شفق نيوز- بروكسل

كشفت فرنسا والنمسا وهولندا، يوم الجمعة، عن تقديم وثيقة مشتركة تهدف إلى تشديد الرقابة على التمويلات الأوروبية الممنوحة للمنظمات غير الحكومية، لا سيما الجمعيات المنتمية للإسلام السياسي، التي يُشتبه بارتباط بعضها بـ"جماعة الإخوان المسلمين" في أوروبا.

والوثيقة التي قدمتها الدول الثلاث إلى مجلس الشؤون العامة في الاتحاد الأوروبي، تحمل عنوان: "ضمان احترام القيم الأوروبية من قبل الكيانات المستفيدة من التمويلات الأوروبية"، بحسب ما ذكرت مجلة "لوبوان" الفرنسية.

وتهدف الوثيقة إلى وضع ضوابط صارمة لضمان توافق الجمعيات الممولة مع قيم الاتحاد الأوروبي المنصوص عليها في المادة الثانية من معاهدة الاتحاد، وهي: "الكرامة الإنسانية، الحرية، الديمقراطية، والمساواة أمام القانون".

وتدعو الوثيقة إلى اعتماد عقد التزام جديد مع كل منظمة غير حكومية ممولة، يتضمن بنودًا واضحة حول احترام القيم الأوروبية، وآليات لتعزيز الشفافية في إدارة الأموال، وإمكانية فرض عقوبات أو استبعاد الجمعيات المخالفة.

وقال الوزير الفرنسي المكلّف بالشؤون الأوروبية بنجامان حداد، إنه "من غير المقبول أن تذهب أموال الاتحاد الأوروبي إلى منظمات مرتبطة بالإسلاموية أو بمعاداة السامية، أو تدافع عن قيم تتنافى مع مبادئ الاتحاد".

وأضاف في تصريحات للصحافة قبل اجتماع مجلس الوزراء الأوروبي في لوكسمبورغ: "شهدنا في السنوات الأخيرة عدة فضائح تتعلق بتمويل منظمات قريبة من جماعة الإخوان المسلمين، ما نطالب به اليوم هو تعزيز الشفافية والرقابة لوقف هذه الانحرافات".

وبيّن الوزير الفرنسي حداد أن "المفوضية الأوروبية ستكون مطالَبة بتعزيز أدوات الرقابة قبل منح التمويلات وبعدها"، مشيراً إلى ضرورة تطبيق "عقود التزام بالقيم الأوروبية"، التي تثبت فيها الجمعيات التزامها بشكل عملي وملموس بهذه المبادئ.

وأكد أنه "يجب ألا يُصرف يورو واحد من المال العام الأوروبي على منظمات تدافع عن قيم قريبة من الإسلاموية أو معاداة السامية أو التحريض على الكراهية".

وتأتي هذه الخطوة في ظل جدل متزايد حول تمويل بروكسل لجمعيات إسلامية تُتهم بتروّج لأفكار معادية للقيم الأوروبية.

ففي شهر كانون الأول/ ديسمبر من العام 2023، كشف تقرير لصحيفة "داي ويلت" الألمانية، أن الاتحاد الأوروبي مول مشروعاً تابعاً لجمعية الإغاثة الإسلامية في ألمانيا، التي تربطها علاقات بحركات إسلامية وصُنفت كمنظمة إرهابية في عدة دول.

وأشار التقرير إلى ثغرات خطيرة في آليات الرقابة الأوروبية، وعدم قدرة الأجهزة المعنية على التحقق من مدى توافق هذه الجمعيات مع قيم الاتحاد، فضلًا عن نقص في تتبّع مسار الأموال وصرفها.

ومن بين الأمثلة الأخرى المثيرة للجدل، منتدى المنظمات الأوروبية للشباب والطلاب المسلمين، الذي أطلق العام 2021 حملة ترويجية للحجاب تحت شعار "الحرية في الحجاب"، وكذلك الشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية، التي تُتّهم بدورها بعلاقات مع جماعة الإخوان المسلمين.

وتكمن أهمية الوثيقة، بحسب مراقبين، في رغبة الدول الثلاث في طمأنة المواطنين الأوروبيين وضمان أن أموال دافعي الضرائب تُستخدم في إطار يحترم تماماً قيم الاتحاد ووحدته السياسية والثقافية.