شفق نيوز - بغداد
اتفق ثلاثة وزراء في الحكومة العراقية، يوم الأحد، على إجراء مفاوضات مع الجانب التركي لتأمين المياه للبلاد خلال الشهرين المقبلين على ان يتم عرض هذا الاتفاق في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء للمصادقة عليه.
وانعقد اجتماع تشاوري ثلاثي ضم كلا من: وزير الزراعة عباس المالكي، و وزير الموارد المائية عون ذياب، و وزير البيئة هەلو العسكري جرى خلاله مناقشة عدد من الملفات "المهمة أبرزها" تأمين مياه الشرب والاستخدامات البشرية بالدرجة الاولى، ثم الحفاظ على الوضع البيئي للأنهار وعدم تلوثها،و مناقشة الخطة الزراعية للموسم الشتوي، وفقا لبيان صادر عن وزارة الزراعة.
وذكر البيان أنه تم اتخاذ جملة من القرارات أهمها، السعي بشكل سريع للتفاوض مع الجارة تركيا بما يتناسب مع حاجة العراق من المياه خلال شهري تشرين الأول والثاني.
كذلك التوجه الجاد تجاه الحفاظ على البيئة بالتعاون مع الحكومات المحلية، كما تم مناقشة ملف تحلية مياه البحر والمبازل، حسب البيان.
من جانبه قال وزير الموارد المائية عون ذياب في تصريحات ادلى بها للصحفيين عقب انعقاد الإجتماع التشاوري بين الوزراء الثلاثة، إنه "تمت مناقشة تأمين مياه الشرب، ومياه الاستخدامات البشرية للمواطنين، وتعتبر أسبقية أولى، والحفاظ على الوضع البيئي للأنهار وعدم تلوثها، لأن هذه المسألة حيوية، ثم يأتي بعدها موضوع الزراعة".
وأكد أن أهم قرار خرج به الاجتماع هو السعي بشكل سريع للتفاهم مع تركيا على زيادة الاطلاقات المائية بما يتناسب مع حاجة العراق خلال الشهرين المقبلين، مشيرا الى أنه جرى التأكيد على موضوع تحلية مياه البحر، والمبازل قدر المستطاع لغرض تعزيز الموارد المائية في البلاد.
وجدد وزير الموارد المائية تأكيده خلال الاجتماع، أن العراق "يمر حالياً بأشد سنوات الجفاف بشكل غير مسبوق"، واصفاً السنة الحالية بأنها "من أسوأ السنوات المائية منذ أكثر من 90 عاماً"، بحسب بيان صادر عن وزارة الموارد.
وأرجع ذياب أسباب هذه الأزمة إلى التغيرات المناخية واستمرار دول المنبع، وخاصة الجارة تركيا، في إنشاء المشاريع الخزنية و الإروائية على منابع الأنهار، مما انعكس سلباً على الواردات المائية لنهري دجلة والفرات وأثر على الواقع البيئي والزراعي في البلاد.
هذا وشمل الاجتماع تقديم عرض توضيحي مفصّل حول الإيرادات المائية للسنة الحالية 2024-2025 مقارنة بالعام الماضي، وواقع تخزين السدود والتأثيرات على حوضي دجلة والفرات والخزين المائي المتوقع خلال شهر تشرين الثاني المقبل، و نسبة التراكيز الملحية في نهري دجلة والفرات و الارتفاع غير المسبوق في ملوحة شط العرب والجهود المبذولة للحفاظ على معدلات مقبولة شمال مدينة البصرة.
بدوره، قدم وزير البيئة هه لو العسكري إيجازاً عن مشكلة التلوث في مجاري الأنهار نتيجة رمي الملوثات والمخلفات الصناعية، مؤكداً على العمل لوضع آلية للحد من هذه الظاهرة حفاظاً على صحة المواطن.
من ناحيته، أكد وزير الزراعة عباس المالكي على أهمية التكيف مع الوضع المائي الراهن، الذي وصفه بـ "الأقسى منذ سنوات"، داعياً إلى ترشيد استهلاك المياه وتقنين استخدامها في القطاع الزراعي.
وخرج الوزراء المجتمعون بعدة توصيات سيتم عرضها في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، مؤكدين على أهمية تشكيل فريق وزاري عالي المستوى بالإضافة للفريق الفني للتفاوض مع الجارة تركيا لزيادة الإطلاقات المائية بما يتناسب مع حاجة العراق خلال شهري تشرين الأول وتشرين الثاني، لعبور الأزمة الحالية.
وكانت وزارة الموارد المائية العراقية قد أكدت، في شهر تموز/يوليو الماضي، أن قلة الاطلاقات من دول المنبع وتأثير التغير المناخي، أدى إلى إنخفاض الخزين المائي بشكل كبير، مشيرة إلى أن العام 2025 هو من أكثر السنوات جفافاً منذ العام 1933.
وتشتد أزمة الجفاف في العراق على نحو غير مسبوق، بسبب قلّة هطول الأمطار خلال السنوات الماضية نتيجة التغير المناخي، والسبب الثاني يعود إلى تراجع مستويات المياه الواصلة عبر نهري دجلة والفرات، جراء سياسات مائية لإيران وتركيا أبرزها بناء السدود على المنابع وتحويل مساراتها، ما يهدد بوقوع كارثة إنسانية في البلاد.
ويعد العراق من بين أكثر خمس دول تضرراً من التغير المناخي بحسب تقارير للأمم المتحدة ومنظمات دولية معنية بالموضوع.
وقالت منظمة البنك الدولي، في نهاية العام 2022، إن العراق يواجه تحدياً مناخياً طارئاً ينبغي عليه لمواجهته التوجه نحو نموذج تنمية "أكثر اخضراراً ومراعاةً للبيئة"، لا سيما عبر تنويع اقتصاده وتقليل اعتماده على الكربون.
ووفقا لتقرير صادر عن المنظمة، فإنه وبحلول العام 2040، "سيكون العراق بحاجة إلى 233 مليار دولار كاستثمارات للاستجابة إلى حاجاته التنموية الأكثر إلحاحاً فيما هو بصدد الشروع في مجال نمو أخصر وشامل"، أي ما يساوي نسبة 6% من ناتجه الإجمالي المحلي سنوياً.
وكان مركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان قد افاد مؤخرا، بأن العراق فقد نحو 30% من الأراضي الزراعية المنتجة للمحاصيل بسبب التغيرات المناخية خلال السنوات الثلاثين الاخيرة.