شفق نيوز/ أكَّد وزير الخارجيَّة العراقي فؤاد حسين يوم السبت، أنَّ المنطقة تمر بتحديات كبيرة وظروف إستثنائيَّة، ويتطلب ذلك منا توحيد الجُهُود لمُواجهتها، وتغليب لغة الحوار من أجل خلق بيئة مُستقرة وطبيعية تضمن الحياة الآمنة والكريمة لشعوب المنطقة، وتتحقق فيها متطلبات العيش الكريم والرخاء الإقتصاديّ والإجتماعيّ.
جاء ذلك في كلمة ألقاها السيّد الوزير في قمة الأمن الإقليميّ/ حوار المنامة 18 الذي تجري أعماله في العاصمة البحرينيَّة المنامة وزعتها وزارة الخارجية العراقية في بيان ورد لوكالة شفق نيوز.
وأشار الوزير إلى الأهميَّة الإستراتيجيَّة لمنطقة الشرق الأوسط سياسيّاً، إقتصاديّاً، مُجتعيّاً وجغرافيّاً، بحكم ما تملكه من مزايا جيوسياسيَّة، يمكن أنَّ تكون مُنطلقاً للسلم والرخاء العالميّ، وذلك من خلال إتخاذ خطوات جادة وواقعيَّة لوقف الصراعات والأزمات التي تعصف في المنطقة، إذ ليس من مصلحتنا جميعاً أنَّ تبقى منطقتنا رهينة الأجواء المُتوترة وعدم الإستقرار.
ودعا إلى أهميَّة كبيرة لبحث التحديات والمُشكلات بمُختلِف جوانبها السياسيَّة، الأمنيَّة، والإقتصاديَّة، وبمُشاركة المعنيين من ذوي الاختصاص من مُختلِف دول العالم، إذ تشكل فرصة مُهمة لإيجاد الحلول المُناسبة لإنهاء حالة عدم الإستقرار في منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، وفي العالم بشكل أجمع، ولحفظ الأمن والسلّم المُجتمعيّ، الإقليميّ والدوليّ.
واضاف: عزَّز العراق جُهُوده عبر تبنِّي ستراتيجيَّة وطنيّة شاملة لمكافحة الإرهاب، وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابيّ، ومنعه من التغلغل في أوساط المُجتمَع أو السيطرة على المُدُن، وأنَّ الحكومة العراقيَّة مُستمرة في تعاونها مع جميع دول العالم، والدول العربيَّة على وجه الخصوص لتعزيز التدابير الدوليَّة التي تحد من نشاطات الإرهاب؛ ليس فقط في العراق، وإنما في دول المنطقة والعالم أجمع، فضلاً عن العمل الجاد والدؤوب للحيلولة من دخول المقاتلين الأجانب أو الأفراد المُشتبه بهم، وتجفيف الدعم الماليّ لهم، ومُواكبة العمل مع فريق المجموعة الخاصة بـ"عمل المقاتلين الإرهابين الأجانب للتحالف الدوليّ" والتوصيات الواردة في قرار مجلس الأمن رقم (2178) لعام 2014، وحث الدول على تنفيذ كامل التزاماتها وفقاً للقرارات الدوليَّة ذات الصلة بمُكافحة الإرهاب وتمويله، وكشف مواقع تنظيم داعش الإرهابيّ وأماكن تخزين الأموال والأصول المنقولة وغير المنقولة، مع حظر جميع أشكال الدعم الماليّ للتنظيم الإرهابيّ المتحصلة من تهريب الآثار.
وشدد الوزير سعي العراق إلى تعزيز العمل في مجالات التعاون القانونيّ والقضائيّ والأمنيّ، من خلال السعيّ إلى إبرام مُذكرات تفاهم وإتفاقيات مع دول مجلس التعاون الخليج العربيَّة، نحو تعزيز التعاون في مجالات الأمن والدبلوماسيَّة الإقتصاديَّة، وتسعى الدبلوماسيَّة العراقيَّة جاهدة إلى بناء علاقات مُتميزة مع جميع دول العالم ومع كافة هيئات الأمم المُتحدة والمنظمات الدوليَّة والإقليميَّة والإتحاد الأوروبيّ، للحفاظ على ديمومة الإنجازات التي تحققت بين العراق ومحيطه الإقليميّ والدوليّ.
وعن تداعيات التغيرات المناخيَّة، أكَّد الوزير فؤاد حسين أنَّ منطقتنا اليوم والعالم بأسره تواجه تحديات كبيرة بسبب التغيرات المناخيَّة التي أصابت كوكب الأرض، جراء ظاهرة الاحتباس الحراريّ وتزايد انبعاثات غاز ثانيّ أوكسيد الكاربون، مُؤكَّداً حرص العراق وتضامنه مع المُجتمع الدوليّ للوصول إلى بيئة آمنة ومُستدامة لضمان مُستقبل الأرض والأجيال القادمة، فأننا نُؤيد كل المُبادرات والإجراءات الدوليَّة الراميَّة للتخفيف من آثار تغير المناخ وإيجاد الحلول المُناسبة لها، بما يسهم في الحفاظ على سلامة البيئة، مُشيداً بقمة الأمم المتحدة للمناخ (COP27) التي إستضافتها جُمْهُوريَّة مصر العربيَّة الشقيقية للمدة 6 - 18 من الشهر الجاريّ والنتائج التي تمخضت عنها جراء ذلك.
وأشار الوزير حسين إلى تداعيات الأزمة الروسيَّة-الأوكرانيَّة، وإنعكاساتها على منطقة الشرق الأوسط، والتي ألقت بظلالها على الإقتصاد العالميّ، سيما النقص في امدادات الغذاء والطاقة، الأمر الذي يستدعيّ إيجاد تفاهمات بين جميع الدول لحل المشاكل الماثلة أمامها، إذ إنَّ مُؤشرات الإستقرار السياسيّ والأمنيّ والإقتصاديّ، لاتزال بعيدة، وهو ما يوجب على المجتمع الدوليّ إتخاذ خطوات جادة وفعليّة لإيجاد حلول جذريَّة
وواقعية لحل الخلافات القائمة، وذلك من خلال انتهاج لغة الحوار، واللجوء إلى طاولة المُفاوضات وإعلاء المصالح المُشترَكة.
وشدد الوزير على أهميَّة حل الصراعات لاسيما المُستمرة في منطقة الشرق الأوسط كأولوية أساسيَّة لإحلال الأمن والإستقرار، ويأتيّ في مُقدمتها إيجاد حل شامل ودائم للقضيّة الفلسطينيَّة، مبنيّ على حق تقرير المصير للشعب الفلسطينيّ، وفق إرادته، إذ إنَّ التوصل إلى حل عادل لقضيَّة فلسطين قائم على أساس قرارات الشرعيَّة الدوليَّة والقانون الدوليّ سيكون البوابة نحو تحقيق الإستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
كما تشكل الأزمة اليمنية حالة من عدم الإستقرار الذي قد يكون له آثار بعيدة المدى على دول المنطقة، وفي هذا الصدد يُؤكَّد العراق على إعتماد سُبُل الحوار بين الأطراف اليمنيَّة وتغليب المصلحة الوطنيَّة وتسويّة الأزمة بالوسائل السلميَّة، كما يدعم كل الجُهُود الراميّة لتمديد الهدنة للوصول إلى حل شامل للأزمة بشكل نهائيّ، وفي ذات الوقت ندعم كافة المفاوضات والمشاورات الدوليَّة المعنيَّة بالقضيَّة اليمنيَّة، والتي تضمن حقوق اليمن، وتعيد الأمن والإستقرار إلى ربوعه.
وأكَّد الوزير دعم العراق مسار تسوية الأزمة الليبيَّة، وتحقيق المصالحة الوطنيَّة الشاملة وتوحيد المُؤسسات الليبيَّة وإبعادها عن التدخلات الخارجيَّة وسحب كافة القوات الأجنبيَّة المُتواجدة على أراضيها، لذلك فان المجتمع الدوليّ مطالب بدعم جميع الجُهُود التي تستلزمها عملية إحلال السلام والإستقرار في ليبيا، باعتبارها خطوة مهمة لتحقيق الإستقرار في المنطقة عموماً.
وعن مُستجِدّات الأوضاع السياسيَّة في العراق، أوضح الوزير: أنَّ تشكيل الكابينة الحكوميَّة الجديدة ضمن إطار المضيّ على المسار الديمقراطيّ لتلبية طموحات الشعب العراقيّ، وإنَّ أهم أولويات هذه الحكومة هي العمل بشكل جاد وعاجل على تحسين وتطوير الخدمات التي تمس حياة المواطنين، ودعم الفئات الفقيرة ومعالجة البطالة وإصلاح القطاعات الإقتصاديَّة والماليَّة، ومُكافحة الفساد، بما يسهم في تعزيز الحياة الكريمة ومُتطلبات الرخاء والإزدهار وبناء مُستقبل أفضل لشعبنا.
أما على الصعيد الخارجيّ؛ أشار إلى إنَّ حكومة العراق مُستمرة وبخطى ثابتة في الشراكات الدوليَّة وبناء أفضل العلاقات إقليميّاً ودوليّاً على أساس الإحترام المُتبادل وتعزيز المصالح الثنائيَّة، وعلى المُستوى الإقليميّ والدوليّ، والابتعاد عن سياسة المحاور واعتماد مبدأ التوازن، وذلك على أسس الإخاء والترابط الإجتماعيّ والتاريخيّ والثقافيّ مع دول المحيط الجغرافيّ لمُواجهة التحديات الدوليَّة الراهنة، في ظل ما تمر به المنطقة العربيَّة والشرق الأوسط من أحداث وصراعات وأزمات خطيرة تستدعي تظافر كافة الجُهُود لمُواجهتها وإيجاد الحلول السلميَّة لها.