شفق نيوز/ اعتبرت مجلة "ناشيونال انترست" الأمريكية، أن القانون الجديد الذي اقره البرلمان العراقي بمبادرة من التيار الصدري مؤخرا لتجريم التطبيع مع اسرائيل، قد يلحق أضراراً بمصالح العراق في علاقاته الاقتصادية مع الولايات المتحدة، ودول الخليج التي أصبحت بعضها مرتبطة باتفاقيات إبراهيم التي رعتها واشنطن مع إسرائيل.
وبعدما لفت التقرير الى ان قانون "تجريم التطبيع واقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني" واجه انتقادات حادة في الغرب حيث وصفه البعض بأنه، "وحشي" و"بربري"، اشار الى ان هذه الخطوة من جانب مقتدى الصدر، اثارت "الدهشة" حتى وفق معايير السلوك السابق للصدر، مضيفا أن التشريع الجديد تبع بشكل وثيق قانون العام 1969 الذي أقره صدام حسين والذي كان جعل من العراق أحد أكثر الدول قوة في معاداتها للتطبيع.
كما نوه التقرير إلى أن أحد النواب الصدريين كشف أن خطوة الصدر هي بمثابة استراتيجية معقدة من اجل "خداع الايرانيين" في جهوده المتعثرة من اجل تشكيل حكومة، في وقت يظهر الايرانيون تصميما على العودة الى الفكرة السابقة حول تشكيل حكومة "الاجماع الوطني" التي تضم الشيعة الموالين لطهران.
وفي حين ذكر التقرير بالهيمنة الايرانية الواسعة على العراق منذ الغزو الأمريكي في العام 2003، اعتبر أن طهران استخدمت العراق من خلال تكتيكات مخادعة، من أجل تخريب العقوبات المتعلقة بالنفط.
وعلى سبيل المثال، أوضح التقرير أنه، بناءً على أوامر من البنك المركزي، فإن البنوك العراقية الخاصة قامت بمساعدة إيران على تبييض الأموال عن طريق فتح حسابات ائتمان لتصدير النفط والغاز والسلع الاخرى.
وأكد التقرير على اهمية العراق كقناة تسليح نحو سوريا ولبنان عبر ما يسمى بـ "الجسر البري".
وذكر أيضا أن حكومة عراقية اقل اعتمادا على طهران، كانت ستتسبب بتعريض هذه الانجازات التي تحققت بصعوبة، مشيرا إلى أن التهديد الأكبر بالنسبة الى إيران، كان يتمثل بدعوة الصدر من اجل حل الميليشيات المرتبطة بإيران.
إلا أن التقرير اعتبر ان ما يطغى على هذه المخاوف هو اعادة الاصطفاف الجيوسياسي الأكبر الحاصل في المنطقة، منبها إلى أن طهران ردت بغضب على اتفاقيات ابراهيم المبرمة العام 2020 حيث كانت متخوفة من انتقال العراق الى التكتل المناهض لها، وان الكورد الذين كانت لهم علاقة تاريخية مع اسرائيل، سيوفرون "نقطة دخول".
وذكّر التقرير بأن استخبارات الحرس الثوري الإيراني كانت قد اتهمت السلطات الكوردية بالسماح لإسرائيل بإقامة قاعدة عسكرية على أراضيها.
وبينما أفاد التقرير بعقد مركز السلام والاتصال في نيويورك، مؤتمرا في أربيل في ايلول/سبتمبر الماضي، اشار الى ان ايران نددت بالمؤتمر والمشاركين فيه، بل اشارت الى ان الصدر هو من يقف وراءه، وهو ما دفع الصدر الى المبادرة بالتشريع المعارض للتطبيع مع اسرائيل.
ومع ذلك، تابع التقرير ان ايران ليست واثقة من أن التشريع الجديد "سيوقف انجراف العراق نحو اتفاقات ابراهيم"، مضيفا أن العديد من السنة لديهم علاقات قوية مع الإمارات والبحرين و يرغبون بالخروج من الفلك الإيراني.
واضاف ان الحرس الثوري الإيراني "ليس متأكدا من الموقف الحقيقي للصدر، حيث اشتكى مصدران إعلاميان مرتبطان بالمتشددين من أن الصدر خدع إيران"، مضيفا ان القانون الجديد يتيح بدرجة ما من التطبيع مع اسرائيل من خلال بعض الثغرات التي جرى تصميمها بشكل ذكي".
وتابع التقرير بالقول إنه "بغض النظر عن الدافع الحقيقي للصدر، فان التشريع سيخلق مشكلات للعراق".
واوضح انه فيما يتعلق بالصعيد المحلي، فإن القانون يمكن ان يخلق توترات مع الكورد، في حين انه على الصعيد الدولي، فان التأثير قد يكون اكثر حدة، مذكرا بان وزارة الخارجية الامريكية نددت بالتشريع معتبرة انه "يتناقض بشكل صارخ مع التقدم الذي أحرزه جيران العراق من خلال بناء الجسور وتطبيع العلاقات مع اسرائيل، ومن خلال خلق فرص جديدة للناس في كل أنحاء المنطقة".
وقال التقرير إن القانون الجديد قد يعيق الاستثمار في العراق، خاصة في صناعات الطاقة والموارد، مضيفا ان بإمكان واشنطن ان تستشهد بقرار البرلمان العراقي من اجل تثبيط او حظر الاستثمار من جانب الشركات الاجنبية لان المشاركة في مقاطعة اسرائيل تجاريا، مسألة غير قانونية في الولايات المتحدة.
وبالاضافة الى ذلك، فان القانون الجديد من شأنه تعقيد علاقات العراق مع الدول الخليجية المنضمين الى اتفاقيات ابراهيم، وهو يجعل العراق يخسر المساعدة الاقتصادية التي هو بأمس الحاجة إليها.
وفي الخلاصة، اعتبر التقرير أن "ما ستخسره بغداد سيكون انتصارا لجهود طهران لمنع العراق من الانجراف الى التكتل الجيوسياسي المنافسة".
وختم بالقول إن خسارة العراق قد تكون أكثر من حملة طهران لابقائه خارج معسكر التطبيع، موضحا ان الصدر هدد بإعادة تفعيل ميليشياته "سرايا السلام" في حال استمرار الجمود السياسي، واستقال نوابه من البرلمان، ما أغرق البلد المنقسم في حالة من عدم اليقين السياسي، مضيفا أن "الحملة التي تشنها إيران ضد اتفاقيات ابراهيم، قد تغرق العراق في جولة اخرى من سفك الدماء".