شفق نيوز/ منذ وقت طويل، كانت الولايات المتحدة تحث حلفاءها العرب على تطبيع علاقاتهم مع إسرائيل، لذا فإن الإعلان الإماراتي الأخير للتطبيع هو أمر إيجابي بشدة للإدارة الأمريكية.
لكن، وبعيدا عن ذلك، هناك سبب يراه المحللون مهما يقف خلف هذا التطور، وهو أنه رد فعل من أبوظبي وتل أبيب على المنهج الأمريكي المتصاعد والقائم على التخفف من أعباء المنطقة، للتفرغ لملفات أكثر خطوة لواشنطن، وأبرزها العلاقات مع الصين وروسيا.
وربما كان السبب الظاهري لقرار أبوظبي هو عقد صفقة تمنح بموجبها تل أبيب الاعتراف بدلاً من الضم، بحيث تمتنع إسرائيل عن ضم أي أراضي في الضفة الغربية مقابل تطبيع العلاقات مع الإمارات.
لكن الاتفاقية لم تعزز أيًا من الطرفين بشكل كبير، كما كان يمكن أن تفعل في الأوقات السابقة، حيث يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" تحديات داخلية خطيرة، لا سيما فيما يتعلق بتعامل حكومته مع وباء "كورونا"، كما أن لديه التزامات تجاه شركائه في التحالف الذين يعتقدون أن الضم سيكون خطأ.
كان من الصعب على "نتنياهو" المضي قدمًا في عملية الضم على أية حال، وبالتالي فإن الموافقة على عدم القيام بما قد لا يستطيع القيام به مقابل اعتراف دولة عربية أخرى مكسب له.
أما الإمارات فقد دأبت على بناء علاقات أفضل مع إسرائيل منذ سنوات، وتم إبقاء ذلك في السر، لكنه كان معروفًا في الحقيقة، وعلاوة على ذلك، كان من الواضح جدًا أن الإماراتيين لم يستاؤوا من معرفة الناس بما يخططون له، طالما احتفظوا ببعض الإنكار القابل للتصديق.
والسؤال المهم.. ما هو البعد الآخر للقرار الإماراتي-الإسرائيلي؟
يقول "كينيث بولاك"، الخبير في الأمن القومي والشؤون العسكرية والخليج العربي، إن السبب الأعمق لهذه الخطوة في هذا التوقيت يكمن في رغبة واشنطن في فك ارتباطها بالشرق الأوسط، حيث بدأ هذا في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وكان حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط يبغضون هذا الاتجاه، وكانوا يأملون أن يكون هذا مجرد شذوذ، وهكذا تطلعوا إلى رحيل أوباما من البيت الأبيض على أمل عودة الرئيس المقبل إلى نهج أمريكا التقليدي في المنطقة.
لكنهم أصيبوا بخيبة أمل عميقة من إدارة ترامب، التي عمقت هذا السلوك في كثير من الأحيان بطريقة غير منتظمة وغير متوقعة وحتى خطيرة.
أصيب حلفاء أمريكا في الخليج بالقلق الشديد عندما رفضت واشنطن الرد على الهجمات العسكرية الإيرانية الجريئة والمتكررة على ناقلات النفط الإماراتية والسعودية في صيف عام 2019، أو حتى على هجوم الطائرات المسيرة الإيرانية على مصنع معالجة النفط السعودي في بقيق.
كان هذا تراجعًا واضحا عن السياسة الأمريكية التي استمرت 40 عامًا، وعن الالتزام بالشراكة الأمريكية الخليجية وأمن الدول الخليجية، حيث تخلى ترامب عن كل ذلك دون تفكير.