شفق نيوز/ كشفت صحيفة "نيويورك بوست" الامريكية، يوم الثلاثاء، عن استهداف إسرائيل لمنشآت إيرانية خلال 18 شهراً الماضية عبر ألف عنصر موساد و10 علماء نوويين.
وقالت الصحيفة في تقرير حصري لها، إن إسرائيل نفذت ثلاث عمليات كبيرة خلال الشهور الثمانية عشر الماضية ضد المواقع النووية الإيرانية. وشارك في هذه الهجمات ما يصل إلى ألف من أفراد الموساد ونُفذت بدقة شديدة باستخدام أسلحة عالية التقنية، بما في ذلك طائرات بدون طيار وطائرة كوادكوبتر وجواسيس داخل أخطر مواقع طهران وهي منشآت برنامجها النووي.
وبينما يحاول المفاوضون النوويون للرئيس الأميركي جو بايدن انتزاع الصفقة الكارثية من بين فكي الهزيمة في فيينا، فإن إسرائيل تأخذ الأمور على محمل الجد، وفقاً للصحيفة التي اضافت، أن نفتالي بينيت رئيس الوزراء الإسرائيلي ركز في الأسبوع الماضي على سياسة جديدة تجاه طهران وهي: "الرد على عدوان الميليشيات المدعومة من طهران بضربات سرية على الأراضي الإيرانية"... وهذا يعتمد على القدرات الواسعة التي بناها الموساد داخل إيران في السنوات الأخيرة.
وفي فبراير/ شباط، وقبل سبعة أشهر من كشف "نيويورك تايمز" نفس القصة كشفت صحيفة "جيويش كرونيكل أوف لندن" كيف قتل جواسيس إسرائيليون العالم النووي الايراني محسن فخري زاده باستخدام مدفع رشاش يتم التحكم فيه عن بعد.
وتقول صحيفة "نيويورك بوست": "يمكننا الآن الكشف عن أسرار هجوم إسرائيل الثلاثي الأخير على طموحات إيران النووية".
وبدأت جهود التخريب الثلاثية في 2 يوليو/ تموز 2020، بانفجار غامض في مركز إيران لأجهزة الطرد المركزي المتقدمة (ICAC) في نطنز، أحد المواقع النووية الآمنة والمنتشرة في جميع أنحاء إيران.
وفي البداية، كان الإيرانيون في حيرة من أمرهم. وكأن المبنى فجر نفسه. ولكن كيف؟ والجواب، كما يقولون صدمهم. وهو عندما كان الايرانيون يقومون بتجديد المنشأة في عام 2019، تظاهر عملاء إسرائيليون بأنهم تجار بناء وباعوا لهم مواد البناء التي تحتاجها المنشأة.. وكانت مواد البناء تلك مليئة بالمتفجرات. وبعد ذلك بعام، تم تفجيرها من قبل تل أبيب. وعلى الرغم من أن هذا تسبب في أضرار جسيمة، إلا أن مصنع نطنز كان بعيدًا عن الاستهداف.
ووفقا لتقرير صحيفة "نيويورك بوست" الأميركية، فأن تحت طبقة واقية من 40 قدمًا من الخرسانة والحديد يوجد الحرم الداخلي للقاعة A1000 تحت الأرض. وكان بالداخل ما يصل إلى 5000 جهاز طرد مركزي كانت تبتعد ليلاً ونهارًا لتقرب النظام الإيراني من السلاح النووي.
وتحولت المرحلة الثانية من الخطة إلى العمل حيث اتصل جواسيس الموساد بما يصل إلى 10 علماء إيرانيين يمكنهم من الوصول إلى هذه القاعة وتمكنوا من إقناعهم بتبديل مواقفهم رغم أنهم قادوا العلماء إلى الاعتقاد بأنهم يعملون لصالح منشقين دوليين وليس لإسرائيل وبشكل لا يصدق وافق العلماء على تفجير المنشأة شديدة الحراسة.
وكانت دوافعهم مختلفة. وقال مصدر إسرائيلي مطلع "اكتشف الموساد ما يريدونه بشدة في حياتهم وقدمه لهم، وكانت هناك دائرة داخلية من العلماء الذين يعرفون المزيد عن العملية، ودائرة خارجية ساعدتهم ولكن كانت لديهم معلومات أقل".
لكن بقي لغز إدخال المتفجرات إلى المجمع المحصن غامضا. ومع ذلك تم تحقيق ذلك بطريقتين. أولاً ، حلقت طائرة بدون طيار في مجالها الجوي وسلمت القنابل إلى موقع متفق عليه ليجمعها العلماء ثم جاءت عملية التهريب. وبحسب المصدر الإسرائيلي: "لنفترض أنك أردت إدخال متفجرات إلى نطنز.. كيف يمكنك أن تفعل ذلك؟ يمكنك، على سبيل المثال، التفكير في كيفية حاجة الأشخاص العاملين هناك لتناول الطعام. إنهم بحاجة إلى الطعام. "لذا يمكنك وضع المتفجرات في الشاحنة التي توصل الطعام إلى المقصف، ويمكن للعلماء استلامها بمجرد دخولها. نعم، يمكنك فعل ذلك".
ونجحت الخطة.. إذ قام العلماء بجمع القنابل وتركيبها في المنشأة. وفي أبريل/ نيسان، بعد أن أعلنت إيران أنها بدأت في استخدام أجهزة طرد مركزي متطورة من طراز IR-5 و IR-6 في القاعة تحت الأرض وفي تحد صارخ لالتزاماتها النووية تم تفجير المتفجرات.
وبالفعل دمر الانفجار نظام الطاقة الآمن، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي. وتم تدمير تسعين بالمائة من أجهزة الطرد المركزي، مما أدى إلى توقف المنشأة عن العمل لمدة تصل إلى تسعة أشهر. واختفى العلماء على الفور وكلهم الآن على قيد الحياة وبصحة جيدة اليوم.
ثم تحول اهتمام الموساد إلى إنتاج أجهزة الطرد المركزي نفسها، لتعطيل محاولة النظام استعادة منشأة نطنز. وانتقلت العملية إلى كرج، على بعد 30 ميلاً شمال غرب طهران، حيث توجد شركة تكنولوجيا أجهزة الطرد المركزي الإيرانية (TESA).
وعلى مدى الأشهر السابقة، قام فريق من الجواسيس الإسرائيليين وعملائهم الإيرانيين بتهريب طائرة كوادكوبتر مسلحة تزن نفس وزن الدراجة النارية، كما أكد المصدر حيث تم تهريبها قطعة قطعة حتى جاء وقت استخدامها.
وفي 23 يونيو/ حزيران، قام الفريق بتجميع القطع ونقلها إلى موقع على بعد 10 أميال من مصنع TESA. وقام الموساد بإطلاقها مستهدفة المصنع مما تسبب في انفجار كبير ثم عادت الطائرة بدون طيار إلى موقع الإطلاق حيث تم إبعادها لاستخدامها مرة أخرى.
والجدير ذكره أن هذه العمليات تمت أثناء استمرار المفاوضات في فيينا. وتم تنفيذ عمليات الموساد دون تعاون دولي وبالأخص دون تعاون أميركي وفقاً لتقرير حصري لصحيفة "نيويورك بوست" الأميركية.