شفق نيوز/ كشفت مصادر أمريكية، أن جماعة الحوثيين نجحت
خلال الأسابيع الماضية في إسقاط ما لا يقل عن سبع طائرات مسيّرة أمريكية من طراز MQ-9 Reaper، الأمر الذي عرقل الانتقال إلى
"المرحلة الثانية" من الحملة العسكرية التي أطلقتها الولايات المتحدة
ضدهم منذ منتصف مارس الماضي.
وبحسب المسؤولين، التي نقلت شبكة CNN حديثهم وتابعته وكالة شفق
نيوز: "كانت واشنطن تأمل في تحقيق تفوق جوي خلال ثلاثين يوماً من بدء
العمليات، بما يتيح تقويض دفاعات الحوثيين الجوية، ومن ثم التفرغ لمهام
استخباراتية ومراقبة دقيقة لقادة الجماعة تمهيدًا لاستهدافهم، إلا أن استمرار
خسارة الطائرات المسيّرة التي تمثل العمود الفقري للجهد الاستخباري الأمريكي في
اليمن أحبط هذه الخطط".
وتعتمد الولايات المتحدة، التي لا تملك قوات برية على
الأراضي اليمنية، على طائرات MQ-9
لمهام التقييم والرصد، وقد أدى سقوطها إلى إرباك القدرة على قياس أثر الضربات
الجوية ومدى استنزاف ترسانة الحوثيين.
وخلال ستة أسابيع، شن الحوثيون وفق تقييمات استخباراتية
77 هجومًا باستخدام طائرات مسيّرة هجومية، إلى جانب إطلاق 30 صاروخ كروز، و24
صاروخًا باليستيًا، و23 صاروخًا أرض-جو، استهدفت القوات الأمريكية، أو تحركت عبر
البحر الأحمر، أو كانت موجهة نحو إسرائيل.
ورغم تنفيذ أكثر من 300 غارة جوية استهدفت أكثر من 700
موقع حوثي، قال المسؤولون إن بنية القيادة والسيطرة للجماعة لا تزال صامدة، وقدرت
الاستخبارات أن نوايا الحوثيين وقدرتهم على تنفيذ هجمات لم تتغير جذريًا منذ بدء
الحملة.
بدوره، قال المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية،
ديف إيستبورن، إن التفاصيل المتعلقة بعملية الولايات المتحدة كانت محدودة بسبب
الأمن العملياتي، ومع ذلك، قال إن الضربات "دمرت العديد من منشآت القيادة
والتحكم، وأنظمة الدفاع الجوي، ومنشآت تصنيع الأسلحة المتطورة، ومواقع تخزين
الأسلحة المتطورة، وقتلت المئات من مقاتلي الحوثيين والعديد من قادتهم".
وأكد إيستبورن، مقتل أكثر من 650 عنصراً حوثياً، بينهم
عدد من القادة، مع انخفاض ملحوظ في وتيرة إطلاق الصواريخ الباليستية بنسبة 87%،
وفي الهجمات بالطائرات المسيّرة بنسبة 65% منذ بدء العمليات.
غير أن هذه الأرقام لم تمنع من تصاعد الجدل داخل الإدارة
الأمريكية بشأن الكلفة الباهظة للحملة. فخلال الأسابيع الثلاثة الأولى، تجاوزت
نفقات العملية مليار دولار، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من استنزاف الموارد
الاستراتيجية المخصصة لمواجهة محتملة مع الصين.
هذا التوتر بلغ القيادة الأمريكية لمنطقة المحيطين
الهندي والهادئ، حيث عبّر كبار الضباط هناك عن قلقهم من سحب أنظمة دفاعية مثل
بطاريات باتريوت ونقلها إلى منطقة الخليج، ما يهدد جاهزيتهم في حال اندلاع صراع في
آسيا. وأكد الأدميرال سام بابارو، قائد القيادة هناك، أن عودة هذه المعدات إلى
مسرح المحيط الهادئ ستكون ضرورية لمواجهة أي تهديد أعلى أولوية.
وبينما تصر إدارة الرئيس دونالد ترامب على مواصلة الحملة
حتى زوال تهديد الحوثيين لممرات الشحن في البحر الأحمر، تتباين التقييمات الداخلية
بشأن مدى فاعلية هذه العمليات، لاسيما في ظل قدرة الحوثيين على الصمود، ونجاحهم في
تفادي الضربات من خلال دفن الأسلحة والأنظمة تحت الأرض، واستمرار دعمهم اللوجستي
من إيران.
كما قدم إيستبورن بيانات إضافية، يوم أمس الخميس، بشأن
تأثير الضربات الأمريكية، إلا أن القيادة المركزية الأمريكية التزمت الصمت إلى حد
كبير بشأن هذا التأثير، حتى مع مشاركتها بشكل روتيني صورًا ومقاطع فيديو على
حسابها بمنصة إكس لصواريخ تُطلق من سفن حربية أو طائرات أمريكية تستعد للإطلاق من
حاملات طائرات في البحر الأحمر، كما لم يتطرق البنتاغون إلى مزاعم الحوثيين بأن
الغارات الجوية قتلت عشرات المدنيين.
ورغم أن وزير الدفاع بيت هيغسيث وصف الحملة بأنها
"فعالة بشكل مدمر"، وأعلن ترامب أن الحوثيين "تم القضاء
عليهم"، إلا أن الواقع على الأرض يكشف عن معركة لا تزال بعيدة عن الحسم، فيما
تتواصل العمليات الأمريكية الجوية يوميًا، وتشارك القيادة المركزية صوراً ومقاطع
فيديو للضربات على منصاتها، مع تجاهل شبه تام للحديث عن سقوط مدنيين في اليمن أو
التداعيات الإنسانية.