شفق نيوز/ دعا معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، يوم السبت، صناع السياسات الأوروبيين إلى رسم توقعاتهم حول ما يمكن أن تحققه حكومة محمد شياع السوداني في العراق، ناصحا الحكومة بالتعلم من "خطأ" الحكومة السابقة.
وبعدما أشار التقرير الأوروبي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، الى ان تيار الفراتين الذي يقوده السوداني، فاز بثلاثة مقاعد فقط في البرلمان المؤلف من 329 مقعدا، وهو له مقعد من بينهم، والى انه غير مسموح لرؤساء الوزراء وأعضاء الحكومة ان يشغلوا مقاعد برلمانية، قال ان الإطار التنسيقي يحظى بـ138 مقعدا.
الائتلاف الأكبر
واوضح التقرير ان السوداني يعتمد بذلك بشكل كبير على شركائه الأكبر في الائتلاف في حكومة "التوافق الهشة" هذه.
وبالاضافة الى ذلك، لفت التقرير الى ان السوداني "مضطر" الى قيادة مجلس وزراء لم يكن لديه سوى حد ادنى من القدرة على التدخل في اختيارهم.
وفي حين اشار الى ان توزيع المناصب الحكومية منذ العام 2003، يتم وفق نظام غير رسمي من اجل تقاسم السلطة بين الاحزاب الشيعية والسنية والكوردية، اعتبر ان ذلك يخلق صراعا سياسيا بهدف السيطرة على الوزارات، وهو ما يعني أن العمل على حماية شبكات المحسوبية، وليس تنفيذ الخطط المتنافسة للحكم، ما يزال هو المحرك الرئيسي لقوة السياسات في العراق.
وبهذا المعنى، يقول التقرير إن هذا الوضع يظهر الصعوبة التي سيواجهها السوداني في تمرير أجندته من داخل البرلمان، خاصة في حال تعارضها مع خطط حلفائه المؤيدين له.
تحدي الوظائف
واوضح التقرير ان رئيس الحكومة الجديد، سيواجه الضغوط فيما يتعلق بعملية التوظيف في القطاع العام، خاصة بالنظر الى أن العديد من الأحزاب المتجذرة تعتبر أن التوظيف أداة للنظام الرعوي لانصارها، في حين ان الاصلاحيين يسعون من اجل الحد منها.
المهمة الأمنية
وتابع التقرير ان السوداني سيكافح من أجل ادارة المؤسسات الأمنية المتعددة وهي التي تعتبر خاضعة له رسميا كقائد أعلى.
وبعدما أشار إلى ان صناع السياسة الأوروبيين والأمريكيين يعرفون الدولة جزئيا بأنها الجهة التي تحتكر العنف، لفت إلى أن ذلك عزز من اولوية السياسات التي تستهدف الحد من استقلالية ونفوذ العديد من الجماعات شبه العسكرية في العراق، خاصة تلك التابعة لإيران.
واعتبر التقرير ان احد اسباب تفضيل الغرب لسلف السوداني، مصطفى الكاظمي، هو اعتقادهم بأنه كان يحاول مواجهة مجموعات مسلحة مثل هذه.
والان، يشير التقرير الاوروبي الى ان برنامج عمل حكومة السوداني يتضمن الرغبة بهيكلة المؤسسات الأمنية، بالاضافة الى تعزيز حرفيتها والتزامها بحقوق الانسان، الا انه يعتبر انه لا توجد مؤشرات على أن حكومة السوداني ستتخطى الكلام اللفظي فيما يتعلق بإصلاح قطاع الأمن.
التيار الصدري
وإلى جانب التحديات السابقة، قال التقرير إنه سيتحتم على السوداني التعامل ايضا مع التيار الصدري الذي وصفه بأنه حزب سياسي وحركة اجتماعية بإمكانه أيضا أن يلعب في السياسة الرسمية وفي الشارع.
وبرغم أن التقرير لفت الى ان الصدريين بعدما أبعدوا أنفسهم عن السلطة بعدم تفاوضهم على حصص من الوزارات، إلا انه رجح أن يحافظ الصدريون على مناصبهم البيروقراطية، مثل وكلاء الوزراء والمديرين العامين.
وتابع انه ليس واضحا ما اذا كان زعيم الصدريين مقتدى الصدر سيلجأ الى "سياسة الشارع" بهدف تعطيل هيمنة الإطار التنسيقي، والضغط لإجراء انتخابات جديدة في محاولة من أجل تأليف حكومة أغلبية مجددا.
واوضح التقرير ان التيار الصدري، باعتبار أنه الحزب السياسي الرئيسي الوحيد الذي لم يشارك في الحكومة، فأنه يمثل العامل الرئيسي الذي من غير الممكن التنبؤ به، مشيرا في الوقت نفسه الى قدرته الكبيرة على التعبئة، والى انه من المرجح ان يحاول استمالة أي احتجاجات شعبية قد تظهر.
اللاعبون الخارجيون
وذكر التقرير ان "اللاعبين الخارجيين سيحاولون التأثير على مسار العراق"، منوها الى ان السوداني مثله مثل كل رؤساء الوزراء في العراق، سيتحتم عليه التعامل مع النفوذ القوي لإيران.
وتابع انه بخلاف العديد من اعضاء النخبة السياسية في العراق حاليا، فان السوداني لم يتعرض للنفي خلال حكم حزب البعث ولم يطور علاقاته السياسية كشخصية معارضة منفية، سواء مع ايران او مع الغرب.
ولفت الى ان العراقيين طالبوا كثيرا برئيس للوزراء لا ينتمي الى المعارضين الذين كانوا في المنفى لانهم يعتبرون انهم يفتقرون الى القدرة على التواصل مع الناس، او انهم في أسوأ الاحوال، ليسوا مخلصين.
وتابع قائلا إن "السوداني قد يكون غير معروف نسبيا بالنسبة الى الغرب، الا ان ذلك لا يعني انه يجب ان يثير قلق الأوروبيين".
واوضح ان افتقار السوداني الى علاقات سابقة تربطه بالولايات المتحدة او بريطانيا او ايران، يعني أنه يمكن أن يكون بمقدوره العمل على توسيع السياسة الخارجية بتقريب العراق بشكل متزايد من جيرانه اقليميا، وهو هدف من الأهداف التي حددها السوداني في برنامجه الوزاري.
وختم التقرير الأوروبي بالقول إنه يجب على زعماء أوروبا تشجيع هذه السياسة، وخصوصا توسيع دور العراق كوسيط بين ايران والسعودية، مضيفا ان ذلك له اهمية دولية كبيرة نظرا الى الاستقطاب المتزايد الذي تسبب به الغزو الروسي لأوكرانيا وتوتر العلاقات بين واشنطن والرياض.
ولفت التقرير إلى أن حكومة السوداني تبدو مستعدة من اجل مواصلة السياسة الخارجية بعد احتفاظها بوزير خارجية حكومة الكاظمي، اي فؤاد حسين.
خلاصة
وخلص التقرير الاوروبي الى القول ان "الوضع السياسي في العراق هش على الصعيد الداخلي والخارجي، وهو قائم على تحالفات سياسية هشة".
وتابع مرجحا أن تعاني شرعية حكومة السوداني أمام الإحباط العام المتزايد ازاء فشل الدولة في توفير الخدمات الرئيسية.
وبرغم ذلك، يؤكد التقرير انه مع وجود هذه التحديات، فإن تنفيذ الإصلاح ليس مهمة مستحيلة، موضحا ان "السوداني سياسي متمرس وهو الخيار الامثل من جانب الاطار التنسيقي للعمل مع الحلفاء الاوروبيين".
ودعا التقرير الأوروبيين الى الاستمرار في تقديم الخبرة الفنية في مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة، حيث أن التغيير المناخي غائب عن أجندة السوداني، برغم ان العراق هو أحد الدول الأكثر تعرضا لمخاطر الاحتباس الحراري.
ووجه التقرير نصيحة الى رئيس الحكومة الجديد بـ"التعلم من خطأ سلفه في تقديم الوعود الكثيرة وتحقيق القليل".
ترجمة: وكالة شفق نيوز