شفق نيوز- بروكسل

وافقت أغلبية دول الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع في بلجيكا، يوم الاثنين، على حزمة تشريعات جديدة تشدد سياسة الهجرة، وتفتح الباب لإرسال مهاجرين إلى مراكز عودة في دول تعتبرها بروكسل "آمنة".

وصادقت دول الاتحاد الأوروبي على تشدد واضح في سياسة الهجرة، في قرار يمهّد لإرسال مهاجرين إلى مراكز خاصة خارج حدود التكتل. وحظيت هذه الخطوة بتأييد واسع بين الدول السبع والعشرين، بدفع من أحزاب اليمين واليمين المتطرف، لكنها لا تزال بحاجة إلى موافقة البرلمان الأوروبي لتصبح نافذة.

وزراء الداخلية في دول الاتحاد أقرّوا خلال اجتماعهم في بروكسل ثلاثة نصوص رئيسية قدمتها المفوضية الأوروبية لتنظيم وصول المهاجرين وكيفية إعادتهم.

وتتيح هذه النصوص إنشاء "مراكز عودة" في دول خارج الاتحاد يُرسَل إليها المهاجرون الذين رُفضت طلبات لجوئهم، وتشديد العقوبات على من يرفضون مغادرةالأراضي الأوروبية، عبر إطالة فترات الاحتجاز، إضافة إلى إمكانية نقل مهاجرين إلى دول لا يتحدرون منها لكنها تُصنَّف أوروبيا على أنها "آمنة".

المفوض الأوروبي ماغنوس برونر، الذي يقف خلف تشديد هذه التدابير، برر الخطوات الجديدة بالقول إن على الاتحاد أن يظهر لمواطنيه أنه قادر على "ضبط الوضع" في ملف الهجرة غير النظامية، معتبرا أن تحقيق تقدم في هذا الملف ضروري للحفاظ على ثقة الرأي العام.

في المقابل، أثارت هذه التوجهات غضب أحزاب اليسار ومنظمات الدفاع عن حقوق المهاجرين، التي ترى أن الإجراءات الجديدة تهدد حقوق الإنسان وتوسع دائرة الهشاشة القانونية.

سيلفيا كارتا من منظمة "بيكوم" غير الحكومية المعنية بالمهاجرين غير النظاميين، انتقدت المسار الأوروبي قائلة إن الاتحاد بدلا من الاستثمار في الحماية والإدماج، يختار سياسات قد تدفع مزيدا من الأشخاص إلى المخاطر القانونية والإنسانية.

وجاء تسريع العمل على هذه الحزمة تحت ضغط من الدنمارك التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، وتدعو منذ سنوات إلى تشديد الرقابة على الهجرة.

وأكد دبلوماسي أوروبي أن النقاشات في عواصم الاتحاد تتقدم "بسرعة كبيرة"، مشيرا إلى وجود "إرادة سياسية مشتركة على نطاق واسع" بين معظم الدول الأعضاء للمصادقة على المقترحات الجديدة.

مع ذلك، لا تزال بعض العواصم متحفظة. ففرنسا تطرح تساؤلات قانونية وعملية حول جدوى بعض التدابير، بينما تبدي إسبانيا شكوكا خاصة بشأن فكرة "مراكز العودة" في دول ثالثة، مستندة إلى تجارب سابقة لم تحقق نجاحا حقيقيا.

وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا أقر بأن الدفاع عن هذا الموقف يصبح أكثر صعوبة في ظل الضغوط المتزايدة من شركاء أوروبيين يدفعون باتجاه تشديد أكبر.

وتحظى هذه الحزمة بدعم واضح من أحزاب اليمين واليمين المتطرف، التي تحالفت في البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي لمنحها موافقة مبدئية، ما يزيد الضغوط على القوى السياسية المتحفظة ومعارضي المشروع.

إلى جانب تشديد الإجراءات على الحدود، يناقش الاتحاد الأوروبي أيضا نظاما جديدا لتوزيع طالبي اللجوء بين الدول الأعضاء.

ويهدف هذا النظام إلى تخفيف العبء عن دول الخط الأمامي لمسارات الهجرة، مثل إيطاليا واليونان، من خلال إلزام دول أخرى باستقبال حصص من طالبي اللجوء على أراضيها، والدول التي ترفض استقبال هؤلاء سيكون عليها دفع مساهمة مالية قدرها عشرون ألف يورو عن كل طالب لجوء، تُحوَّل إلى الدول التي تتحمل العبء الأكبر.

المفاوضات حول هذا النظام مستمرة منذ أسابيع وشهدت عدة انتكاسات، خاصة في ظل تجاذبات سياسية داخلية في عدد من الدول.

وبحسب مسؤول أوروبي، لا يرغب إلا عدد قليل من وزراء الداخلية في إعلان استعدادهم علنا لاستقبال آلاف من طالبي اللجوء، ما يعقّد الوصول إلى صيغة نهائية.

ورغم الخلافات، يواجه الاتحاد الأوروبي سباقا مع الزمن للتوصل إلى اتفاق بشأن توزيع آلاف طالبي اللجوء قبل نهاية العام، في وقت يُتوقع أن تستمر المعركة السياسية والقانونية حول مشروعية نقل المهاجرين إلى مراكز في دول خارجية وما يترتب على ذلك من التزامات حقوقية وإنسانية.