شفق نيوز/ كشفت تقارير أمريكية، يوم السبت، عن كارثة صحية خطيرة في بنغلادش، حيث يتعرض عشرات الملايين من السكان لـ"تسمم جماعي" بسبب الزرنيخ، وسط تحذيرات من تفاقم الأوضاع.
وبحسب شبكة "سي أن أن" الأمريكية، كانت بداية الأزمة في ثمانينيات القرن الماضي، حينما بدأ الأطباء والباحثون في ملاحظة ظهور "العلامات الكلاسيكية للتسمم بالزرنيخ"، وهي مادة مسرطنة معروفة، ومرتبطة بعدد كبير من الآثار الصحية السلبية الأخرى.
ويعود السبب في ذلك، إلى برنامج الصحة العامة الذي حقق نجاحا هائلا، حيث جاء بعد أن كان الأطفال في السبعينيات يموتون بأعداد كبيرة بسبب أمراض مثل الزحار والكوليرا بعد شرب المياه الملوثة من الأنهار والبحيرات، وفق "سي إن إن".
وأطلقت حكومة بنغلادش، بالتعاون مع وكالات الإغاثة بقيادة منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، جهودا ضخمة للاستفادة من المياه النظيفة تحت الأرض للقضاء على أمراض الزحار والكوليرا، من خلال حفر أنابيب على أعماق ضحلة نسبيا، مما تسبب في غرقها بالزرنيخ على مدى العقدين التاليين، وفق الشبكة الأميركية.
ويقول سيث فريسبي، الكيميائي والأستاذ الفخري في جامعة نورويتش بالولايات المتحدة، والذي أمضى عقودا في البحث عن التلوث بالزرنيخ: "في غضون جيل واحد، غيروا سلوك مياه الشرب لمجتمع بأكمله".
ونتيجة لذلك، انخفض عدد الأطفال الذين يموتون بشكل ملحوظ من الأمراض في بنغلادش، غير أنه بحلول تسعينيات القرن العشرين، أصبح من الواضح أن المشروع "فشل في تفسير مشكلة هائلة وقاتلة"؛ فالكثير من المياه الجوفية تحتوي على مستويات عالية من الزرنيخ.
وحسب "سي إن إن"، يصف خبراء الصحة ما يحدث بأنه "أسوأ تسمم جماعي " للسكان في التاريخ، حيث أصيب عشرات الملايين.
ورغم سعي الحكومة و"يونيسف" ووكالات إغاثة أخرى إلى معالجة التلوث، فإن التأثيرات السامة لا تزال منتشرة على نطاق واسع، إذ تشير إحدى الدراسات إلى أن "ما يقدر بنحو 43 ألف شخص يموتون كل عام بسبب أمراض مرتبطة بالزرنيخ في بنغلادش".
ووفق الشبكة الأمريكية، تشير أدلة جديدة إلى أن "آثار أزمة التغير المناخي، بما في ذلك الفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر، تعمل على تغيير كيمياء المياه تحت الأرض، وتدفع مستويات الزرنيخ إلى الارتفاع، مما يمثل امتدادا للمشكلة إلى ما هو أبعد من بنغلادش".
ويتواجد الزرنيخ بشكل طبيعي في صخور الأرض وتربتها، وهو شديد السمية في شكله غير العضوي، وعثر عليه بمستويات عالية في المياه الجوفية، ليس فقط في بنغلادش، ولكن أيضا في دول مثل الهند والصين وتايوان وفيتنام والأرجنتين وتشيلي والمكسيك وأجزاء من أوروبا وأستراليا، والولايات المتحدة، حسب "سي إن إن".