شفق نيوز- واشنطن
تباينت الآراء في
الصين، عقب الاجتماع الأخير الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الصيني
شي جين بينغ في كوريا الجنوبية، يوم أمس، بشأن التعريفة الكمركية.
ووافقت الولايات
المتحدة على خفض التعريفة الكمركية المتعلقة بمادة "الفنتانيل"، بنسبة
50%، وخفض التعريفات الجمركية المتبادلة بنسبة 24% لمدة عام كامل، بدلاً من 90
يوماً كما كان متوقعاً سابقاً.
وبحسب الخبراء
الصينيين، فيمثل هذا التنازل خطوة مهمة للمصدرين الصينيين، الذين ما زالوا يتحملون
رسوماً كمركية مرتفعة تصل في المتوسط إلى 55%، بما في ذلك 20% على مادة
"الفنتانيل" و10% رسوم متبادلة و25% من التعريفات المفروضة منذ الحرب
التجارية عام 2018.
وقد ساهمت هذه
الإجراءات في انخفاض صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة 16.9% خلال الأشهر
التسعة الأولى من 2025، ومن المتوقع أن تنخفض من 526 مليار دولار في 2024 إلى 435
مليار دولار هذا العام، ويشير تخفيف الرسوم الجمركية إلى توفير محتمل بمقدار 43.5
مليار دولار سنوياً للمصدرين الصينيين.
بينما أوضح
الخبراء الصينيون، أن "هذه الخطوة تمنح الشركات الصينية مزيداً من الوقت
لتثبيت مواقعها في السوق الأميركية، والحفاظ على الوظائف وإعادة بناء ثقة العملاء
بعد فترة طويلة من عدم اليقين التجاري".
وفقاً للخبراء،
كان تخفيف التعريفات الأميركية نتيجة مباشرة للقيود التي فرضتها الصين على المواد
النادرة و"الفنتانيل"، فقد شهدت الولايات المتحدة تحديات كبيرة في
صناعاتها الاستراتيجية، مثل توقف خطوط إنتاج صواريخ رايثيون وتأخير دورة تصنيع
مقاتلات إف-35 من 61 إلى 300 يوم بسبب نقص المواد النادرة المعالجة في الصين.
في حين، استغلّت
الصين مواردها الأرضية النادرة بفاعلية خلال المفاوضات، ما منحها هامشاً لتعديل سلاسل
التوريد الوطنية وتعزيز قدراتها الصناعية.
وأشار المعلقون،
إلى أن بكين تمكنت من كسب الوقت لاستقرار الصناعات المحلية مع استمرار تقديم
تنازلات في قضايا محددة، مثل الفنتانيل وفول الصويا، مع الاحتفاظ بخططها طويلة
الأمد لدعم الابتكار التكنولوجي والسيطرة على القطاعات الاستراتيجية.
من جانب آخر، يرى
بعض الخبراء، أن الولايات المتحدة ما تزال ملتزمة بكبح التطور التكنولوجي الصيني،
لكنها اضطرت إلى تقديم تنازلات قصيرة الأجل للحفاظ على استقرار الاقتصاد الأميركي
وسلسلة التوريد، خاصة قبل الانتخابات التمهيدية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2026، وهو
ما يعكس التوازن الصعب بين السياسة والاقتصاد في إدارة ترمب.
وأثار إعلان
تمديد تعليق الرسوم الجمركية لعام كامل موجة تفاؤل واسعة في الصين، خصوصاً بين
الصناعات التحويلية ومراكز التصدير في غوانغدونغ وجيانغسو، فقد اعتبر القادة
الصناعيون القرار بمنزلة "شريان حياة" يعيد الثقة لقطاع الإنتاج ويضمن
استمرار العقود الأميركية. بينما كتب بعض
المعلقين أن الهدنة التجارية ستتيح للشركات الصينية تأجيل خطط رفع الأسعار أو نقل
المصانع إلى جنوب شرق آسيا، ما يمنحها مزيداً من الوقت لتخطيط الاستثمارات واستقرار
العمالة.
كما أعلنت بكين
تأجيل تطبيق قواعدها الجديدة المتعلقة بالعناصر الأرضية النادرة لمدة عام، ووافق
الجانب الأميركي على تعليق تطبيق رسوم الموانئ وقواعد العقوبات لمدة عام أيضاً.
ورغم هذا
الاحتفال الصيني، يرى محللون أن التنازلات الأميركية لا تعني تغيراً جوهرياً في
استراتيجية واشنطن تجاه الصين؛ فالتنافس التكنولوجي والسيطرة على القطاعات الحيوية
سيستمر، لكن الهدنة الحالية تمنح كلا الطرفين فرصة لتهدئة الأسواق، وإعادة تنظيم
السلاسل الإنتاجية، والاستعداد لمفاوضات أوسع، مع بقاء زيارة ترمب المقررة للصين
في أبريل/ نيسان المقبل مؤشراً على استمرار الحوار والتفاوض على صفقات أكبر.
في النهاية،
اعتبرت الصين التنازلات التجارية الأخيرة من قبل ترمب انتصارًا مؤقتاً، إذ أعادت
استقرار سلاسل التوريد وأسهمت في تهدئة القطاع الصناعي الصيني، بينما حافظت
الولايات المتحدة على أدوات الضغط التكنولوجي والسياسي.