شفق نيوز/ أدت الحرب الروسية قبل أكثر من عام ونصف إلى حدوث أزمات اجتماعية حادة في اوكرانيا، إذ تشتت شمل الكثير من العائلات وتفشى "وباء الطلاق" بشكل كبير بين الأزواج.

وبحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" وترجمه موقع الحرة الأمريكي فقد أوضحت الأخصائية الاجتماعية آنا تروفيمنكو، في حديث للصحيفة، أن "وباء الطلاق" قد يكون إحدى أشد العواقب الاجتماعية بعيدة المدى للحرب، لأنه يؤثر على أنماط العلاقات الاجتماعية، وهيكل الأسرة، والطريقة التي سيتم بها تربية الأطفال الأوكرانيين لسنوات قادمة.

وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قد قرر في الأيام الأولى من الحرب، منع الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاما من المغادرة، مع منح استثناءات قليلة.

وكان القصد من ذلك المرسوم هو الحفاظ على القوة القتالية داخل البلاد لمقاومة الجيش الروسي، لكنه في نفس الوقت أدى إلى حدوث نزوح جماعي من جانب واحد، إذ إن 90 بالمئة من اللاجئين الأوكرانيين البالغ عددهم 8 ملايين هم من النساء والأطفال.

ووفقا للعديد من التقارير والدراسات فإن العديد من النساء، المتزوجات أو العازبات، لا يخططن للعودة إلى بلادهن بعد أن باشرن حياة جديدة ومستقرة في بلدان أوروبية غنية.

وأشارت بعض الشهادات التي رصدتها الصحيفة إلى أن ثمة نساء وجدن في الحرب فرصة للهرب من علاقات عنيفة، خاصة وأن مرسوم الرئيس الأوكراني قد أوجد مساحة آمنة للسيدات الموجودات الآن في بولندا وألمانيا ودول أخرى لطلب الطلاق.

بيد أن ذلك المرسوم قد تسبب أيضا في الكثير من الألم للرجال الذين تفرقوا عن أطفالهم وزوجاتهم بسبب منع السفر المفروض.

وكان عدد الزيجات المنتهية في أوكرانيا في العام الماضي أعلى بمرتين أو حتى ثلاثة أضعاف ما كان عليه قبل الحرب، وفقا لتقديرات أخصائيي الصحة العقلية الأوكرانيين والمحامين المختصين بدعاوى الطلاق وخبراء المواعدة وكتبة المحاكم والقضاة.

"طلاق عن بعد"

ويدعي الخبراء أن الدافع وراء معدل الطلاق الكبير في أوكرانيا، ليس التوتر والضغوطات النفسية والاجتماعية المرتبطة بالحرب فقط بل أيضا بسبب مغادرة النساء للبلاد.

وفي هذا الصدد تقول الأخصائية تروفيمنكو إنه عندما ينفصل الناس عن مجتمعاتهم، يباشرون في إعادة تقييم كل شيء.

وتابعت: "يبدأ الناس في طرح الأسئلة من قبيل هل هذا الشخص الذي أمضيت سنوات عديدة من حياتي ما زال مناسبا لي؟.. هل بقيت هويتي وشخصيتي كما في السابق؟".

وهكذا، وجراء الحرب، فإن طلب الطلاق في أوكرانيا بات ممكنا رغم بعد المسافات، إذ تستطيع النساء أن ترسل شهادات الزواج والميلاد وصورا ضوئية عن جوازات السفر للبت في قضايا الانفصال أمام المحاكم.

ولكن بالنسبة للعديد من الأزواج الأوكرانيين، فإن قضية الحضانة معقدة بشكل خاص في الوقت الحالي، فبسبب حالة الحرب لم يعد صعبا على المرأة مغادرة البلاد مع أطفالها دون موافقة الأب.

وبناء على ذلك ماذا يفعل القضاة إذا غادرت امرأة البلاد مع الأطفال، وانفصل الزوجان وبقي الأب عالق في أوكرانيا ولكنه يريد رؤية أولاده؟

تجيب، إيفانا ييروسوفا، إحدى القاضيات في كييف قائلة: "لا يمكنني أن أفرض على الأم العودة مع الطفل في ظل الهجمات الصاروخية اليومية".

وقالت إنها لا تملك السلطة لمنح الرجال الإذن بعبور حدود أوكرانيا لزيارة أطفالهم في الخارج، ولكنها أشارت إلى أنه يمكن للقضاة أن يأمروا الأمهات بالخارج بالسماح لأطفالهن بالتواصل مع آبائهم عبر الدردشة الإلكترونية.

وأوضحت ييروسوفا أنه عندما تنتهي الحرب، فإنها تتوقع حدوث تسويات طلاق جديدة تحدد حق الأب في رؤية صغاره، حيثما كان مكان سكنهم.

"بيانات مضللة"

ووفقا لوزارة العدل الأوكرانية، فقد انخفض عدد حالات الطلاق إلى 17893 حالة في عام 2022 من 29587 في 2021، لكن الخبراء يقولون إن تلك البيانات "مضللة"، زاعمين أن الحرب أعاقت عمل نظام المحاكم في أوكرانيا.

وقال القضاة وعلماء النفس ومحامو الطلاق إن عدد الأزواج المنفصلين والذين سيتم طلاقهم قريبا يتزايد بشكل حاد.