شفق نيوز/ اعتبر موقع "في او اكس" الامريكي، اليوم الاربعاء، أن الحرب الروسية على اوكرانيا اظهرت ان الولايات المتحدة رغم استمرار كونها قوى عظمى، الا انها وجدت نفسها امام روسيا، وفرضت عليها العقوبات الاقتصادية الاكبر من نوعها، لكنها من غير المرجح ان تتمكن من اجبار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تعديل هجومه العسكري.
وتساءل الموقع الامريكي بداية عن الكيفية التي يجب فيها النظر الى الولايات المتحدة كقوة عظمى في العام 2022، لكنه استدرك عبر تقرير له ترجمته وكالة شفق نيوز، قائلاً "رغم أنه من المبكر التوصل الى استنتاجات عامة حول ما تمثله الحرب في اوروبا الشرقية بالنسبة الى مستقبل امريكا على مستوى العالم، الا ان هناك ما يكفي من الادلة التي تشير الى ان "قوة امريكا لها حدود معينة، مثلما هو الحال دائما".
وذكر التقرير بانه مع انهيار الاتحاد السوفيتي، فان الولايات المتحدة تمكنت من تحقيق "هيمنة عالمية احادية القطب، وانما لفترة وجيزة، حيث قام الرئيس جورج بوش الابن بتبديدها من خلال حروب مضللة ومدمرة وعالية الكلفة، مضيفا انه برغم كل تلك الاخطاء غير الضرورية من جانب بوش ومن تبعه من رؤساء، الا ان الولايات المتحدة تظل بمثابة قوة عظمى، حتى وان انكشفت حدود قوتها غير العسكرية.
وينقل التقرير عن السفير الامريكي الاسبق في روسيا توماس بيكرينغ، قوله ان "الصورة الكاريكاتورية لامريكا كقوة عظمى قد حجبت الطريقة التي تفكر بها غالبية الامريكيين حول كيفية عمل العالم".
وتحدث التقرير عن "بيكرينغ" واصفاً اياه بانه دبلوماسي محترف منذ اربعة عقود، وكان شاهدا على تغير موقف امريكا عالميا منذ الحرب الباردة الى تفكك الاتحاد السوفيتي وصولا الى التفوق الامريكي الكبير في بداية الالفية.
ونقل التقرير عن بيكرينغ قوله إنه "اذا كنت تفترض ان اي قوة عظمى بامكانها ان تفعل اي شيء، وفي اي مكان وبأي وقت، من دون ان تتكبد المعاناة من عواقب المخاطر، فانك تكون قد اخطأت في تصور الوضع العالمي الحالي".
وأوضح التقرير أن "القوة العظمى ليست معصومة عن الخطأ، وتتمتع بالقدرة"، مضيفاً أن الولايات المتحدة قررت عدم ارسال قوات الى الحرب، لكنها قامت بشحن اسلحة بمئات ملايين الدولارات الى اوكرانيا، وقامت برعاية تحالف دولي من اجل فرض عقوبات اقتصادية واسعة على روسيا، كما قامت بتشجيع شركات التكنولوجيا والمنظمات العالمية مثل الفيفا والاولمبياد الدولية على المضي قدما من اجل عزل روسيا ثقافيا.
ورغم ذلك، أشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة رغم تمتعها باكبر قوة عسكرية واقتصاد في العالم، لم تتمكن من اجبار روسيا على التوجه نحو مسار مختلف، ولهذا فأن بوتين يواصل توجيه قواته نحو العاصمة كييف، مضيفا ان "ايقاف هذه الحرب لا يبدو انه مسألة بامكان الولايات المتحدة تغييره من دون المخاطرة بوقوع حرب نووية".
ولفت التقرير الى ان القوى العظمى بحاجة الى اختيار معاركها والتعامل مع نفس الخيارات الصعبة مثلها مثل اي بلد اخر، خاصة اذا كنت في مواجهة خصم يتمتع بقدرات نووية مثل روسيا.
واشار الى خطأين وقع بها الامريكيون وهي انهم بدلا من فهم تعقيدات القضايا الدولية، فانهم تبنوا الشعارات القائلة بان الولايات المتحدة لم يسبق لها ان خسرت حربا في السابق، وان الولايات المتحدة لا تقدم تنازلات ابدا مع الاعداء، خاصة خلال مرحلة النزاع المشتعل.
ولهذا، اعتبر التقرير ان هذين العاملين يظهران فشل الولايات المتحدة، كدولة، في ملاحظة القيود الخاصة بها، والتي كان بعضها موجودا منذ فترة طويلة، وهو ما يزيد من قوة العدوان الروسي.
كيف انتهت الاحادية القطب
وبعدما اشار التقرير الى انه بانتهاء الحرب الباردة في التسعينيات، كانت الولايات المتحدة تمتلك قوة اقتصادية وعسكرية لم يسبق لها مثيل، ذكر بما قاله الاستاذ في جامعة هارفارد جوزف بأن "الامريكيين عانوا من الغرور بعد نهاية الاتحاد السوفيتي، واعتقد ان اللحظة احادية القطب كانت دائما وهمية".
وتابع التقرير ان الولايات المتحدة، مع نهاية الحرب الباردة ، استمرت في تقديم نفسها كضامن للامن العالمي. ونقل التقرير عن المؤرخ الامريكي ستيفن ويرثيم قوله ان "الولايات المتحدة نصبت نفسها مسؤولة عن السلام والامن والديمقراطية في اوروبا".
ولفت الى ان هذه اللحظة سواء كانت حقيقية او مفترضة، فانها لم تستمر طويلا. ونقل عن ويرثيم قوله ان مرحلة ما بعد الهجمات الارهابية في 11 سبتمبر/ايلول، كشفت من خلال غزو العراق وافغانستان، حدود القوة الامريكية.
واعتبر التقرير أن اسامة بن لادن ربما قد ادرك شيئاً عن الامريكيين لم يفهموه عن انفسهم، يتعلق برد الفعل على الهجمات الارهابية، حيث أن امريكا ستبالغ في رد فعلها، موضحا انه "مع غزو واحتلال دولتين، واجهت الولايات المتحدة عقدين من الانتكاسات السلبية، والتي قوضت القيم الديمقراطية من خلال الحرب على الارهاب في الداخل والخارج".
وفي هذه المرحلة، وبينما واصلت الولايات المتحدة، الغارقة في الشرق الاوسط وافغانستان، تعزيز دورها كشرطي للعالم من خلال سلسلة من القواعد العسكرية والالتزامات، اضعفت قوة الولايات المتحدة، في وقت كان الصين بدأت في الصعود كقوة توازن، واستعادت روسيا الظهور كقوة في اوروبا.
وبعدما أشار إلى أن "اكبر فشل في السنوات الاخيرة كان الغاء التركيز على الحد من التسلح والحد من الاسلحة النووية في جميع انحاء العالم" في العلاقات الامريكية مع روسيا، نقل التقرير عن الباحثة هيذر هيرلبورت، من مركز "ابحاث نيو امريكا"، قولها ان الصين وهي نفسها قوة نووية كانت تبني ترسانتها وتظهر عدم اهتمامها بنموذج الحد من التسلح بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي".
وختم التقرير بالاشارة الى ان الولايات المتحدة واوروبا تشن حربا اقتصادية ضد روسيا، لكنه اشار الى ان السوق العالمي يعتمد على موارد الطاقة الروسية، مضيفا ان الدولة التي اعتمدت على مكانتها كقوة اقتصادية وسلطة ديمقراطية في جميع انحاء العالم هي الان في اضعف حالاتها واكثرها اختلالا وظيفيا خلال نصف قرن او اكثر، فيما يوصف بانه "انحدار ذاتي".
وختم قائلا انه امر جيد ان بايدن "استبعد ادخال القوات الامريكية في الحرب الروسية الجديدة في اوروبا، وهو صراع لا نهاية محتملة له بالنسبسة الى دولة استغرقت عقدين من الزمن لتتمكن من مغادرة افغانستان".