متأخر من يوم الثلاثاء قائلاً إنه "من السابق لأوانه القول بحسم السباق الرئاسي في ولاية أريزونا".
ومع تقليص ترامب الفارق مع بايدن في الولاية تصاعد التوتر فيها.
فبعد أن ادعى الرئيس ترامب دون دليل أن بطاقات الاقتراع عبر البريد في ولايات مثل ميشيغان منحت عن طريق الاحتيال لجو بايدن، ظهر المتظاهرون المؤيدون لترامب في نيفادا وأريزونا مطالبين بفرز جميع الأصوات.
واقتحم أنصار ترامب المسلحون مركز فرز الأصوات في أريزونا، وهم يطالبون بـ"عد الأصوات"، بعد تقليص تقدم جو بايدن في الولاية من 200 ألف إلى 13000.
وتحدثت وسائل الإعلام المحلية عن مشاهد صاخبة، حيث حاول المكلفون بالعد من الجمهوريين دخول مبنى الفرز، زاعمين أنهم تم إبعادهم بشكل غير عادل، وهو ادعاء نفاه الديمقراطيون المحليون.
وتم إغلاق هذا المركز بعد أن اقتحم أنصار ترامب المبنى
وكان المراقبون من كلا الحزبين موجودين داخل مركز الانتخابات، حيث تمت معالجة وفرز بطاقات الاقتراع، وتم بث الإجراء مباشرة عبر الإنترنت في جميع الأوقات.
وقالت ميجان جيلبرتسون، المتحدثة باسم دائرة الانتخابات في مقاطعة ماريكوبا إن العديد من ضباط الشرطة أغلقوا مدخل المبنى، واستمرت عملية فرز الأصوات في الليل.
وأصدر اثنان من كبار المسؤولين في المقاطعة -أحدهما ديمقراطي والآخر جمهوري- بياناً أعرب فيه عن القلق بشأن انتشار المعلومات المضللة حول نزاهة العملية الانتخابية.
وقال البيان الذي وقعه كلينت هيكمان، الرئيس الجمهوري لمجلس المشرفين في مقاطعة ماريكوبا، والمشرف الديمقراطي ستيف جاياردو: "يجب أن يتم عد جميع الأصوات، سواء تم إرسالها بالبريد أو الإدلاء بها شخصياً". "التصويت الدقيق يستغرق وقتاً، هذا دليل على الديمقراطية وليس التزوير".
أقلام حادة لاستبعاد الجمهوريين
كما انتشرت شائعات أمس بين مؤيدي ترامب، تفيد باستبعاد أصوات الجمهوريين لاستخدامهم أقلاماً حادة دست لهم، حتى إن النائبة الجمهورية عن الولاية كيلي تاونسند، طلبت من الناخبين تقديم معلومات حول "الاستخدام القسري" لهذه الأقلام في صناديق الاقتراع، بعد ظهور نظرية مؤامرة هذه على الإنترنت.
نفى المسؤولون هذه المزاعم، وبدأت دعوى قضائية في هذا الشأن.
واحتشد النائب الجمهوري بول جوسار وجمهوريون آخرون، بعضهم مسلح (قلة منهم ملثَّمون)، بمركز انتخاب مقاطعة ماريكوبا في وسط مدينة فينيكس مساء الأربعاء، مطالبين بفرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية.
واعتباراً من وقت مبكر من يوم الخميس، لا يزال هناك ما يقدر بنحو 470.000 صوت للفرز، وهو أمر غير معتاد في ولاية أريزونا حيث يصوت معظم الناس بالاقتراع المبكر.
تقلَّص تقدُّم بايدن على ترامب ليصبح عشرات الآلاف من الأصوات منذ مساء الثلاثاء، عندما أعلنت كل من Fox وAssociated Press، أن أريزونا محسومة لبايدن.
واليوم الخميس، كان بايدن يتفوق على ترامب بفارق 68390 صوتاً فقط. لا يزال بإمكان ترامب تحقيق فوز هناك، شريطة أن يحصل على 57.6% على الأقل من الأصوات التي لم يتم احتسابها بعد.
وتفيد التقارير بأن المقاطعات التي ما زال لم يتم عدُّ الأصوات بها في أريزونا أغلبها جمهورية، أي سترجح ترامب، في المقابل فإنه في بنسلفانيا، المقاطعات التي لم يتم استكمال فرز الأصوات بها هي في أغلبها ديمقراطية، ولذلك فهي تركز على وقف فرز الأصوات في بنسلفانيا بينما تستعجل فرز الأصوات بأريزونا.
لا يزال بايدن في المقدمة بشكل عام حتى مع تقليص تقدمه في ولاية أريزونا المتأرجحة، ويعتقد أنه يتجه نحو النصر في ولايات رئيسية أخرى.
ولا يُعرف هل تصوِّت ولاية أريزونا لترامب أم تواصل انتقامها لماكين، ولكن في كل الأحوال تحولت أريزونا إلى ساحة منافسة أساسية إضافة إلى بنسلفانيا.