شفق نيوز/ سلطت صحيفة لوموند الفرنسية، يوم الاثنين، الضوء على كشف أحد زعماء المافيا في تركيا، عن تورط كبار المسؤولين الأتراك المقربين من الرئيس رجب طيب أردوغان، بملفات فساد مالي وإداري وعمليات اغتيالات وابتزاز.
وذكرت الصحيفة أنّ الظهور الأسبوعي لزعيم المافيا التركي سيدات بيكر، لكشف تفاصيل عن علاقاته بكبار المسؤولين في الدولة التركية، يُحرج حزب أردوغان ويهز صورته.
وبحسب الصحيفة، فإن رجل العصابات سيدات بيكر، يناقش في كل أسبوع، على موقع يوتيوب تعاملاته السابقة مع كبار مسؤولي الدولة الأتراك، ويتابعه مئات الآلاف من الأشخاص، مما أثار اضطرابات في صفوف حزب العدالة والتنمية الحاكم.
ولفتت إلى أن ثلاثة أسابيع من الحجر الصحي دفعت الأتراك إلى متابعة ما يمكن اعتباره "مسلسلا تلفزيونيا هزليا"، وبفضل هذا المسلسل كسر زعيم المافيا البالغ من العمر خمسين عاما، الرتابة من خلال نشر "الغسيل القذر" لعلاقته مع أعلى ممثلي الدولة التركية، والذي نسبه إلى عالم الجريمة مع اعتماد أسلوب التشويق، حيث يعد متابعيه في نهاية كل حلقة بمزيد من المتابعة قائلا: ”لم ينته الأمر سنتحدث عنه مرة أخرى“، مستقطبا بذلك أكثر من 500 ألف مستخدم للإنترنت.
ويشير تقرير الصحيفة إلى أنّ بيكر مع كل مداخلة على موقع ”يوتيوب“ يعرض كتابا جديدا، حيث كان كتاب يوم الخميس 13 أيار مايو رواية الأمريكي ماريو بوزو ”إنه سخيف أن تموت“. وفي اللقاء السابق عُرضت مذكرات ليون تروتسكي بشكل بارز على المنضدة كما لو أن سيدات بيكر رأى نفسه الزعيم المستقبلي للمعارضة في المنفى مضطهدا من قبل "ستالين تركي" لم يحدد اسمه، وفق تعبيره.
ويوضح التقرير أنّ ما يكشفه بيكر استهدف ثلاثة من كبار المسؤولين، هم: وزير الداخلية الحالي سليمان صويلو، وبيرات البيرق صهر الرئيس رجب طيب أردوغان الذي كان وزيرا للمالية من 2018 إلى 2020، وأخيرا وزير الداخلية السابق محمد آغار الذي تولى المنصب عام 1996.
ووفق التقرير "سلطت مزاعم رجل المافيا التركي الضوء على تصرفات جزء من النخبة الإسلامية القومية المتورطة في عمليات التهريب والابتزاز والاغتيالات".
ويروي على وجه الخصوص كيف أن وزير الداخلية السابق محمد آغار وابنه تولغا أغار العضو حاليا في حزب العدالة والتنمية كان من الممكن أن يلعبا دورا رئيسيا في الوفاة المشبوهة عام 2018 للصحفية الكازاخستانية الشابة يلدانا كهارمان.
ويوضح بيكر أن "الفتاة البالغة من العمر 21 عاما كانت على وشك رفع شكوى ضد النائب أغار عندما عُثر عليها ميتة، وخلص التحقيق إلى الانتحار شنقا خلافا لما توصل إليه الطبيب الشرعي ورُفضت القضية".
ويؤكد التقرير أنّ ما ذكره بيكر خلّف تفاعلات كبيرة على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث أدى كشف تفاصيل من جانب زعيم المافيا إلى إزعاج صفوف حزب العدالة والتنمية.
ودعا عضو المجلس الاستشاري الرئاسي جميل جيجيك، إلى إجراء تحقيق في عائلة أغار، وقال جيجيك في 12 أيار الجاري "حتى لو كان جزء من الألف من كل هذا صحيحا، فهي كارثة وهي إشكالية للغاية لقد مرت تركيا بهذا النوع من الأشياء بما يكفي في الماضي".
وكان يشير إلى فضيحة "سوسورلوك" التي سميت على اسم قرية في غرب تركيا، حيث تم في 3 تشرين الثاني 1996 الكشف عن العلاقات الوثيقة بين الدولة والمافيا نتيجة لحادث مروري عادي، ففي سيارة مرسيدس محطمة تم العثور على جثث هامدة لقائد شرطة ورئيس عصابة من اليمين المتطرف، وملكة جمال، وأصيب الراكب الآخر وهو عضو في حزب تانسو تشيلر، رئيسة الوزراء، آنذاك، بجروح طفيفة.
ولفت التقرير إلى أنّ الشرطة ضبطت آنذاك في صندوق السيارة وثائق حقيقية ومزورة وأسلحة وذخائر وكواتم صوت مقدمة من إدارة الأمن العام بوزارة الداخلية بالإضافة إلى مخدرات، وقد كان وقت "الحرب القذرة" في كوردستان التي تخللتها حالات الاختفاء والقتل خارج نطاق القضاء، وقد عملت الدولة جنبا إلى جنب مع العصابات لاختطاف وإعدام النشطاء اليساريين والكورد الذين يشتبه في تعاطفهم مع حزب العمال الكردستاني.
ويؤكد التقرير أنّ تلك الفضيحة "تسببت في ضجة كبيرة لدرجة أن محمد آغار، وزير الداخلية آنذاك، أجبر على الاستقالة وحكم عليه بالسجن خمس سنوات وأطلق سراحه بعد عام واحد، ومنذ ذلك الحين ظل الرجل هادئا رغم أنّ هناك إشارات على أنّ العلاقة بين الدولة وعصابات المافيا لم تتوقف".