شفق نيوز/ حذرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان، يوم الخميس، من ان مئات الاف الاشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة قد يحرمون من القدرة على المشاركة في الانتخابات العراقية، مشيرة الى أن هذه الشريحة تواجه عقبات كبيرة بسبب التشريعات التمييزية وعدم مواءمة أماكن الاقتراع مع احتياجاتهم.
وذكرت المنظمة في تقرير تحت عنوان "لا أحد يمثلنا: المشاركة السياسية خارج متناول الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في العراق"، الصادر في 34 صفحة، ترجمته وكالة شفق نيوز، توثق المنظمة الحقوقية ما تصفه بأنه "تقاعس السلطات العراقية عن تأمين الحقوق الانتخابية للعراقيين ذوي الاحتياجات الخاصة".
واضافت انه "غالبا ما يحرم الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة من حقهم في التصويت بسبب التشريعات التمييزية وعدم مواءمة مراكز الاقتراع مع احتياجاتهم، والعقبات التشريعية والسياسية الكبيرة أمام الترشح للمناصب العامة".
وقالت الباحثة في قسم الأزمات والنزاعات في "هيومن رايتس ووتش" بلقيس والي: "على الحكومة ضمان إتاحة أماكن الاقتراع لجميع الناخبين. رغم أن بعض الخطوات، مثل تعديل التشريعات، ستستغرق وقتا، إلا أن بعضها الآخر سهل وليس لدى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أي عذر لمواصلة التقاعس عن مواءمة الانتخابات مع احتياجات الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة".
واشارت المنظمة الى انها اجرت مقابلات ما بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب، شملت 14 شخصا من ذوي الاحتياجات الخاصة، فضلا عن نشطاء، ومسؤولين حكوميين، وموظفي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
وتابع التقرير أنه برغم أن الحكومة العراقية لم تجمع أي إحصاءات موثوقة عن عدد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أن "اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة" الأممية قالت في العام 2019 إن العراق الذي يعاني من عقود من العنف والحرب، بما فيها المعارك ضد تنظيم داعش بين 2014 و2017، لديه أحد أكبر أعداد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم.
وذكرت المنظمة بأن مجلس النواب العراقي صادق على "اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة" في العام 2013. واشارت الى ان المادة 12 من الاتفاقية تنص على ان "الدول الأطراف تقر بتمتع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بأهلية قانونية على قدم المساواة مع آخرين في جميع مناحي الحياة"، والمادة 29 تدعو الدول لاحترام الحقوق السياسية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
إلا أن القانون العراقي لا يفي بهذه الالتزامات.
وتابعت أن القانون المدني لعام 1951 لا يعترف بالحق في الأهلية القانونية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ما يسمح للحكومة بحرمان الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة الذهنية، والنفسية-الاجتماعية (العقلية)، والبصرية، والسمعية من الأهلية القانونية، ولا يُسمح للأشخاص الذين لا يتمتعون بالأهلية القانونية بالتصويت.
وتابع تقرير المنظمة ان المادة 29 من الاتفاقية تُلزم الدول بضمان أن تكون مرافق التصويت والمواد ذات الصلة "مناسبة وميسّرة وسهلة الفهم والاستعمال"، إلا أن السلطات العراقية لا تقدم سوى القليل من المعلومات الميسَّرة أو لا توفرها للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة الفكرية، والبصرية، والسمعية.
كما لا تقدم المواد الانتخابية في صيغ ميسّرة مثل الصوت، وطريقة برايل، والحروف الكبيرة، ولغة الإشارة، والقراءة السهلة. ولا يمكن للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة السمعية والبصرية الاطلاع على الفيديوهات الموجودة على الإنترنت. وبسبب الحظر الكامل على تشغيل المركبات في يوم الانتخابات لأسباب أمنية، قد يواجه الأشخاص الذين يستخدمون الأجهزة المساعدة على التنقل، صعوبات في الوصول إلى أماكن الاقتراع.
ولفتت المنظمة إلى أن لجنة الانتخابات تستخدم بشكل شبه حصري المباني المدرسية التي يتعذر الوصول إلى العديد منها، كأماكن للاقتراع، كما تضع العديد من صناديق الاقتراع في الطابق الثاني في مبان لا توجد بها مصاعد.
واضافت "ليس لديها صناديق اقتراع متنقلة أو تصويت إلكتروني، كما لا تتيح التصويت بالبريد، ربما بسبب ضعف النظام البريدي في العراق".
ونقل التقرير عن سهى خليل (44 عاما)، التي تستخدم كرسيا متحركا، قولها "كل يوم انتخابي هو اليوم الأكثر كآبة بالنسبة لي. يذهب الجميع للتصويت بينما أنا عالقة في المنزل في انتظار انتهاء اليوم".
واشار الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة الى إنهم يضطرون أحيانا إلى الاعتماد على المساعدة للوصول إلى مكان الاقتراع، وعندما تأتي هذه المساعدة من أعضاء حزب سياسي، فإنهم يحاولون أحيانا التأثير على كيفية تصويت الشخص.
ولفت التقرير إلى أن حاجة بعض الأشخاص إلى مساعدة لملء أوراق الاقتراع أو الوصول إلى صندوق الاقتراع، تثير مخاوف بشأن سرية الاقتراع.
ونقل التقرير عن نغم خضر الياس (47 عاما)، التي تستخدم كرسيا متحرك، قولها "أشعر بالحزن الشديد عندما أرى جميع أعضاء البرلمان ولا يوجد من يمثلنا".
واعتبرت المنظمة أن على هيئات مراقبة الانتخابات التابعة للأمم المتحدة وبعثات المساعدة الأوروبية أن تشمل الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة كمراقبين خبراء، وتدرِج في التفويض الذي يتمتعون به كمراقبين وثائق وتقارير عن المعاملة التمييزية والقيود التي يواجهها الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة.
وقالت والي إن "على البلدان الداعمة ماليا للانتخابات ومهام المراقبة العراقية، بما فيها البلدان التي شاركت في النزاع، أن تضمن المساعدة في تعزيز المواءمة مع احتياجات الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في العراق، بما يشمل نظامه السياسي".