شفق نيوز/ سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الضوء على الشأن العراقي، وذلك في ضوء انتخاب البرلمان العراقي رئيسا جديدا للبلاد أمر على الفور بتشكيل حكومة، وذلك بعد عام كامل من الشلل السياسي في البلاد بعد الانتخابات البرلمانية في أكتوبر الماضي.
جاء ذلك بعدما فاز عبد اللطيف رشيد، السياسي الكوردي المخضرم ووزير المياه السابق، في الجولة الثانية من التصويت على الرئيس المنتهية ولايته برهم صالح. وسرعان ما عيّن محمد السوداني رئيسًا للوزراء، ومنحه 30 يومًا لتشكيل الحكومة.
والسوداني (52 عاما) جزء من الكتلة الشيعية الأكبر في البرلمان وهو حليف مقرب لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
وقالت الصحيفة، إن العراق يشهد أزمة سياسية منذ العام الماضي وسط عداء بين التيار الصدري، بقيادة رجل الدين البارز، مقتدى الصدر و"الإطار التنسيقي"، وهو تحالف يضم حزب المالكي وفصائل شيعية أخرى أكثر ارتباطًا بإيران.
وتعتبر الرئاسة العراقية، التي يشغلها كردي تقليديًا، منصبا شرفيا إلى حد كبير، لكن التصويت لصالح رشيد (78 عاما) كان خطوة رئيسة نحو تشكيل حكومة جديدة، وهو ما فشل السياسيون في القيام به منذ الانتخابات.
وكان الخلاف، الذي حال دون انتخاب رئيس أو تشكيل حكومة، قد تصاعدت حدته في يوليو مع خروج أنصار الطرفين إلى الشوارع وتدشين اعتصامات متنافسة وسط بغداد، مما أثار ذكريات الحرب الأهلية.
وفي هذا الصدد، نقلت الصحيفة عن محمد جاسم، المحلل السياسي العراقي المقيم في بغداد، قوله: "أعتقد أن ما حدث اليوم هو ضربة قاتلة لمقتدى الصدر سياسيًا. بانتصار أعضاء الإطار التنسيقي على مقتدى الصدر، بات الطريق ممهدًا تمامًا أمامهم لتمرير مرشحهم (رئيس الوزراء) وتشكيل الحكومة".
واعتبر جاسم أن فوز "الإطار التنسيقي" يعد أيضًا انتصارًا لإيران وانتكاسة للمصالح الأمريكية في المنطقة. وأضاف: "إنهم سيفعلون كل ما في وسعهم للقضاء على أي وجود أمريكي في البلاد ويضع عقبات أمام أي تعاون اقتصادي مع الولايات المتحدة.. كل ذلك لصالح إيران."
من جانبها، نقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية عن محللين تحذيرهم من أن فوز التحالف المدعوم من إيران سيكون بمثابة انتكاسة لواشنطن، التي كانت تدعم ضمنيًا حكومة يقودها الصدر.
وقالت الصحيفة، في تقرير لها، إن مؤيدي السوداني يزعمون أن سجله المؤكد في الحكومة المحلية والفيدرالية يعني أنه يستطيع تشكيل حكومة كفؤة قادرة على معالجة بعض مشاكل العراق الغني بالنفط، وعلى رأسها الفساد المستشري والبنية التحتية العامة المتداعية. وأضافت أنه في المقابل، يحذر آخرون من أن ترشيح السوداني يعد اختراقا بـ"الاسم فقط".
ونقلت الصحيفة عن ريناد منصور، مدير مبادرة العراق في "تشاتام هاوس"، قوله إن تكليف السوداني بتشكيل الحكومة لا يمكنه معالجة التوترات السياسية العميقة في البلاد. وأضاف: "إنه لا يعالج الإحساس العميق بالغربة لدى الشعب العراقي عن النخبة السياسية"، منتقدا النظام السياسي في العراق.
وتابع منصور: "اليوم يُنذر به باعتباره اختراقًا للمأزق. لكننا ما زلنا نرى نفس الشخصيات المسيطرة على المشهد السياسي منذ العام 2003، والذين خنقوا الإصلاح وشجعوا الفساد السياسي الذي يضر بالعراقيين كل يوم".