شفق نيوز/ بدأت المحكمة الإقليمية العليا في مدينة فرانكفورت الألمانية، يوم الثلاثاء، بمحاكمة قادة الذراع العسكري لجماعة "مواطني الرايخ" اليمينية المتطرفة، بتهمة التآمر والتخطيط لاقتحام البرلمان الألماني "بوندستاغ" والإطاحة بالحكومة.
وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن من بين المتهمين التسعة الذين يواجهون اتهامات بالانتماء إلى جماعة إرهابية أو دعمها، الأرستقراطي ورجل الأعمال الألماني هاينريش الثالث عشر، أمير رويس، الذي يزعم أنه خطط ليصبح رئيس الدولة بعد الإطاحة بالحكومة الألمانية المنتخبة ديمقراطياً، وكذلك القاضية والنائبة السابقة عن حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، بيرغيت مالساك فينكمان، الموقوفة منذ محاولة الانقلاب في كانون الأول/ ديسمبر 2022، وجنود سابقين في الجيش الألماني.
وبحسب لائحة الاتهام، بدأت المجموعة التخطيط والتحضير لانقلاب في آب/ أغسطس 2021، ووفقاً للادعاء العام، كانت المجموعة تخطط لاقتحام الرايخستاج، مقر البرلمان الألماني، واعتقال كبار المشرعين.
وشنت الشرطة الألمانية مداهمات واسعة النطاق في كانون الأول/ ديسمبر 2022 ضد المتآمرين المزعومين وأنصارهم، ما أثار ضجة في وسائل الإعلام العالمية، وتم توجيه تهم جنائية إلى 27 مشتبهاً بهم في المخطط المزعوم.
وبدأت المحاكمة الأولى المتعلقة بما يسمى الذراع العسكرية للجماعة في شتوتغارت في نهاية نيسان/ أبريل الماضي، ومن المقرر أيضاً محاكمة باقي الأعضاء المزعومين في المجموعة في ميونخ اعتباراً من 18 حزيران/ يونيو المقبل.
ويرفض "مواطنو الرايخ" عموماً الاعتراف بشرعية الحكومة الديمقراطية الألمانية في فترة ما بعد الحرب والحدود الحالية الأصغر حجماً للبلاد.
ووفقا لمكتب المدعي العام الاتحادي، تم تخصيص نحو 500 ألف يورو وترسانة ضخمة من الأسلحة من أجل تنفيذ خطط الانقلاب.
وقال مكتب المدعي العام الاتحادي إن أعضاء المجموعة لديهم رفض عميق لمؤسسات الدولة والنظام الأساسي الديمقراطي الحر، مضيفاً "لقد اتبعوا مزيجاً من أساطير المؤامرة".
ويحاكم أمام المحكمة الإقليمية في فرانكفورت زعيما المجموعة المزعومان، رويس وروديغر فون بيسكاتور، الذي يقال إنه ترأس الذراع العسكرية للمجموعة.
ويتعلق جزء من الدعوى أيضاً بالتحضير لعملية خيانة، حيث جرت استعدادات ملموسة مثل تجنيد أفراد عسكريين.
وشددت السلطات الإجراءات الأمنية في موقع المحاكمة لأقصى درجة. وتم بناء قاعة ذات تصميم مبسط من المعدن على مساحة نحو 1300 متر مربع خصيصاً لهذه المحاكمة الاستثنائية في ضواحي مدينة فرانكفورت.
ووصفت وكالة "فرانس برس" الفرنسية هذه المحاكمة بأنها "غير مسبوقة" في تاريخ ألمانيا الحديث.
فيما كتبت مجلة "دير شبيغل" الألمانية أن محكمة فرانكفورت ستبحث على مدى أسابيع في "العالم الغريب" لمجموعة تتغذى "على أساطير منتشرة على الإنترنت، والكراهية، والإيمان بالقوى الكونية".
وقالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر، في بيان اليوم الثلاثاء، إن هؤلاء الأشخاص ليسوا "مجانين غير مؤذين، بل إرهابيون خطرون مشتبه بهم، كانوا يعدون لانقلاب عنيف مدفوعاً بكراهية لديمقراطيتنا".
وخطّطت المجموعة لتنصيب هاينريش الثالث عشر على رأس البلاد، وهو أرستقراطي ورجل أعمال يبلغ 72 عاماً معروف باسم الأمير رويس، متحدر من سلالة من ولاية تورينغن.
ومن بين المتهمين أيضا الليفتنانت السابق في الجيش الألماني روديغر فون بيسكاتوره (70 عاما) الذي كان قائد كتيبة مظليين في تسعينيات القرن الماضي، وكولونيل سابق في الجيش، وجندي سابق في القوات الخاصة وشرطي سابق.
وتأثر المتّهمون خصوصاً بإيديولوجية "مواطني الرايخ" وهي حركة تجمع متطرفين من اليمين وعشاقاً للأسلحة يرفضون شرعية الجمهورية الألمانية الحديثة، ويؤمنون بحدود الرايخ الألماني قبل الحرب العالمية الأولى والنظام الملكي.
وأعلنت مجموعات من أنصارها إنشاء دويلاتها الخاصة.
وكانوا مقتنعين بأن ألمانيا تديرها "طائفة تآمرية من النخب المتحرشة بالأطفال"، وفق لائحة الاتهام التي قرأها المدعي العام. وتذكر هذه الإيديولوجيا بحركة "كيو أنون" التآمرية في الولايات المتحدة.
ويخيم طيف موسكو على المؤامرة، إذ يشتبه في أن صديقة هاينريش الثالث عشر وهي مواطنة روسية تُدعى فيتاليا بي "دبرت اتصال الأرستقراطي بالقنصلية العامة الروسية في لايبزيغ ورافقته الى هناك في حزيران/ يونيو 2022".
وسعى هاينريش الثالث عشر للحصول على دعم من السلطات الروسية حتى لو كان الكرملين نفى أي "تدخل" عندما فكّكت الخلية.
وأضاف المحققون "كان واضحا لأفراد (المجموعة) أن عملية الاستيلاء على السلطة التي يخطّطون لها ستؤدي إلى مقتل أشخاص".
وخلال السنوات الأخيرة، صنّفت السلطات الألمانية عنف اليمين المتطرف على أنه التهديد الأول للنظام العام، قبل الخطر الجهادي.
وقبل عامين فكّكت شبكتان، خطّطت إحداهما لاختطاف وزير الصحة الذي يقف خلف فرض التدابير التقييدية خلال جائحة كوفيد-19.