شفق نيوز/ أعلنت الأمم المتحدة، يوم الثلاثاء، أن الحرب المستعرة منذ شهرين في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع شردت أكثر من 2.5 مليون مواطن، فيما امتلأت شوارع دارفور بالجثث.
وأوقعت المعارك الدائرة بين الجيش بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو، أكثر من ألفي قتيل، وفقاً لتقديرات يرى خبراء أنّها أقلّ بكثير من الواقع، بحسب وكالة "فرانس برس".
وإذا كان الهدوء يخيّم حالياً على العاصمة الخرطوم، ففي الجنينة، المدينة الأكثر تضرراً من الحرب والواقعة في إقليم دارفور (غرب) والتي شهدت أعنف المعارك، تمتلئ الشوارع المهجورة بالجثث والمتاجر تعرّضت للنهب.
وفي رسالة صوتية نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي اليوم، قال دقلو المعروف بـ"حميدتي" إنّه بسبب "الصراع بين المكونات القبلية في الجنينة أمرنا قواتنا هناك بعدم التدخل".
وأكد دقلو أن لديه "كل المعلومات حول عمليات التسليح التي تمت من قبل مخابرات الجيش، ولجميع الأطراف في الولاية، من أجل إشعال الفتنة".
ومنذ أيام يفرّ سكان الجنينة سيراً على القدمين في طوابير طويلة، حاملين معهم ما تيسر، على أمل الوصول إلى تشاد الواقعة على بُعد 20 كيلومتراً إلى الغرب.
ويقول هؤلاء الفارّون من أتون المعارك إنهم يتعرّضون لإطلاق نار ويتم تفتيشهم مرات عدّة على الطريق.
وبحسب منظمة "أطباء بلا حدود" فإن "15 ألف سوداني، من بينهم قرابة 900 مصاب، فرّوا إلى مدينة آدريه في تشاد تحت وابل من النيران التي يطلقها الجيش وقوات الدعم السريع ومقاتلون قبليون ومدنيون مسلحون".
وقال منسق "أطباء بلا حدود" كونستانتينوس بسيكاكوس لدى عودته من مدينة آدريه "لقد اشتدّت أعمال العنف، والناس يعيشون في خوف دائم من أن يتم استهدافهم".
وتؤكد الأمم المتحدة أن أكثر من 150 ألف لاجئ سوداني موجودون الآن في تشاد.
وحذرت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة "إيغاد" من أن النزاع "اكتسب الآن بُعداً عرقيا مع هجمات على الهوية".
كذلك فإن الأمم المتحدة تتحدث عن احتمال وقوع "جرائم ضد الإنسانية".
وفي مختلف أنحاء السودان، بلغ عدد النازحين "مليوني شخص"، وفقاً للمفوضية العليا للاجئين.
من جهتها أحصت المنظمة الدولية للهجرة أكثر من نصف مليون لاجئ سوداني. وقالت إن "550 ألف شخص فرّوا إلى الدول المجاورة".
وكان المجتمع الدولي تعهد خلال اجتماع عقد في جنيف أمس الإثنين، بتقديم 1.5 مليار دولار من المساعدات، وهو نصف ما تحتاجه المنظمات الانسانية وفقاً لتقديراتها الميدانية.
ويعتمد 25 مليون شخص، اي أكثر من نصف سكان السودان، على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة في بلد يغرق في الدمار والعنف بسرعة "غير مسبوقة"، وفق تعبير الأمم المتحدة.
وحذّر مدير برنامج الأغذية العالمي في السودان إدي راو، اليوم الثلاثاء، من أن "الاحتياجات الإنسانية بلغت مستويات قياسية في وقت لا تبدو فيه أي مؤشرات على نهاية للنزاع".
وفي بداية الحرب، قالت المنظمات الإنسانية إنها لم تحصل سوى على 15% من الأموال اللازمة لعملياتها. واذا ما تم الالتزام بتعهّدات جنيف فستحصل هذه المنظمات على نصف ما تطلبه.
ويقول ألكسندر كييروم من مجلس اللاجئين الدنماركي إن "مستوى التمويل في السودان مخزٍ".
ويضيف أنه في أوكرانيا، بعد شهرين من الحرب، "كانت 68% من الأموال اللازمة لمواجهة الأزمة متوفرة".
وعلى الأرض، توقفت منذ صباح الأحد الغارات الجوية والقصف المدفعي في العاصمة حيث يعيش ملايين السكان في درجات حرارة عالية بلا كهرباء وأحيانا كثيرة من دون ماء.
وبعد قرابة عشر هدن تم انتهاكها كلها، تنتهي الهدنة الحالية صباح غد الأربعاء في الساعة السادسة بالتوقيت المحلي (04،00 ت غ).
ودانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر "خرق" الهدنة أمس الإثنين، عندما منع إطلاق نيران "نقل جنود مصابين" كانوا لدى قوات الدعم السريع إلى الجيش.
واتهم الفريق دقلو الجيش بالقيام ب "انتهاكات مستمرة" للهدنة. في المقابل اتهم الجيش قوات الدعم السريع بـ"خرق" وقف إطلاق النار وقتل "15 مدنياً واصابة العشرات" في بلدة طويلة بدارفور.
وأكد مصدر طبي لوكالة "فرانس برس" سقوط هذا العدد من الضحايا في "هجوم لقوات الدعم السريع".
من ناحيته، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش من أن السودان يمكن أن "يتحوّل سريعاً إلى مكان للفوضى ما سيؤدّي إلى زعزعة الأمن في المنطقة بأسرها".
ومع حلول موسم الأمطار فإنّ خطر تفشّي الأوبئة يتزايد.
وتخشى اللجنة الدولية للصليب الأحمر من النفايات التي تتراكم والجثث التي تتعفّن تحت أشعة الشمس الحارقة.
وتحذّر اللجنة من أنّ كثيرين يضطرون إلى شرب مياه غير صالحة من النيل مباشرة أو من مصادر أخرى.