شفق نيوز/ اعتبر معهد "المجلس الأطلسي" الأمريكي، يوم الثلاثاء، ان رئيس الوزراء الجديد محمد شياع السوداني "محظوظ" لأنه تولى الحكم والعراق في وضع جيد مالياً وإقليمياً ودولياً، محذرا في الوقت نفسه من ان البلد يفتقر الى "الاستراتيجية" للتعامل مع العديد من التحديات الموروثة والملحة، وان النجاح يمكن أن يكون من خلال إنجازات صغيرة يحتاجها المواطنون العراقيون.
وبعدما اشار التقرير الأمريكي، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، الى ازمة الجمود السياسي التي استمرت عاما بعد الانتخابات البرلمانية، بما في ذلك المنافسة بين الحزبين الكورديين، ثم انتخاب الرئيس الخامس للبلاد عبد اللطيف رشيد، رأى التقرير أن الحكومة الجديدة التي تم تشكيلها، قد تكون حكومة مؤقتة، موضحا ان انتخابات مبكرة اخرى، قد تكون الطريقة الوحيدة من أجل استعادة التوازن السياسي في بغداد.
حكومة "الأمل"
وذكر التقرير ان المصادقة على السوداني كرئيس للحكومة، يمثل "بارقة من الأمل"، ويعطي العراق فرصة للتحرك قدما حول العديد من الجبهات الملحة، مضيفا أنه رغم وجود اعتراضات كثيرة على خيارات معينة لحكومته وهو أيضا ما كانت تواجهه الحكومات السابقة، الا ان احدا لم يطرح الشكوك في كفاءة السوداني ونزاهته ومدى ملاءمته لمنصب رئيس الوزراء.
وبالاضافة الى ذلك، قال التقرير إنه الى جانب ان السوداني هو رجل مناسب للمنصب، فإنه رجل محظوظ لأنه يحظى بعراق مسالم، وبوضع مالي جيد ويتمتع بمكانة اقليمية ودولية ممتازة، وهي ظروف سليمة تترافق مع ارتفاع اسعار النفط، بإمكانها ان تساعده على التعامل مع العديد من التحديات المتوارثة، سواء من مستوى الفساد المثير للاحباط الى الافتقار للخدمات والحكم الرشيد، وذلك الى جانب الخلافات السياسية والازمات التي تلوح في الافق بما يتعلق بالتدهور المناخي وشح المياه، والضغوط المتواصلة من جهات اقليمية، خاصة إيران وتركيا.
وعود غير واقعية
وحذر التقرير من فكرة أن الترحيب بمجيء السوداني ترافق منذ اليوم مع توقعات عالية وانما غير واقعية، ولهذا فإن على رئيس الحكومة العراقي الا يستسلم لهذه الفكرة والا يبالغ في تقديم الوعود حتى لا يصل الى مرحلة نهاية عهده ويوصف بأنه كان صاحب انجازات محدودة، ولهذا فانه يتحتم عليه ان يقدم "وعودا مناسبة وواقعية ويقود حكومته للقيام بعمل جدي، ويتقاسم المسؤولية مع البرلمان من أجل الوفاء بهذه الوعود".
واعتبر أنه في ظل الظروف الحالية في العراق، فان الناس سيقدرون "النجاحات الصغيرة" التي تحسن حياتهم اليومية أكثر مما تفعله الخطط المفصلة التي تظل غير منجزة مع حلول الوقت الذي تتولى فيه الحكومة الجديدة السلطة، وتتخلى عنها تماما في كثير من الأوقات.
وعلى سبيل المثال، أشار التقرير إلى أنه برغم الإشادة الكبيرة بهزيمة تنظيم داعش وتحقيق انجازات كبيرة حول العلاقات الخارجية للعراق، الا ان هذه الانجازات لا يمكنها أن تكون بمثابة مبرر للأداء السيئ من جانب بعض الوزارات التي لم تحقق اي تقدم مثلا في الصناعة او الاسكان او التعليم او الصحة.
وبالاضافة الى ذلك، دعا التقرير الى ان تكون الاولوية المحلية الاولى لرئيس الحكومة السوداني تطبيق خطة لتعافي الامة، بعدما شهدت الأعوام الثلاثة الماضية، وخاصة منذ تشرين الاول/ اكتوبر العام 2021، تدهورا مثيرا للقلق فيما يتعلق بالتماسك الاجتماعي.
واوضح انه اذا كان العراق يحتاج الى تجنب التدهور الى هاوية الخطابات المدمرة اجتماعيا وسياسيا، فإن على الحكومة الجديدة العمل جديا من أجل تعزيز الانخراط الشامل والتسامح والانسجام الوطني.
السياسة الخارجية
وفي حين ذكر التقرير أن الحكومات العراقية المتعاقبة حققت تقدما ملموسا في تحويل العراق من دولة مهمشة الى لاعب اقليمي، اوضح ان السياسة الخارجية المحايدة، الى جانب الانخراط البناء اقليميا، حقق للعراق بعض المكاسب السياسية والاقتصادية والامنية المهمة، ولهذا، دعا التقرير الى انتهاج المزيد من هذه السياسة من اجل المضي بالعراق اكثر على طريق التكامل الإقليمي والدولي.
ودعا التقرير العراق الى الوقوف بقوة ضد التدخل الخارجي الخبيث سواء من خلال استخدام أدوات الدبلوماسية والقانون الدولي كافة ومن خلال العمل مع جيرانه لضمان عدم استخدام أراضي العراق كممر أو ملجأ لقوى تهدد أمنهم، مشيرا إلى انه نقطة مهمة لانها تبدد اي ذريعة قد يستخدمونها لابقاء قوات لهم داخل العراق او تنفيذ عمليات عسكرية تتسبب بمقتل عراقيين ابرياء مثلما حصل سابقا مع عمليات عسكرية تركية وإيرانية.
التحدي الاقتصادي
وختم التقرير بالاشارة الى الأولوية الملحة المتمثلة بالاقتصاد، حيث دعا الحكومة للعمل الى جانب البرلمان من اجل ادخال اصلاحات من شأنها تحفيز الاستثمار وتنشيط قطاعات اقتصادية مشلولة.
واوضح التقرير ان "العراق لا يحتاج وليس بإمكانه الحياة، في ظل موجات لا نهاية لها من الموظفين غير المنتجين في القطاع العام والذين ينضمون إلى البيروقراطية بدلا من تقديم مساهمات حقيقية للاقتصاد في قطاعات بامكانهم ان يظهروا فيها مهاراتهم وان يحدث عملهم فرقا".
خاتمة
وخلص التقرير الى القول ان التفاؤل الحذر ضروري من اجل ادارة الشؤون العامة والسياسة، غير أنه لا يمثل بديلا ملائما عن "استراتيجية جيدة".
وتابع قائلا ان العراق أظهر بعد العام 2003 أنه يفتقر بشكل كبير الى الاستراتيجية فيما يتعلق بالعديد من ميادين الحكم، الا ان الوقت ما زال متاحا من أجل تصحيح هذا النقص الذي لا يمكن أن يغتفر.
ترجمة: وكالة شفق نيوز