شفق نيوز/ قرر مجلس النواب العراقي تمديد فصله التشريعي الأول للسنة التشريعية الثالثة من الدورة الانتخابية الخامسة لمدة 30 يوماً في ظل استمرار الخلافات لاختيار رئيس جديد للمجلس، وبانتظار إرسال مجلس الوزراء جداول موازنة سنة 2024 إلى البرلمان لتمريرها.
وكان مجلس النواب ذكر في بيان، أمس الخميس، أنه "استناداً للمادة 58 من الدستور قررت رئاسة مجلس النواب تمديد الفصل التشريعي الأول للسنة التشريعية الثالثة الدورة الانتخابية الخامسة لمدة ثلاثين يوماً".
يأتي هذا بعد أن أعلن عضو اللجنة القانونية النيابية، رائد المالكي، أمس الخميس، دخول مجلس النواب في عطلته التشريعية بدءاً من يوم غد الجمعة (اليوم).
جلسة استثنائية
وقال المالكي لوكالة شفق نيوز، إن "مجلس النواب أنهى الخميس، الفصل التشريعي الأول من السنة التشريعية الثالثة، وابتداءً من يوم غد الجمعة سيتمتع المجلس بالعطلة التشريعية لغاية شهر حزيران/ يونيو المقبل".
وأوضح، أن "الفصل التشريعي الثاني سيبدأ في يوم 9 حزيران/ يونيو المقبل، بالتالي إن مجلس النواب سيتمتع بالعطلة التشريعية لمدة شهر واحد فقط".
ولفت الى أنه "في حال الاتفاق على منصب رئيس مجلس النواب أو إرسال جداول الموازنة إلى المجلس، فإن البرلمان سيعقد جلسة استثنائية أو طارئة لمناقشة أي حدث مهم خلال العطلة التشريعية".
وأعلن الإطار التنسيقي الشيعي، بعد اجتماع في مكتب المالكي، الاثنين الماضي، عزمه عقد جلسة تخصص لاختيار رئيس للبرلمان بعد انتهاء مهلة حددها بأسبوع واحد، في وقت أعلنت ثلاثة تحالفات سُنية، (السيادة، والعزم، والحسم الوطني) دعمها لموقف الإطار.
ويعدّ منصب رئيس مجلس النواب من حصة السُنة وفقاً للعرف السياسي الدارج في العراق منذ تشكيل النظام السياسي بعد العام 2003، في حين يذهب منصبا رئيس الوزراء للشيعة، ورئيس الجمهورية للكورد.
وأخفق البرلمان في أربع محاولات لانتخاب بديل للحلبوسي بسبب عدم التوافق على مرشح واحد، في ظل التشظي السني وإصرار الإطار التنسيقي على ترشيح شخصيات جديدة أو الإبقاء على محسن المندلاوي، النائب الأول لرئيس البرلمان رئيساً بالوكالة.
يشار إلى أن ثلاثة مرشحين سُنة يتنافسون حالياً على المنصب، وهم سالم العيساوي، وقد حصل على 97 صوتاً خلال الجلسة الأولى التي عُقدت خلال شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، ومحمود المشهداني الذي حصل على 48 صوتاً، وطلال الزوبعي الذي حصل على صوت واحد.
تفاؤل بحسم الموازنة
وفي هذا السياق، يقول النائب كامل العكيلي، إن "اختيار رئيس جديد لمجلس النواب مناط بالمكوّن الآخر الذي هو حصتهم وعليهم الاتفاق على شخصية للمضي بها، وأن أعضاء البرلمان بانتظار رأي السنة لحسم هذا الملف".
وعن ملف الموازنة، يشير العكيلي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "معظم المشاريع يصيبها التلكؤ في حال عدم إقرار جداول الموازنة لتمضي الحكومة بأعمالها التطويرية الواضحة للعيان والتي لامست احتياجات المواطنين، ومن المتوقع حسم ملف الموازنة خلال هذا الشهر".
وكان المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، أوضح أن "التأخير الحاصل في الموازنة لا يعني أن مجلس النواب هو بعيد عن دائرة التواصل مع السلطة التنفيذية والتشاور الواسع وتبادل المعلومات والاطلاع على التفاصيل المالية للبلاد".
وأكد صالح لوكالة شفق نيوز، أمس الخميس، "بل أن مجلس النواب على اطلاع كامل ويقدر أهمية المدى الزمني لإجراء التقديرات وبناء التطبيقات العملية والمهنية الدقيقة اللازمة ولاسيما في موازنة العام 2024 و2025".
بدورها كشفت اللجنة المالية النيابية، أمس الخميس، عن أسباب عدم تصويت الحكومة على جداول موازنة 2024 وإرسالها إلى مجلس النواب.
وبحسب عضو اللجنة محمد نوري، كان من المفترض أن تعرض جداول قانون الموازنة في الجلسة السابقة لمجلس الوزراء لكن أُجلت بسبب زيادة الإنفاق الحكومي والعجز الكبير داخل الموازنة وتجاوز الحكومة على أصل موازنة 2023.
وأوضح النائب لوكالة شفق نيوز، أن "الحكومة تبحث حالياً عن ضغط الانفاقات غير الضرورية من خلال إجراء مناقلات مالية وتوسيع الإيراد المالي غير النفطي، إضافة إلى أن الحكومة تعمل أيضاً على تخفيض نسبة العجز في الموازنة العامة للعام 2024 والذي تجاوز أكثر 80 تريليون دينار"، مرجحاً أن "تعرض جداول قانون الموازنة في الجلسة القادمة لمجلس الوزراء وننتظر إقرارها وإرسالها إلى مجلس النواب".
وفي وقت سابق اتفق رئيس مجلس النواب بالنيابة محسن المندلاوي، مع رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، على ضرورة استكمال جداول قانون الموازنة لعام 2024، والإسراع في إرسالها إلى مجلس النواب لغرض مناقشتها والتصويت عليها، لارتباطها بحياة المواطنين وتركيزها على الإنفاق الاستثماري للمشاريع الجديدة.
وتنتظر الأوساط السياسية والشعبية، منذ خمسة أشهر إقرار موازنة العراق للعام 2024، الأكبر حجماً والأكثر عجزاً في تاريخه، وسط مخاوف من تسببها بمشاكل مالية واقتصادية، لا تقوى الحكومة على معالجتها، لاسيما بعد التغيير الطارئ في المبلغ الإجمالي وبلوغه 228 تريليون دينار وبعجز فاق الـ80 تريليوناً.
تداعيات أزمة الرئيس
وألقت ازمة اختيار رئيس جديد للبرلمان العراقي بظلالها على أداء المجلس، حيث إن الأداء مرتبط بما يطرح على أجندة مجلس النواب وبتأخر اختيار رئيس جديد تعطل مجلس النواب عن أداء الكثير من واجباته والقوانين المقترحة على جدول أعماله، بحسب الكاتب والمحلل السياسي، سعيد البدري.
ويضيف البدري لوكالة شفق نيوز، أن "البرلمان شرع قوانين بعضها تحصيل حاصل والبعض الآخر هي لسد الفراغ، وأهم قانون جرى تشريعه هو قانون مكافحة البغاء والشذوذ على اعتبار ارتباطه بالمنظومة القيمية للشعب العراقي، أما القوانين الرئيسية المعطلة فهي كثيرة وأبرزها قانون النفط والغاز وقوانين أخرى تتعلق بالسيادة العراقية وتحديد الصلاحيات وتطوير بعض القطاعات العامة، فهذه بقيت في أدراج المجلس".
ويؤكد، أن "مجلس النواب أمام تحديات كبيرة، وعلى الكتل السياسية وممثليها حسم قرارهم بانتخاب رئيس قادر على تحريك المياه الراكدة والنهوض بعمل المجلس الذي يحتاج إلى الكثير من التطوير".
العطلة التشريعية
وعن العطلة التشريعية، يوضح الخبير القانوني، علي التميمي، أن "الدستور العراقي كان صريحاً وواضحاً بشأن العطلة التشريعية لمجلس النواب بنص المادة 57 من الدستور، التي قالت إن لمجلس النواب دورة انعقاد سنوية بفصلين تشريعيين أمدهما 8 أشهر يحدد النظام الداخلي كيفية انعقادهما ولا ينتهي فصل الانعقاد الذي تعرض فيه الموازنة إلا بعد الموافقة عليها، وهذا النص هو حاكم في تحديد الفصل التشريعي والمدة والعطلة".
ويضيف التميمي لوكالة شفق نيوز، "كما أن المادة 58 من الدستور قالت إن لرئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس النواب أو 50 عضواً من أعضاء المجلس دعوة مجلس النواب إلى جلسات استثنائية ويكون مقتصراً على الموضوعات التي أوجبت الدعوة إليها، لذلك مسألة الانعقاد وتعطيل الدوام تعود إلى البرلمان بالتصويت عليها وفق المادة 59 من الدستور العراقي".
ويتابع حديثه، "لأن المادة 59 من الدستور تنص على أن نصاب انعقاد جلسات مجلس النواب تتحقق بحضور الأغلبية المطلقة لدى أعضائه وتتخذ القرارات بالأغلبية البسيطة وهي نصف عدد الحضور زائد واحد بعد تحقق النصاب القانوني، فهي مسألة تقديرية مع وجود عدد كبير من القوانين المعطلة تقدر بحدود 170 قانوناً".