شفق نيوز/ أكد رئيس حكومة غرينلند، موتي بوروب إيغيدي، يوم الاثنين أن "الجزيرة ليست للبيع"، وذلك رداً على تصريح للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بشأن امتلاك الجزيرة القطبية، والسيطرة عليها.

وقال إيغيدي في تصريح مكتوب "غرينلاند ملكنا. نحن لسنا للبيع ولن نكون أبداً للبيع. يجب ألا نفقد نضالنا الطويل من أجل الحرية".

وغرينلاند الواقعة في القطب الشمالي، إقليم يتمتع بالحكم الذاتي، تابع للدنمارك، وكان جزءاً منها لأكثر من ستة قرون، ويرتبط بعلاقة وثيقة مع الاتحاد الأوروبي. 

ويعيش في غرينلاند اليوم أكثر من 56 ألف نسمة، يتحدث الكثير منهم اللغة الدنماركية، إلا أن اللغة الرسمية هي "كالاليسوت"، التي تنتمي للغات الإينويتية وتتميز بتراكيبها المعقدة.

وقال ترامب عبر منصة "تروث سوشال" الأحد في نصّ إعلانه ترشيح كين هاوري سفيراً في الدنمارك "لأغراض الأمن القومي والحرية في جميع أنحاء العالم، تشعر الولايات المتحدة أن ملكية غرينلاند والسيطرة عليها ضرورة مطلقة. سيقوم كين بعمل رائع في تمثيل مصالحنا"، علما بأن الجزيرة تستضيف قاعدة كبيرة للقوات الجوية الأميركية.

غضب ونكات.. عودة لـ2019

وفي آب/أغسطس 2019 كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية رغبة ترامب (خلال ولايته الأولى) بشراء جزيرة غرينلاند، مما أثار في حينه موجة من ردود الأفعال.

وتحولت الأخبار عن اهتمام ترامب بضم غرينلاند إلى "مادة للنكات" على الإنترنت، بينما تلقى "استقبالا باردا" من سكان الجزيرة والقيادة الدنماركية الذين استاؤوا من اقتراحه وكأن المنطقة "صفقة عقارية كبيرة" وفق تعبيرهم.

وفي ذلك الوقت، قالت ميتي فريدريكسون رئيسة وزراء الدنمارك لصحيفة محلية: "غرينلاند ليست للبيع".

وغضب ترامب من الرد الدنماركي، وألغى زيارة دبلوماسية إلى الدنمارك، واصفا رد فريدريكسون بـ"البغيض".

ولكن للولايات المتحدة تاريخ في شراء الجزر، حيث كانت الولاية الأميركية القطبية ألاسكا خاضعة لروسيا، لكن تم شراؤها عام 1867 من قبل الرئيس آنذاك أندرو جونسون.

وفي مايو 2021، بينما كان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في زيارة لغرينلاند، وتجوّل فيها برفقة مسؤولين من الجزيرة والدنمارك أيضاً، تعرض لسؤال صحفي عن سعي الولايات المتحدة لشراء الإقليم عطفاً على تصريحات ترامب السابقة.

حينذاك أكد بلينكن أن واشنطن لا تريد ذلك والولايات المتحدة غير مهتمة بشراء الجزيرة.

اهتمام تاريخي بالجزيرة

تصريحات ترامب لم تكن الأولى أميركياً بشأن السيطرة على غرينلاند. ففي عام 1946، عرض المسؤولون الأميركيون على الدنمارك 100 مليون دولار على شكل سبائك ذهبية مقابل شراء أكبر جزيرة في العالم (غرينلاند). وكان المسؤولون الأميركيون آنذاك يعتبرون غرينلاند “ضرورة عسكرية".ج

وكان من المفترض أن يظل هذا العرض لعام 1946 سريًا. حيث لم يُكشف عنه بشكل واسع إلا عام 1991، عندما اكتشفت وثائق رفعت عنها السرية من قبل صحيفة دنماركية، وفق تقرير لمجلة "تايم" الأميركية، التي نشرت تقريرا بشأن خطط مشابهة في عام 1947.

وجاء في إصدار "تايم" بتاريخ 27 يناير 1947: "هذا الأسبوع، بينما كان الإستراتيجيون الأميركيون يدرسون خريطة القطب الشمالي، فكر عسكريون في واشنطن أن الوقت قد يكون مناسبا لشراء غرينلاند إذا استطاعوا ذلك".

كان التقرير مرفقا بخريطة بعنوان "دوائر القطب الشمالي"، تُظهر دوائر متحدة المركز تنطلق من ألاسكا وغرينلاند، مع التركيز على قرب غرينلاند من عواصم أوروبية وعلى موسكو.

لم يذكر التقرير العرض السري بقيمة 100 مليون دولار الذي قدمه المسؤولون الأميركيون، لكن مجلة "تايم" أشارت إلى أن عسكريين أميركيين كانوا يفكرون في إسقاط ديون الدنمارك حينذاك البالغة 70 مليون دولار مقابل غرينلاند.

وتزامنت تلك الأخبار، مع حلول سلام غير مستقر في نهاية الحرب العالمية الثانية التي خرجت الولايات المتحدة منها منتصرة، إلا أن الحرب الباردة كانت قد بدأت بالتصاعد، وبرزت توترات مع الاتحاد السوفيتي، بما في ذلك وجود الولايات المتحدة في منطقة القطب الشمالي. 

وأشارت "تايم": "طالما أن الجنود الأميركيين – حتى مشغلي محطات الراديو وعلماء الطقس – بقوا في قواعد غرينلاند، فإن الولايات المتحدة ستظل معرضة للانتقادات من موسكو بسبب إبقاء قوات على أراض أجنبية".

بالتالي، كان الحل وفق المسؤولين الأميركيين شراء غرينلاند، كما أنه سيمنح الولايات المتحدة ميزة عسكرية كبيرة.

تغطي غرينلاند مساحة 800,000 ميل مربع، مما يجعلها أكبر جزيرة في العالم، غير قارة.

وكانت ذات قيمة كبيرة مثل ألاسكا خلال تلك الفترة التي سبقت استخدام القاذفات بعيدة المدى التي تصل إلى 10,000 ميل. وكانت ستصبح ذات أهمية كبيرة، سواء في الحروب التقليدية أو الحروب المستقبلية التي تعتمد على الصواريخ والرادارات المتقدمة.

وحتى في أوقات السلم، فغرينلاند تُعتبر مركزا رئيسيا لرصد الطقس لمنطقة شمال غرب أوروبا.

وفي تصريح قبل ساعات لترامب الذي سيتسلم منصبه رسمياً في يناير المقبل، هدد بإعادة سيطرة بلاده على قناة بنما إن لم يتم تخفيض الرسوم التي تُفرض على السفن الأميركية أثناء عبورها.

وتربط قناة بنما بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ وتعتبر واحدة من أهم طرق التجارة في العالم. 

وبنت الولايات المتحدة هذا المشروع الكبير في بداية القرن العشرين وسيطرت على المنطقة على ضفتي القناة لعقود، لكن منذ عام 1979 تم تسليم السيطرة تدريجيا إلى بنما، التي تولت إدارة القناة بالكامل نهاية عام 1999.