شفق نيوز/ يبدو أن النقود قد فقدت قيمتها بشكل نهائي في الصومال، البلد الإفريقي، وذلك بسبب التضخم والأوضاع الاقتصادية والسياسية المتأثرة بسنوات الحرب والصراع، حيث وصل الأمر لدرجة أن النقود الورقية صارت تعرض للبيع على قارعة الطريق وفي الأسواق وبكميات كبيرة.
وتنتشر في الصومال طرق الدفع الإلكتروني التي عوضت التعامل بالأوراق النقدية، فرغم المشاكل الاقتصادية والبنيوية التي تعاني منها البلاد إلا أن الحكومة دعمت وسهّلت طرق دفع الفواتير عن طريق الرسائل النصية القصيرة، فتوقف التعامل بالأوراق النقدية والتي يتطلب شراء البضائع اليومية بها أو دفع الفواتير البسيطة حمل كميات كبيرة منها.
تُعرض الأوراق النقدية من العملة المحلية "الشلن" في أسواق الصومال بكميات كبيرة، حيث يتم رص رزمها علناً في انتظار زبون يحتاجها فيشتريها مقابل إحدى العملات الأجنبية، وينقل تجار السوق السوداء أكواماً من الأوراق النقدية من البنك المركزي في عربات يدوية كأنها بضاعة عادية وليست نقوداً يحتاج نقلها الحيطة والحذر.
وفيما لا يبدي التجار حرصاً على الرزم المكدسة من الأوراق النقدية المحلية ويعرضونها على بسطات في أسواق شعبية، فإنهم بالمقابل يكونون أشد حرصاً على الأوراق النقدية من العملات الأجنبية وخاصة اليورو أو الدولار التي يحصلون عليها من عمليات بيع العملة المحلية.
إذا كان النقد الإلكتروني عوّض التعامل بالأوراق النقدية المحلية فلماذا يتم عرضها بالأسواق لبيعها؟ ومن يشتريها؟.
يشتريها السياح وكل زوار الصومال الذين لم يتمكنوا من التعامل بالدفع الإلكتروني عبر نظام "زاد" خاصة في بداية زيارتهم للبلاد، كما يشتريها الصوماليون لاستعمالها كـ"نقطة" بالأعراس والمناسبات.
ونادرا ما يقبل الصوماليون التعامل بالأوراق المالية من العملة المحلية، بل إن الغالبية يفضّلون أن يتم الأداء بـ"الشلن" عن طريق التحويل المصرفي، فكل مقيم بالصومال يمكنه أن يحصل على حساب في نظام "زاد" الذي أنشأته شركة "تيليصوم" عام 2009، وهو عملي للغاية يمكن من خلاله دفع الفواتير عن طريق أي هاتف محمول وبرسالة نصية فقط، من حساب سيارة أجرة إلى فاتورة مطعم فمشتريات البقالة وأجرة العامل اليومي وباقي الفواتير بكل سلاسة.
ورغم كل المشاكل والصعوبات التي تعاني منها الصومال وتأثير الفوضى والحرب الأهلية التي تعاني منها البلاد منذ 20 عاماً، إلا أن نظام الدفع السلس الذي يتمتع به الصوماليون أثبت بحق أن الحداثة يمكن أن تجتمع مع الفوضى والحرمان.