شفق نيوز/ اعتبرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الاسرائيلية، يوم الخميس، ان هدف ايران من استخدام الطائرات المسيرة ينصب الان، بعد اعلان واشنطن قرارها انهاء الوجود القتالي في العراق مع نهاية العام 2021، على محاولة اخراج القوات الامريكية من قاعدة التنف الحدودية في سوريا، ضمن حرب الطائرات المسيرة الجارية في المنطقة.
وذكر التقرير الاسرائيلي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، ان الجيش الامريكي اشار الى اسقاط طائرة مسيرة بالقرب من التنف في سوريا، وهي قاعدة صحراوية منعزلة يستخدمها الامريكيون منذ سنوات، من اجل توفير المساعدة لمسلحي المعارضة السورية، ثم من اجل محاربة تنظيم داعش.
واوضح ان التنف جرى عزلها عن القوات الامريكية الاخرى المتمركزة في شرق سوريا عندما استعاد النظام السوري والميليشيات المدعومة من ايران مناطق على طول الحدود السورية العراقية في عامي 2017 و2018، وهو ما "يعني انها اصبحت مطوقة بقوات النظام السوري مع وجود قوة امريكية صغيرة بالقرب من الحدود العراقية والاردنية".
قاعدة استراتيجية
واكد التقرير ان منطقة التنف تعتبر استراتيجية وتغطيها منطقة حظر طيران تمتد اوسع منها وتجعل من الصعب على ايران السيطرة على الاراضي من البوكمال الى الجولان، لكن واشنطن لا تقول انها موجودة في سوريا لإبعاد الايرانيين، وان دورها يتمثل في العمل مع قوى محلية حليفة لها.
وفي حين ان مهمة الولايات المتحدة خطط لها لمحاربة داعش، الا ان المسؤولين الاميركيين خلال عهد دونالد ترامب قالوا انهم يريدون ان تغادر ايران، وان واشنطن باقية في سوريا الى ان يرحل الايرانيون، لكن الامريكيين بدلوا خطابهم قليلا قائلين انهم يؤيدون الضربات الجوية الاسرائيلية التي تستهدف عمليات تهريب ايران الاسلحة الى حزب الله اللبناني.
وتابع التقرير ان الادارة الامريكية الجديدة قد تكون لها وجهة نظر مختلفة، فيما تعقد محادثات في فيينا حول صفقة جديدة مع ايران، ما يعني انه من غير الواضح ما سيحدث بالنسبة الى قاعدة التنف.
حرب الطائرات المسيرة
واوضح ان "التهديد يتزايد بسرعة" حيث نشرت ايران طائرات مسيرة في "قاعدة تي 4" في سوريا في شباط/ فبراير العام 2018 واستخدمت واحدة من هذه الطائرات للتحليق في المجال الجوي الإسرائيلي.
واضاف ان ايران وسعت برنامج الطائرات المسيرة وارسلت تكنولوجيا الطائرات المسيرة الى اليمن وغزة والعراق وسوريا، مشيرة الى انه في مايو/ ايار الماضي، أرسلت طهران طائرة مسيرة من العراق عبر سوريا لتحلق في المجال الجوي الإسرائيلي، واسقطتها اسرائيل.
وفيما اشار التقرير الى ان "تهديد الطائرات المسيرة آخذ في الازدياد" حيث تستخدم ايران الطائرات في تنفيذ عمليات "كاميكازي"، اوضح ان "ايران تحول انتباهها الان الى الامريكيين" برغم ان هذا الوضع ليس جديدا بشكل كامل.
واردف انه سبق للولايات المتحدة ان اسقطت في العام 2017، طائرات مسيرة "موالية للنظام" في سوريا بالقرب من التنف، كما انه تم استخدام طائرات مسيرة في 20 تشرين الاول/ اكتوبر 2021، لمهاجمة قاعدة التنف، والآن تقول التقارير ان طائرات مسيرة هاجمت مجددا ليلة 15-16 ديسمبر/ كانون الاول الجاري.
ونقل التقرير عن المتحدث باسم القيادة المركزية الامريكية بيل اوربان، قوله ان طائرتين مسيرتين دخلتا منطقة الحظر حول التنف، وانه بالنظر الى ان احدى الطائرتين واصلت مسارها متوغلة بشكل ابعد في منطقة التنف، "فقد تم تقييمها على انها تظهر نية عدائية وجرى سقاطها".
فيما لفتت شبكة "إن بي سي" الامريكية الى ان "الطائرة الثانية استدارت وغادرت المنطقة. ومن غير المعروف ما اذا كانت اي من الطائرتين المسيرتين تحمل متفجرات".
واعتبر التقرير انه طالما ان الطائرة الثانية استدارت للمغادرة فهذا يعني ان مشغليها يدركون ان طائرتهم الاخرى قد تم اسقاطها، وهذا دليل على انها تقوم بمهمة تحت السيطرة، وليست مبرمجة مسبقا للتوجه نحو هدف لضربه، مشيرا الى ان طهران سبق لها ان استخدمت عددا من الطائرات المسيرة وصواريخ "كروز" لضرب منشأة "بقيق" النفطية السعودية في ايلول/ سبتمبر العام 2019، وهو ما كان بمثابة جرس انذار كبير للمنطقة ازاء قدرات ايران.
ورأى تقرير الصحيفة الاسرائيلية ان المسألة الأكبر هنا تتمثل في ان الهجوم في العام 2019 كان عبارة عن مهمة بوجهة وحيدة لطائرة "كاميكازي" ايرانية مسيرة، اما الان فقد تكون الطائرات الايرانية المسيرة "اكثر تطورا وتتمتع باتصالات بعيدة المدى، وان ايران ربما تخطط لهجمات اكثر تعقيدا".
رسائل ايرانية
ثم تساءل التقرير عن "الرسالة" الايرانية من وراء ذلك، موضحا ان طهران او اصدقاءها وحلفاءها، كالنظام السوري والميليشيات الموالية لايران المنتشرة في العراق وسوريا، "تريد أن تغادر الولايات المتحدة التنف. يريدون اخراج الولايات المتحدة من العراق وسوريا بشكل عام، وانه فيما قالت واشنطن انها انهت دورها القتالي في العراق، قال الجنرال كينيث ماكنزي قال قبل ايام ان القوات الامريكية ستبقى في العراق".
وختم التقرير بالاشارة الى انه "ليس معروفا ما تريد الولايات المتحدة القيام به في شرق سوريا، وهي ربما تكون بصدد مراجعة الوضع في سوريا، بينما تريد ايران طرد الامريكيين من خلال المضايقات باستخدام طائرات مسيرة ووسائل اخرى".
واضاف ان "النظام السوري وروسيا وتركيا ودولا اخرى تريد ايضا ان تغادر الولايات المتحدة سوريا".
الرد الامريكي
وفي المقابل، اشار التقرير الى ان مجموعة من النواب الجمهوريين في امريكا يطالبون ادارة جو بايدن بتحديد عملها في مواجهة هذه التهديدات.
واشار الى ان النواب بريان ستيل، وجو ويلسون، وبريان بابين، وأندرو كلايد، وجهوا خطابا يوم الثلاثاء الى وزارة الخارجية الامريكية يطالبون فيه بإجابات حول عدم وجود رد عقابي امريكي على الضربات التي وقعت، بما في ذلك "ضربة ضد حظيرة مزعومة لوكالة المخابرات المركزية في اربيل في نيسان/ ابريل، ومطار بغداد في حزيران/ يونيو الماضيين".
وخلص التقرير الى القول ان تهديد الطائرات المسيرة للقوات الامريكية في سوريا، والاعتراض الامريكي الناجح لها، هي مجرد "جزء من حرب الطائرات المسيرة"، مضيفا انه على المستوى الاستراتيجي فان "الهدف العام لحملة الطائرات الايرانية المسيرة، هو نشر التهديدات من خليج عمان الى سوريا، وامتلاك القدرة على استهداف القوات الامريكية وضرب اهداف تجارية مثل السفن".