شفق نيوز/ اعتبر موقع "مودرن ديبلوماسي" الامريكي، يوم الاثنين، ان الولايات المتحدة وايران، اوقعتا العراق في "فخ" مختلف، معتبرا ان العراق اصبح بمثابة "مشكلة غير قابلة للحل"، وتشابه اسطوررة "العقدة الجوردية" التي قطعها الاسكندر الاكبر بضربة من سيفه.
واوضح التقرير الامريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، ان العقدة "الجوردية" كان ربطها ملك فريجيا جوردياس بإحكام تقربا من الإله سبازيوس، لدرجة انه ما من احد كان بمقدوره فكها، الى ان جاء الاسكندر الاكبر وقطعها بضربة سيف، وحلت العقدة، واصبح يطلق هذا المصطلح على الازمة للدلالة على مشكلة تبقى صعبة على الحل الى ان يتم حلها بعمل جريء.
الفخ الامريكي والدستور العراقي
ولهذا، يقول التقرير ان العراق بعد احتلاله من قبل الولايات المتحدة في العام 2003، سقط في "فخ مزدوج" من جانب واشنطن وطهران، واصبحت مشكلته عصية على الحل، على غرار اسطورة "العقدة الجوردية".
واوضح التقرير ان الفخ الامريكي للعراق كان يتمثل في الدستور الذي صاغته حيث فرضت اغلبية الثلثين لانتخاب الرئيس، مما مهد الطريق لاستخدام مفهوم "الثلث المعطل"، مضيفا ان ذلك ترافق مع تحديد شروط صعبة لتعديل هذه المادة وكل مواد الفصل الاول من الدستور، لدرجة انه من المستحيل عمليا تعديلها.
واعتبر التقرير ان هذه الصيغة تسببت في الفوضى والتشرذم في المجتمع العراقي، بالاضافة الى انهيار الجيش، المشكل على اساس صيغة التقاسم هذه، امام تنظيم داعش.
الفخ الايراني والمجاميع المسلحة
اما الفخ الذي اوقعت ايران فيه العراق، فقد تمثل في انها شكلت مجموعات مسلحة تابعة لفيلق القدس ومنحتها شرعيتها تحت غطاء الحشد الشعبي، مما ادى الى هيمنة شيعية على السلطة.
واعتبر التقرير ان كل الجهود المبذولة من اجل تخليص العراق من هذا الفخ المزدوج، باءت بالفشل، بما في ذلك الثورة الشعبية للعام 2019 التي لم تتحقق شعاراتها المناهضة لايران في بغداد وكربلاء ومدن جنوبية اخرى، كما لم تصل حكومة مصطفى الكاظمي الى حل برغم مشروعها الوطني، ولم تحقق جهود التيار الصدري، ثمارها.
الثلث المعطل
وذكر التقرير بورقة الثلث المعطل التي استخدمها الاطار التنسيقي، بدعم من ايران، في تعطيل جهود الصدر لتشكيل حكومة بالتعاون مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني والائتلاف السني.
وخلص التقرير الى القول انه لا وجود لـ"الاسكندر الاكبر" في العراق لكي ينهض ويكسر "العقدة الجوردية" بضربة واحدة بحد السيف لانقاذ العراق من الازمة، كما انه لا توجد امور تحدث عشوائيا، واصبح بلد ما بين النهرين يعاني من فساد عميق ومتزايد، وقد ضل طريقه بين مختلف الاتجاهات العربية والايرانية والشرقية والغربية، حتى ان خطة مقتدى الصدر لتشكيل حكومة وطنية تحت شعار "لا شرقية ولا غربية"، واجهت الكثير من الصعوبات والعقبات.
"ثرثرة وخرافة" الحكومة الوطنية
كما اعتبر التقرير انه ما من فائدة تتحقق من وراء تشكيل نظام ديمقراطي تديره احزاب طائفية مسلحة وتتحرك سياسيا على اساس الفتاوى وقوة الصواريخ المدمرة والطائرات المسيرة.
ورأى انها مجرد "ثرثرة وخرافات" الحديث عن حكومة وطنية بينما ان السلطة فيها هي بين ايدي احزاب دينية تابعة لحكومة دينية مجاورة، مشيرا بذلك الى ان الحزب الذي فاز بأكبر عدد مقاعد، اي التيار الصدري، لم يتمكن من تشكيل الحكومة طوال نحو عام، بسبب ان القوى الموالية لايران، وقفت في مواجهته.
ولاحظ التقرير ان ذلك هو "من طبيعة الانظمة الشمولية، برغم ان النظام العراقي هو نظام ديمقراطي وفق الدستور"، وهي شمولية تشبه انظمة الحكم في الاتحاد السوفيتي السابق والصين حيث يتم تداول السلطة بين قادة الحزب الشيوعي، ويتعرض المعارضون السياسيون للاعتقال او الاعدام.
وختم التقرير بالقول انه في ظل هذا الوضع، فان العراق لن يتمكن بتاتا من تحرير نفسه من الفخ الامريكي ـ الايراني المزدوج وفك "العقدة الجوردية".
الخيار البديل
ودعا الى خيار بديل يتمثل في التقاء الاحزاب والجماعات الوطنية العراقية كافة تحت لواء تحالف ديمقراطي وطني مستقل لا طائفي، ولا يعتمد على دول اجنبية، من اجل تشكيل حكومة وطنية قوية ومستقلة، ومرتبطة بالعالم الخارجي، بما في ذلك علاقات جيدة مع ايران والدول العربية ودول الشرق والغرب.
وخلص الى القول ان العقول التي انتجت افكارا هدامة لا يمكنها انتاج افكار محررة، وان العراق بحاجة الى مفكرين وشخصيات سياسية جديدة يؤسسون نظاما سياسيا صحيحا وقويا ومستقلا، مؤكدا ان الوضع الحالي متجذر في الهيكل السياسي غير السليم منذ العام 2003.