شفق نيوز / كشف مصدر في الحكومة العراقية، يوم الأربعاء، عن تفاصيل جديدة بشأن ملف تمليك الايزيديين الذي تم حسمه في جلسة مجلس الوزراء أمس، بعد انتظار طال 47 عاماً.
وتحدث المصدر، لوكالة شفق نيوز، أن "في العام 1975، وضمن السياسات التمييزية التي اتبعها النظام السابق عقب إنهاء الحركة الكوردية وتوقيع اتفاقية الجزائر العام 1975، جرى ترحيل العراقيين الإيزيديين من 146 قرية تقع ضمن منطقة جبل سنجار".
وأضاف أن "تلك القرى جرى تدميرها عن طريق هدم المنازل وردم الآبار والينابيع بالاسمنت المسلح، وتجريف الأراضي والبساتين، ثم القيام بتجميع السكان المرحلين في 11 مجمعاً قسرياً إقامتها في شمال وجنوب جبل سنجار، ومنع المرحلين من الاقتراب من قراهم المهدمة مجددا".
كما لفت المصدر الحكومي، إلى "انشاء هذه المجمعات القسرية الـ11، بموجب تصاميم أساسية بأشراف لجان شكلت آنذاك، وتم توزيع قطع أراضي سكنية للسكان المرحلين، بمساحة 450 مترا مربعا لكل أُسرة، وبقياس 15 في 30 متراُ".
وتابع: "تم منح كل أُسرة مبلغاً من المال قدره 400 دينار عراقي، بهدف بناء منازل لهم (من اللبن والاعمدة الخشبية والحصران) ضمن تصميم موحد وضعته اللجان المعنية حينذاك لكل المنازل. ولكن دون تسجيل تلك القطع في سجلات التسجيل العقاري رسميا".
وأشار المصدر إلى أنه لغاية الآن "لم يتم تمليك الأراضي التي أقيمت عليها الدور في المجمعات الأيزيدية لشاغليها، على الرغم من مرور نحو (47) عاما على توزيعها للمواطنين".
ومن بين الأضرار الناشئة عن قرار ترحيل الإيزيديين من قراهم العام 1975، وفقاً للمصدر، ضرر اقتصادي بالغ، فعلى الرغم أن "حياتهم كانت تعتمد آنذاك على الزراعة وتربية المواشي، لكنهم حرموا من زراعة أراضيهم وبساتينهم في القرى التي كانوا يمتلكونها والتي دمرت من قبل النظام السابق، ومنعوا أيضاً من إدخال مواشيهم إلى داخل المجمعات القسرية، إلا بحدود الاستعمال الأسري المحدود".
وأوضح أن ذلك "تسبب في فقدانهم بالكامل لمقدراتهم الاقتصادية في الزراعة وتربية الحيوانات، واضطرارهم للجوء الى العمل كفلاحين بالأجرة أو رعاة أغنام لدى الملاك في المناطق القريبة من سنجار، أو في مناطق تابعة لمحافظات أخرى، لتأمين أرزاق أُسرهم، الأمر الذي أدى إلى تردي الأوضاع الاقتصادية للايزيدين في سنجار، وأصبحوا من أكثر المجتمعات العراقية في سنجار فقرا".
وزاد المصدر الحكومي قائلا: "نظراً لكون الايزيديين لا يمتلكون سندات ملكية لمنازلهم، فإنهم لم يتمكنوا على مدى 47 عاماً من الحصول على أي نوع من أنواع القروض العقارية أو القروض التي تتطلب وجود سندات ملكية، وامتد الأمر الى عدم تمكنهم من الحصول على قروض زراعية بكفالة سند الملكية لشراء الجرارات الزراعية وغيرها، وهو ما أفقدهم حقا يتمتع به الفلاحون في باقي مناطق العراق".
ورغم أن سنجار هي الموطن التاريخي للعراقيين الأيزيديين، إلا أن هذه الأُسر التي كان يتجاوز عددهم حينها 270 ألف إيزيدي قبل دخول داعش إلى المنطقة في 3 آب أغسطس 2014، ومازالو لا يمتلكون ما يوثق ملكياتهم في المنطقة (باستثناء الايزيديين الساكنين في مركز قضاء سنجار ونسبتهم لا تتجاوز 8 – 10%، من عدد السكان)، وفقاً للمصدر الحكومي.
وأشار المصدر، إلى أن ذلك أثر سابقاً وما زال يؤثر بشكل متواصل على احساساهم بالانتماء للمنطقة التي يعيشون فيها، وعدم إحساس الغالبية منهم بأنهم مواطنون عراقيون، يتساوون في الحقوق والواجبات مع باقي ابناء الدولة العراقية".
وخلص المصدر إلى التأكيد أن "الحكومة الحالية حسمت الملف بعد 10 أيام فقط من اجتماع جمع رئيس الوزراء مع المعنيين بالملف والذي يضم اعضاء من برنامج الأمم المتحدة (HABITAT) وخبراء عراقيين".
ويوجد الآن نحو 300 ألف إيزيدي في مخيمات النازحين، معظمهم في إقليم كوردستان فيما لم يعد سوى أكثر من 20 الف أُسرة إلى قضاء سنجار ذات الغالبية من اتباع هذه الطائفة وذلك بعد تحريرها من قبضة تنظيم داعش.
واجتاح التنظيم المتشدد في أواسط العام 2014 مناطق ومدن شاسعة تُقدر بثلث مساحة العراق قبل أن تتمكن القوات العراقية مسنودة بالتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من إستعادتها من قبضة التنظيم المتشدد في عملية عسكرية استغرقت ثلاث سنوات.
يذكر أن بغداد وأربيل كانتا قد توصلتا في 9 تشرين الأول 2020، إلى اتفاق لتطبيع الأوضاع في سنجار ينص على إدارة القضاء من النواحي الإدارية والأمنية والخدمية بشكل مشترك الإ أن هذه الاتفاقية لم تدخل حيز التنفيذ بشكل فعلي لغاية الآن لأسباب سياسية، وفقا لمسؤولين في إقليم كوردستان.