شفق نيوز/ كشفت مجلة "فورين بوليسي" الامريكية ان عملاء لتنظيم داعش يعملون على استغلال الكارثة المالية المتفاقمة والجمود السياسي في لبنان لتجنيد شبان من الطائفة السنية بوعود برواتب تبدو جيدة، من اجل اقناعهم بان مستقبلهم سيكون اكثر تفاؤلا بانضمامهم الى التنظيم وتعزيز صفوفه مسلحيه.
واشارت المجلة الامريكية في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز الى ان مجموعة من الرجال ممن هربوا من لبنان الى سوريا والعراق للالتحاق بداعش، كانوا امضوا فترات في السجون اللبنانية، او انه جرى الاشتباه بهم لوجود روابط لهم مع مع جماعات متشددة او تعاطفوا معها، وان معظهم جاء من مناطق لبنانية ممزقة بالفقر والصراع الطائفي بين الشيعة والسنة.
وذكر التقرير الامريكي بان العديد من الرجال من مناطق لبنانية ذات اغلبية سنية في طرابلس وعكار وعرسال، انضموا الى المتمردين السوريين خلال الحرب الاهلية السورية، والتحقوا بصفوف تنظيمات مرتبطة بالقاعدة وداعش، ونفذوا العديد من الهجمات القاتلة، واستخدموا السيارات المفخخة، ثم نقلوا عنفهم هذا الى لبنان الذي شهد في العام 2015 مثلا، هجوما انتحاريا في منطقة برج البراجنة التي يهمين عليها الشيعة، وقتلوا اكثر من 40 شخصا واصابوا اكثر من 200 بجروح.
ولفت الى ان الجيش اللبناني تمكن من التصدي للمتطرفين في شمال لبنان، وانه في العام 2017 ومن خلال عملية عسكرية مشتركة مع "حزب الله"، تمكن من طرد العديد من مقاتلي داعش وعائلاتهم ومتعاطفين معهم من مدينة عرسال الواقعة على الحدود، الى دير الزور في سوريا.
والان بعد سنوات من الهدوء بسبب هزيمة داعش ميدانيا في العراق وسوريا، حدث تصاعد في عمليات التنظيم، حيث ذكر التقرير باقتحام السجن في الحسكة مؤخرا، ثم الهجوم على مركز عسكري عراقي وابادة عناصره بينما كانوا نائمين، مشيرا الى ان القوات العراقية اكتشفت منفذي هذا الهجوم وشنت غارات جوية على المخبا وتمكنت من قتل 9 مسلحين من داعش، بينهم ما لا يقل عن 4 لبنانيين، برغم ان وسائل اعلام لبنانية اشارت الى مقتل 5 لبنانيين في تلك الغارة.
وتابع التقرير ان ضباط الامن اللبنانيين يعتبرون ان انهيار النظام المالي هو من الاسباب الرئيسية التي من شأنها ان تدفع الشبان الى الابتعاد وطنهم والانضمام الى الجماعة المتشددة، مضيفا ان عوامل الفقر في لبنان كما في مدينة طرابلس تشكل ارضية مثالية للتجنيد لصالح داعش، مذكرا بان الليرة اللبنانية فقدت اكثر من 90% من قيمتها منذ العام 2019، وانه حتى قبل وقوع الكارثة الاقتصادية، فان طرابلس كان 60% من ابنائها يعيشيون في فقر.
واضاف ان وزارة الداخلية اللبنانية تحدثت عن ان 37 شخصا غادروا طرابلس للالتحاق بداعش، الا ان نشطاء ومحليين قالوا ان 100 شاب غادروا البلاد مؤخرا للانضمام الى التنظيم.
ونقل التقرير عن مسؤول أمني كبير، لم يحدد هويته، قوله ان عملاء التجنيد التابعين لداعش، يستقطبون عادة الشباب اللبنانيين الذين تتراوح اعمارهم بين 18 و 24 من خلال عرض راتب شهري يتراوح بين 500 و 600 دولار. وقال المسؤول الامني انه يتوقع استمرار ظاهرة مغادرة الشبان "اذا استمر الاغراء المالي"، لكنه اضاف ان مقتل اللبنانيين الخمسة في العراق "قد يؤدي الى احباط في العزيمة ويجعل الاخرين يعيدون التفكير".
ونقل التقرير عن المحلل السياسي اللواء المتقاعد في الجيش اللبناني الياس فرحات، قوله ان القساوة المزعومة من جانب الاجهزة الامنية او التوترات الطائفية "ليست عذرا" من اجل الالتحاق بداعش.
كما اشار فرحات الى ان الخلايا النائمة النشطة وبقايا داعش في المنطقة تشكل الخطر الحقيقي وراء التجنيد، موضحا ان "بعد هزيمة داعش في لبنان ودفع جبهة النصرة للمغادرة (من لبنان) الى ادلب، فان الاحتمال هو ان العديد من الخلايا النائمة ظلت موجودة في طرابلس وعكار ومناطق مختلفة".
وبرغم ان التقرير اشار الى ان "حزب الله" لا يبادر الى خوض قتال داخلي، الا انه قد يكون هناك شعور بانعدام الامن، مما يؤدي الى زيادة الاقبال على شراء الاسلحة، وانه بينما يشتري كثيرون السلاح لحماية اموالهم التي يتجنبون ايداعها في البنوك، الا ان اخرين قد يكون بدافع حماية انفسهم في حالة اندلاع اعمال عنف سياسية او اعمال شغب طائفية.
وختم التقرير بالاشارة الى التنسيق بين الضباط اللبنانيين ونظرائهم العراقيين، وان زيادة عدد الاشخاص الذين التحقوا بداعش جعلهم اكثر يقظة، الا ان الوضع الان اقل اثارة للتوتر مما كان عليه في العام 2014.
وبرغم ذلك، يختم التقرير ان المزيج ما بين الفقر والنقمة السياسية قد يؤدي الى اغراء اكبر للبنانيين المنتمين الى بيئة محافظة دينية، للانضمام الى تنظيم متطرف.