شفق نيوز/ كشفت مجلة "ديفينس وان" الامريكية المتخصصة بالشؤون العسكرية، يوم الاربعاء، عن تقديم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي طلبين للرئيس الامريكي جو بايدن خلال الزيارة الاخيرة له الى واشنطن، مؤكدة على تصحيح الاستراتيجية الامريكية في التعامل مع العراق لتكون "طبيعية"، وتحويل المساعدات الامريكية لتصب من اجل تعزيز المؤسسة العسكرية والمؤسسات الدولة.
وفي تقرير كتبه المستشار السابق لوزارة الدفاع الامريكية حول الشرق الاوسط بلال صعب، الباحث في "معهد الشرق الاوسط" الامريكي، وترجمته وكالة شفق نيوز، قالت المجلة إن "رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي طرح طلبين على الرئيس جو بايدن عندما التقيا في 26 يوليو/تموز الماضي في البيت الابيض: اولا انهاء مهمة واشنطن القتالية في العراق مع الحفاظ على المساعدة العسكرية الأمريكية هناك.
واشارت الى ان الجزء الاول من كلامه كان موجها في الغالب لجمهور الكاظمي في العراق، اما الجزء الثاني فانه يستحق بعض التفكير.
وذكرت المجلة بأن "الكاظمي اعلن مرارا ان الجيش العراقي اصبح بمقدوره الدفاع عن البلاد من دون مساعدة القوات الامريكية، مضيفة انه "اذا كان هذا هو الحال، فنحن بحاجة الى تحويل مساعدتنا، وعلاقتنا بشكل عام، من مرحلة عمليات مكافحة داعش الى حالة اكثر طبيعية".
وبعدما اشارت الى "ضرورة انصاف دافع الضرائب الامريكي بحيث تعكس المساعدات الاميركية لبغداد الحقائق على الارض، والى ان داعش لم يعد بامكانه السيطرة على الاراضي او ترهيب شريحة كبيرة من العراقيين، اعتبرت المجلة ان "الظروف والسلطات الطارئة التي عملت واشنطن في ظلها في العراق منذ العام 2014، والتي من خلالها قدمت للعراقيين مليارات الدولارات وقاتلت الى جانبهم لوقف سيطرة داعش، لم تعد قائمة".
الا ان المجلة لفتت الى "ان هذا لا يعني ان علينا انهاء مساعدتنا العسكرية للعراقيين، وانما يجب ان نقوم بالقليل وبشكل مختلف".
واشارت الى ان العراقيين "لا يحتاجون بالضرورة الى المزيد من السلاح، وانما الى تعلم كيفية توظيف ودمج وصيانة طائرات اف-16 والعربات المدرعة والاسلحة الاخرى التي يمتلكونها بشكل افضل".
وتابعت انهم بحاجة الى "حوكمة دفاعية مناسبة".
واوضحت ان التركيز مع العراق يجب ان يكون على مساعدة العراقيين لبناء قدرة مؤسسية دفاعية ليتمكنوا من الاستفادة الكاملة من جميع المعدات التي قدمتها واشنطن لهم وحماية المكتسبات الامنية التي حققوها، مشيرة الى ان ما يعيق بشكل رئيسي الفعالية التكتيكية والعملياتية للجيش العراقي يتمثل في نقاط الضعف الخطيرة على المستوى الاستراتيجي، حيث يتم عادة صياغة السياسات والاستراتيجيات والخطط وانظمة ادارة الموارد المادية والبشرية.
وبعدما اشارت الى دور مستشارين عسكريين اميركيين من المقيمين في مكتب التعاون الامني التابع للسفارة الامريكية في بغداد، بمساعدة العراقيين في وزارة الدفاع ورئاسة الحكومة منذ العام 2011، الا انها قالت انهم لا يتمتعون بخلفية او تدريب مناسب لادارة الشؤون الدفاعية.
ولهذا اعتبرت المجلة ان "اداء الولايات المتحدة في بناء القدرات العراقية، كان ضعيفا لانه بغض النظر عن السياسة العراقية والفساد والفوضى، لم يتم تنظيمها بشكل فعال لتحقيق اهدافها".
وتابعت القول ان الامور اخذت بالتحسن في عامي 2016 و2017 بعدما كلف مكتب وزير الدفاع، معهد الحوكمة الامنية الذي اصبح الان تابعا لوكالة التعاون الامني الدفاعي، بتقديم المشورة للعراقيين حول بناء المؤسسات العسكري، مشيرا الى ان الخبراء "ساعدوا العراقيين على صياغة استراتيجية امنية وطنية عراقية اكثر تماسكا".
واذ اشارت المجلة الى ان الخبراء المدنيين الأمريكيين في بغداد كانوا في الغالب جزءا من مهمة حلف الناتو في العراق، وليس السفارة الاميركية، ما يعني انهم اعتمدوا الى حد كبير على الحلف للوصول الى العراق، اعتبرت ان ذلك قلص من الجهود الامريكية لبناء جهاز مكافحة الارهاب العراقي، لان حلف الناتو ليس لديه تفويض للعمل مع جهاز مكافحة الارهاب.
ورأت ان ذلك كان بمثابة "مشكلة لان جهاز مكافحة الارهاب هو أهم استثماراتنا العسكرية في العراق وهو بحاجة ماسة الى مساعدة على المستوى الاستراتيجي"، مشيرة الى ان "جهاز مكافحة الارهاب هو اكثر الوحدات كفاءة في الجيش العراقي، الا انه لا يمتلك ما يكفي من المخططين الاستراتيجيين ومديري الموارد المؤهلين".
وخلصت المجلة الى القول ان السؤال الاساسي يتعلق بما نريد ان نفعله في العراق، مضيفة انه على المستوى التكتيكي، يتحتم على وزارة الخارجية الامريكية زيادة القوى العاملة الاستشارية المدنية المتخصصة في سفارة الولايات المتحدة، وكذلك تخصيص موارد مالية كافية الى جانب وزارة الدفاع لمبادرة بناء المؤسسة العسكرية بشكل شامل.
وتابعت ان "من الامور الحاسمة ايضا لفعاليتنا في العراق، ان يكون هناك تكامل في عمل وزارة الخارجية ووزارة الدفاع"، مشيرة الى انها "مشكلة قديمة موجودة في جميع البعثات الدبلوماسية الامريكية حول العالم"، وانه من دون التعامل معها ستظل الجهود الامريكية مبعثرة ومشتتة. وخلصت المجلة الى القول انه الولايات المتحدة لم تتمكن من "الاستثمار بشكل كاف في بناء مؤسسات دفاع العراق لاننا كان علينا محاربة داعش، والان يمكننا اعادة توجيه موقفنا في بغداد لمساعدة العراقيين بشكل افضل ليصبحوا اكثر قدرة واعتمادا على النفس".
واوضحت انه بخلاف افغانستان، فان لدى واشنطن الكثير لتعمل حوله في العراق، على الرغم من ان مشكلة الفساد ربما تكون كبيرة في بغداد كما هي في كابول. واوضحت انه يمكن لواشنطن العمل على انشاء اساس سياسي اكثر استقرارا، ووحدات عسكرية اكثر قدرة داخل الجيش العراقي، ومجتمع عراقي اكثر معرفة بالقراءة والكتابة، ووجود بيئة امنية افضل، ورئيس وزراء ذو توجه اصلاحي اذا افترضنا ان سيبقى في السلطة والفوز في الانتخابات المقبلة.
وختمت بالقول "دعونا نستخدم هذه الشروط لنقل علاقتنا مع العراق من حالة الازمة الى التخطيط الاستباقي".