شفق نيوز/ أعلن رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، اليوم الثلاثاء، موقفاً من ملف سرقة "المدوي" في الهيئة العامة للضرائب، مؤكداً أن التحقيق يجري في القضية "بهدوء" منذ أشهر، إلا أن البعض أثارها "للتغطية على الفاسدين"، فيما أشار إلى "الجميع حارب" خطط تقدمت بها حكومته للمحاسبة الشاملة.
وقال الكاظمي، خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت اليوم، وأوردها مكتبه الإعلامي عبر بيان، إلى وكالة شفق نيوز، إن حكومته تشكلت بوضع اقتصادي صعب جداً، كنا على حافة انهيار اقتصادي حقيقي، وكانت تحديات وضع كورونا وانهيار أسعار النفط، وكذلك الصراع الدولي الذي أراد البعض أن يحول العراق إلى حديقة خلفية للصراعات الدولية والإقليمية، وبالصبر والحكمة تمكنا من عبور تلك التحديات، موضحا "وضعنا خطة إصلاح في الاقتصاد منذ اللحظة الأولى، وأسسنا لرؤية اقتصادية جديدة عن طريق الورقة البيضاء، ونجحنا بأن ننقذ اقتصادنا وانتقلنا به من مرحلة الانهيار إلى مرحلة النمو، والآن سجل العراق حسب تقرير دولي صدر الشهر الجاري، أسرع نمو بالشرق الأوسط وثاني دولة بالعالم بنسبة نمو 9,3%".
وأشار إلى أن "هناك من يشكك بالحكومة ولا يريد لهذه النجاحات أن تسجل باسمها، البعض يقول إن الوثيقة قديمة في حين أنها صادرة في شهر تشرين الأول، ومع كل هذا البعض شكك بإصلاحات هذه الحكومة، وبكل الإجراءات الصحيحة التي قامت بها".
وبين الكاظمي، أن "هذه الحكومة عمرها سنتين ونصف، عملت لثمانية وعشرين شهراً ولم تستلم فقط ستة أشهر من الموازنة، مع كل هذا نجحنا بعبور مرحلة مهمة"، لافتا إلى أن "احتياطي البنك المركزي كان هابطاً لحظة استلامنا للحكومة، كان 49 مليار دولار، اليوم لدينا احتياطي 85 مليار دولار، وكان لدينا احتياط الذهب قريب من 96 طنا، اليوم أصبح بحدود 134 طناً، هذه لم تأت اعتباطاً، البعض يقول من أسعار النفط وهذا ليس صحيحاً، فالكثير من دول العالم ارتفعت أسعار النفط لديها، لكن لم يسجل نمو لديها، وهذا يعود للورقة الإصلاحية التي طبقناها".
وتابع قائلاً "منذ اللحظة الأولى كانت لدينا رؤية لإصلاح وزارة المالية، التي تبناها الوزير السابق، وقدمنا مجموعة من مشاريع الإصلاح، وكانت تجابه باعتراضات شديدة من قبل برلمانيين وكتل سياسية لمنع الإصلاح في وزارة المالية والبقاء على آليات تقليدية لا تلائم العصر"، لافتا الى أن "الوزير السابق قدم مشروع المحاسبة الشاملة التي تتطلب أتمتة وأساليب حديثة، لكن الجميع حاربها، ومع ذلك مضينا بالعمل بها، وهي تستغرق وقتاً".
وبين أن "المحاسبة الشاملة تساعدنا في إيقاف الهدر وتحد من الفساد وإيقاف التلاعب في العديد من القضايا، كما حصل في موضوع الأمانات في هيئة الضرائب التي أعلنا عن كشفها وحاول البعض أن يحمي الفاسدين واللصوص وتحويل الاتهام إلى الحكومة".
وقال الكاظمي أيضاً، إن "هذا الموضوع لا يخص الحكومة بل دائرة من دوائر وزارة المالية، مع كل هذا أنا أول من نبهت الوزير السابق عن هذه الظاهرة في عام 2021، ووجهته بالقيام بتحقيق، وفي ضوء التحقيق أصدر أمراً بمنع صرف أي أمانات بالضرائب دون استحصال موافقة الوزير".
وأشار الكاظمي، إلى أن "البعض يحاول أن يعرقل أي نجاح"، موضحاً أنه "منذ اليوم الأول أعلنا عن مشروع محاربة الفساد، حاربنا الفساد وتعرضنا لضغوط كبيرة وتهديدات وابتزاز، ورأينا أن الحكومة لم تحصل على رعاية برلمانية لأسباب معروفة وإنما معارضة لها مستمرة، بسبب تضرر مصالح البعض، أعلنا منذ اليوم الأول محاربة الفساد وسوف ننهي آخر يوم من عمر الحكومة بمحاربة الفساد".
وبين أنه "ما تم الإعلان عن موضوع الضرائب هو واحد من التحديات الكبيرة"، مؤكداً أن "التأريخ سينصف هذه الحكومة، وستبين ذلك التحقيقات التي يقوم بها القضاء بكل هدوء".
ونوه إلى أن "القضاء شرع في التحقيقات منذ شهور وبكل هدوء، لكن البعض عرف أن المساءلة ستصل إليه، فحاول أن يثير ضجّة، ويستغل بعض الظروف لخلق الفوضى والتغطية على الفاسدين الحقيقيين وأسباب هذه المشكلة".
وبين، أنه "عندما لم تنجح الوزارة منذ أكثر من 17 سنة، في إيجاد نظام أتمتة ألكتروني يتكامل مع العصر وآليات الحساب الصحيحة، ولو كانت هذه الأنظمة موجودة لما وقعنا في هذه الإشكاليات، وقصّية الأمانات الضريبية عمرها طويل ولا علاقة لها بهذه الحكومة وهي قديمة، لكن مع كل هذا اتخذنا قراراً بموضوع المحاسبة الشاملة وتنفيذه، لكنه يحتاج إلى وقت لأنه يحتاج إلى إعادة هيكلة وترتيب بعض الإجراءات في الوزارة".
وتابع، "تذكرون عندما حدثت ضجة بشأن أتمتة الكمارك، أيضاً تسبب بمشكلة، وكانت هناك اعتراضات كثيرة من البعض، لكن وقعنا اتفاقيات مع الأمم المتحدة لإعادة أتمتة بعض المفاصل في وزارة المالية وهي تستغرق سنيناً طويلة، وكان من المفروض الشروع بها منذ عام 2003، وقد اعتمدتها جميع دول المنطقة".
وأشار إلى أن "الأنظمة الجمركية التي اقترحناها تتلاءم وتتكامل مع 90 دولة في العالم، من ضمنها كل دول الجوار العراقي، لكن مع الأسف الشديد هناك من يحاول أن يبتز الحكومة ويخرج بخطابات شعبوية و ابتزازية هدفها التسقيط، ومنع أي إنجاز لهذه الحكومة".
ولفت إلى أن "هناك أطرافاً عديدة حاولت أن تضغط، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أًلّا تقوم الوزارة بإجراءاتها، مع كل هذا فالحكومة التزمت سياسة الصمت تحاشياً لأي محاولة لإحباط الناس. سكتنا كي لا نصنع اليأس، وكونوا على ثقة بأننا لسنا قليلي المعرفة بما يحصل على الأرض، والدولة تعرف كل شيء، ولو كانت الدولة تريد أن تفتح الملفات فإنها ستتسبب بزلازل، والوضع العراقي لا يتحمل الزلازل، إنما بحاجة إلى البناء والصبر من أجل مستقبل العراقيين".
وأشار إلى أن "هناك من استغل سياسة الصمت التي تبنيناها منذ اللحظة الأولى، والعراق فيه مشاكل وتحديات كثيرة، ولجأنا مبكراً إلى سياسة الصبر والصمت، ولم نكن راغبين في تضخيم المشاكل أو الدخول في مناكفات سياسية في بيئة صار الفقر جزءاً منها وقلة توفير الخدمات والقصور في التعليم".
وقال أيضاً، "لم نرغب بالدخول في مناكفات وبالتالي نصنع اليأس عند الشعب، فآثرنا الصمت وندع عملنا هو الذي يبرز نفسه، ولم نرغب في إحباط عزيمة الشعب. وتحملت من أجل عيون الناس الكثير من الاتهامات والافتراءات وحتى محاولات الاغتيال، تعرضت لثلاث محاولات اغتيال ولم أطور الموضوع، رغم أن المحاولة الأخيرة شهدت ضغوطاً دولية لتدويلها، ورفضت حماية للعراق والعراقيين".
ولفت إلى أن "هناك من يحاول أن يشكك بأي خطوة تقدم عليها الحكومة لصالح العراقيين، مع كل هذا فإننا يجب أن نحمي كل من رفع راية محاربة الفساد، والناس تعرف أن هذه الحملة للتشويش تأتي لمحاولة حرف التحقيق أو التأثير عليه بتهم باطلة، والناس تعرف من هم الفاسدون، ويعرفون أن هناك حيتانا كبيرة وراء هذه العملية".
وأكد أنه "لا توجد حكومة تفشل أو تنجح لأن لديها ثروات"، معتبراً أن "الدولة الناجحة هي التي تستثمر في عقول الناس، ونرى أن الكثير من دول العالم لديها ثروات، ولكنها دول فاشلة. والكثير من دول العالم لا تمتلك ثروات، لكنها دول ناجحة. اليوم لدينا سنغافورة نموذجاً، وتايوان، دول صغيرة لكنها تمتلك رابع أو خامس احتياطي في العالم، وبعض الأحيان يضطرون إلى استيراد الأحجار، وتمكنوا من بناء دول تحولت إلى إيقونات".
وأوضح أن "العراق يمتلك التأريخ والحضارة والثروات والجيل الشبابي والجغرافيا والثقافة، فكل مقومات النجاح لدينا، وما نحتاجه هو الأبوّة والصدق في التعاطي مع الملفات الخدمية".
وقدم الكاظمي، شكره إلى "الوزراء الملتزمين بصيانة المال العام والذين التزموا بالتوجيهات، وكذلك محاولتهم لتقديم الخدمات بأصعب الظروف"، متسائلاً "لم تمر على العراق حكومة تبقى لسنتين من غير موازنة، كيف واصلنا العمل إذن؟ وكيف نجحنا مع الحرمان من المال؟".
وتابع "لقد منعنا الاقتصاد من الانهيار، وبنينا نوعاً من النمو الاقتصادي في عالم يشهد تراجعاً كبيراً وتحديات كبيرة لجميع دول العالم".
وأشار إلى "حصول العراق على المركز الثاني في النمو الاقتصادي واليوم وزّعنا عليكم إنجازات الحكومة، في العام الماضي وزعنا الجزء الأول، واليوم ننهي هذا العام من عمر الحكومة مع تقديم التقرير للأداء الحكومي، ونسبة الإنجاز فيه هي نسبة عالية".
ولفت إلى أن "البعض يشكل علينا أننا لم نسوّق الإنجازات، أقول نعم: لدينا خلل في التسويق لأننا لم نعتمد على المال الفاسد لصناعة جيوش إلكترونية، وأنا لا أومن بها، وأؤمن أن في السياسة يجب أن يكون هناك حد أدنى من صفات الفرسان والقيم الأخلاقية، لأننا نعمل من أجل الشعب، وليس من أجل أجندات حزبية أو مذهبية أو إثنية".