شفق نيوز/ يبدو أن الانشقاقات  التي ضربت قبل فترة الداخل الإسرائيلي، حول الحرب في غزة، لم تهدأ رحاها،، خاصة بعد ما كشفت تقارير عن مواجهة الجيش الإسرائيلي أزمة في الذخيرة وحاجته إلى وقت لتعافي القوات والتقاط الأنفاس، حيث قال قادة القوات العاملة بالقطاع إن الجنود باتوا "منهكين"، الأمر الذي يتجاهله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مستبعداً احتمالية وقف الحرب في غزة.

وجاءت تصريحات نتنياهو بعد ساعات من تقرير بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية نقل عن مصادر بالجيش الإسرائيلي قولها إن الجيش يعاني من نقص بالذخائر وقطع الغيار والقوات، ويحتاج لوقت من أجل ملء مخازنه، وبالتالي يحتاج لهدنة حتى لو أدى ذلك إلى بقاء حركة "حماس" في الحكم بقطاع غزة حالياً.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي في مقطع فيديو عرضته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية: "لن ننهي الحرب إلا بعد تحقيق جميع أهدافها، والجيش الإسرائيلي لديه كل الوسائل لتحقيقها".

وهاجم نتنياهو المصادر التي نقلت عنها الصحيفة الأميركية، وقال: "لا أعرف من هي هذه المصادر التي لم تتم تسميتها، لكنني هنا لأوضح تماماً أن هذا لن يحدث".

وتابع: "نحن لا نستسلم لروح الهزيمة، لا في صحيفة نيويورك تايمز ولا في أي مكان آخر. نحن مشبعون بروح النصر".

"جنود إسرائيل منهكون"

من ناحية أخرى، كشفت هيئة البث الإسرائيلية أن قادة الفرق الأربعة التابعة للقوات الإسرائيلية العاملة في قطاع غزة قالوا، في نقاش مع نتنياهو، إن الجنود الإسرائيليين باتوا منهكين لدرجة "الاحتراق" بعد 9 شهور من القتال العنيف في غزة.

وأكد قادة الفرق الإسرائيلية وجود "تبرم وانتقادات" في صفوف مقاتلي وقادة قوات الاحتياط الإسرائيلية العاملة في غزة بسبب ما يعتبرونه "عدم مساواة في الأعباء وعدم كفاية بالأجور"، محذرين من أن ذلك له "تأثير سلبي" على أداء القوات الإسرائيلية في ميدان القتال.

وأوضح قادة القوات الإسرائيلية لنتنياهو أن "تدمير البنية التحتية" لحركة حماس "تحت الأرض" سيستغرق "وقتاً طويلاً"، لكنهم قالوا إن "إنجازات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة تتراكم، ونقترب من تفكيك كتائب حماس".

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عمن وصفتهم بـ"مصادر مطلعة على الحوار بين المستويين السياسي والعسكري" في إسرائيل، قولهم إن القيادة السياسية أكدت أن إسرائيل ستنتقل تدريجياً إلى المرحلة الثالثة من الحرب في القطاع خلال شهر يوليو.

نقص الذخيرة في الجيش الإسرائيلي

ويعتقد قادة الجيش الإسرائيلي أن هدنة في غزة ستكون "الطريقة الأمثل" لتحرير نحو 120 إسرائيلياً، سواء كانوا موتى أو أحياء، لا يزالون محتجزين في القطاع الفلسطيني، وفقاً لمقابلات أجرتها "نيويورك تايمز" مع 6 مسؤولين أمنيين حاليين وسابقين.

ونظراً لعدم كفاية الموارد للاستمرار في الحرب التي تعتبر الأطول منذ عقود للجيش الإسرائيلي، يعتقد القادة أن قواتهم بحاجة إلى وقت للتعافي، لا سيما من أجل الاستعداد حال اندلاع حرب برية ضد جماعة "حزب الله" اللبنانية، بحسب ما ذكره عدة مسؤولين.

واعتبر المسؤولون، الذين تحدثوا لـ"نيويورك تايمز" شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، أن الاتفاق مع "حماس" على هدنة سيسهل في المقابل الوصول إلى اتفاق مع "حزب الله" الذي أعلن أنه سيواصل قصف شمال إسرائيل حتى توقف الأخيرة حربها في قطاع غزة.

تحول كبير

ويعكس موقف الجيش الإسرائيلي من الهدنة "تحولاً كبيراً في التفكير" على مدى الأشهر الماضية بعد أن بات واضحاً أن نتنياهو يرفض الالتزام أو الإفصاح عن خطة لما بعد الحرب.

وأدى موقف نتنياهو هذا إلى خلق فراغ في السلطة داخل القطاع، ما اضطر معه الجيش الإسرائيلي إلى العودة للقتال في أجزاء من غزة سبق له أن "طهرها" من مقاتلي "حماس"، بحسب الصحيفة.

وقال إيال هولاتا، الذي كان يشغل منصب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي حتى أوائل العام الماضي ويتحدث بانتظام مع كبار القادة العسكريين، إن "الجيش يدعم بشكل كامل التوصل إلى اتفاق بشأن المحتجزين، ووقف إطلاق النار".

وأضاف هولاتا، لـ"نيويورك تايمز"، أن "القادة العسكريين الإسرائيليين يتفهمون جيداً أن وقف القتال في غزة يزيد من فرص عدم التصعيد في لبنان، خاصة أنهم يعانون من نقص في الذخائر وقطع الغيار والطاقة أكثر من ذي قبل".

وأشار كذلك إلى أن القادة العسكريين "يعتقدون أيضاً أن وقف القتال في غزة يمنح الجيش المزيد من الوقت للاستعداد في حالة اندلاع حرب أكبر مع (حزب الله)".

ومع عدم استعداد نتنياهو للالتزام سواء بـ"احتلال غزة" أو "نقل السلطة إلى قيادة فلسطينية بديلة"، يخشى قادة الجيش الإسرائيلي من اندلاع "حرب طويلة المدى" تُستنزف فيها طاقاته وذخائرها مع بقاء المحتجزين قيد الاحتجاز، واستمرار قادة "حماس" طلقاء.

وقال هولاتا إنه "في مواجهة هذا السيناريو، يظل بقاء (حماس) في السلطة حالياً مقابل عودة المحتجزين هو الخيار الأقل بالنسبة لإسرائيل"، وهو رأي اتفق معه 4 مسؤولين رفيعين تحدثوا لـ"نيويورك تايمز".

"ذر الرماد في العيون"

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجاري، في يونيو، إن "أولئك الذين يعتقدون أن بمقدورنا جعل (حماس) تختفي مخطئون"، موضحاً أن الحركة "فكرة وحزب سياسي ومتجذرة في قلوب الناس".

وذكر أن "الإشارة إلى خلاف ذلك يعني ذر الرماد في عيون الشعب"، بحسب ما نقلته "نيويورك تايمز" التي اعتبرت تصريحه انتقاداً صريحاً لنتنياهو.

وأضاف: "ما يمكننا عمله هو إنشاء كيان يحل محل (حماس)، شيء يجعل السكان يعرفون أن شخصاً ما آخر يقوم بتوزيع المواد الغذائية، وتقديم الخدمات العامة، أما مسألة من هو ذلك الشخص، وما ذاك الشيء فمتروكة لصانعي القرار".

وحاول رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي، مؤخراً، تسليط الضوء على إنجازات الجيش، ما اعتبره بعض المحللين "محاولة لخلق ذريعة لإسدال الستار على حرب غزة مع حفظ ماء الوجه".

ومع تقدم القوات الإسرائيلية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة في 24 يونيو، قال هاليفي إن الجيش "يقترب من النقطة التي يمكننا عندها القول أننا فككنا كتيبة رفح، وإنها تجرعت الهزيمة"، لافتاً إلى أن هذا "لا يعني أنه لم يعد هناك المزيد، لكن يعني أنهم لم يعودوا قادرين على العمل كوحدة قتالية".

وكان نتنياهو قال، الاثنين، إن إسرائيل كانت قريبة من "القضاء على جيش (حماس)"، لكنه لم يصل إلى حد القول إن هذا سيسمح لبلاده بإنهاء الحرب.

وفي مقابلة متلفزة "نادرة" في أواخر يونيو/ حزيران، رفض نتنياهو أي مقترحات بضرورة إنهاء الحرب على غزة، لكنه أقر بأن الجيش يجب أن "يقلص" وجوده في غزة "لنقل جزء من قواتنا إلى الشمال".

نقص الموارد

وقال مسؤولون لـ"نيويورك تايمز" إنه بعد مضي نحو 9 أشهر على حرب غزة، يعاني الجيش الإسرائيلي من نقص قطع الغيار والذخائر والقوات وحتى دوافع هذه الحرب.

واعتبروا أن هذه الحرب هي "الصراع الأكثر حدة" بالنسبة لإسرائيل منذ 4 عقود على الأقل، و"الأطول أمداً" في غزة، و"الأشد قسوة على جيش يعتمد بدرجة كبيرة على جنود الاحتياط الذين يقضي بعضهم الجولة الثالثة من خدمته منذ أكتوبر، ويعانون من أجل تحقيق التوازن بين القتال من جهة والتزاماتهم المهنية والعائلية من جهة أخرى".

ولفت ضابطان في الجيش الإسرائيلي إلى أن بعض الدبابات في غزة "غير محملة بطاقتها الاستيعابية الكاملة من القذائف التي تحملها عادة"، حيث يحاول الجيش أن يحافظ على مخزوناته "تحسباً لاندلاع حرب أكبر مع (حزب الله)".

وأكد 5 ضباط ومسؤولين للصحيفة الأميركية أن "الجيش يعاني من نقص في القذائف التي بدأت تنفد، كما يعاني من نقص في قطع غيار الدبابات والجرافات العسكرية والمركبات المدرعة".