شفق نيوز/ صرح عضو لجنة الامن والدفاع النيابية علي الغانمي يوم الخميس بأن قانون الجرائم المعلوماتية يتضمن تشكيل محاكم مختصة، ومراكز لجمع الادلة الرقمية، مشيرا الى ان الاحكام والغرامات سيحددها القضاء العراقي بعد تشريع القانون.
وقال الغانمي لوكالة شفق نيوز، إن "القضاء هو من يصدر القرارات بحق المسيئين الذين يعرضون حياة الناس للخطر عبر التهديد والابتزاز والتشهير والقذف، اوما يتعلق بنشر وثائق كاذبة وغير صحيحة تمس امن وحياة المواطن العراقي".
وأضاف أن "القانون يتضمن انشاء المركز الوطني للادلة الرقمية مشابه لمركز الادلة الجنائية ومحاكم مختصة لتنفذ مواد قانون جرائم المعلوماتية"، مشيرا إلى انه "من خلال مركز الادلة يمكن اخراج دليل البراءة او الادانة للمتهم".
وتابع الغانمي، أن "قانون جرائم المعلوماتية سيطبق وفق وجود تلك المراكز والمحاكم بالتنسيق مع مؤسسة امنية مختصة بتنفيذ القرارات"، مبينا ان "القضاء هو من يحدد الاحكام والقرارات بحق المتهمين".
وحذر برلمانيون وناشطون من تمرير مشروع قانون الجرائم المعلوماتية بالصيغة الحالية التي يعتزم مجلس النواب العراقي التصويت عليه، مشيرين الى ان "هذا القانون سيفرض قيوداً على حرية التعبير بدلاً من ردع جرائم المعلوماتية".
من جهتها قالت "هيومن رايتس ووتش"، إن المشرعين العراقيين يدرسون مشروع قانون بشأن جرائم تقنية المعلومات يمكن استخدامه لخنق حرية التعبير.
وقالت بلقيس والي، باحثة أولى في قسم الأزمات والنزاعات في المنظمة: "يمنح هذا القانون السلطات العراقية أداة أخرى لقمع المعارضة في الوسيلة الرئيسية التي يعتمد عليها الصحفيون والنشطاء وعامة الناس للحصول على المعلومات وللنقاش المفتوح. إذا أقر البرلمان القانون، سيقوض المجال الضيق أصلا لحرية التعبير، ويخنق النقاش والحوار العام على الإنترنت."
واضافت "أتيحت الفرصة لهذا البرلمان من أجل استخدام ولايته لتحسين حقوق العراقيين، لكن بدلا من ذلك يبدو أنه مستعد لممارسة سلطته لمنح الحكومة مزيدا من الأدوات لقمع حرية التعبير".
وفي 2011، اقترح مجلس الوزراء العراقي "مشروع قانون جرائم المعلوماتية" على البرلمان. حذرت "هيومن رايتس ووتش" حينها من أنه سيُستخدم على الأرجح لتقييد حرية التعبير، في انتهاك للقانون الدولي، وسيشكل تهديدا خطيرا للصحفيين والمبلّغين والنشطاء السلميين. لم يُمرر القانون حينها، لكن في 23 نوفمبر/تشرين الثاني، ناقش البرلمان العراقي نفس المشروع، الذي يشار إليه غالبا باسم مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، والذي أعادت مجموعة من المشرعين عرضه على البرلمان عام 2019.
ينص مشروع القانون في مادته الثانية على أنه يهدف إلى "توفير الحماية القانونية للاستخدام المشروع للحاسوب وشبكة المعلومات ومعاقبة مرتكبي الأفعال التي تشكل اعتداء على حقوق مستخدميها". ينص مشروع القانون على عقوبات لاستخدام أجهزة الحاسوب فيما يتعلق بأنشطة مختلفة محظورة، مثل التلاعب بالمال والاستيلاء عليه (المادة 7)، وغسل الأموال (المادة 10)، وتعطيل الشبكة (المادة 14)، والتنصت والمراقبة بدون وجه حق (المواد 15(أ)(ب) و16)، وانتهاكات الملكية الفكرية (المادة 21).
وقالت المنظمة الدولية أنّ هذا المشروع تنقصه الدقّة، حيث أنّ العديد من مواده تجرّم استخدام أجهزة الحاسوب فيما يتعلق بمجموعة واسعة من الأنشطة المحددة بشكل فضفاض، وكثير منها غير منظم، دون أي معايير محددة لما يمكن أن يشكل جريمة.
ونوهت الى ان هذه المواد تبدو متعارضة مع القانون الدولي والدستور العراقي، وستحدّ بشكل خطير من الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات.
و تنص المادة 3 على عقوبة تصل إلى السجن المؤبد وغرامة تتراوح بين 21 ألف و42 ألف دولار أمريكي تقريبا لأي شخص يستخدم أجهزة الحاسوب والإنترنت قصدالـ "المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامتها أو مصالحها الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية أو الأمنية العليا" أو "الاشتراك أو التفاوض أو الترويج أو التعاقد أو التعامل مع جهة معادية بأي شكل من الأشكال بقصد زعزعة الأمن والنظام العام أو تعريض البلاد للخطر".
وتنص المادة 6 على نفس العقوبة بالسجن وغرامة لاستخدام جهاز حاسوب أو شبكة معلومات لـ "إثارة النعرات المذهبية أو الطائفية أو تكدير الأمن والنظام العام، أو الإساءة إلى سمعة البلاد"، أو "نشر أو إذاعة وقائع كاذبة أو مضللة بقصد إضعاف الثقة بالنظام المالي الالكتروني أو الأوراق التجارية والمالية الالكترونية وما في حكمها أو الإضرار بالاقتصاد الوطني والثقة المالية للدولة".
وتفرض المادة 21 عقوبة بالسجن لمدة عام على الأقل لكل من "اعتدى على أيّ من المبادئ أو القيم الدينية أو الأخلاقية أو الأسرية أو الاجتماعية أو حرمة الحياة الخاصة عن طريق شبكة المعلومات أو أجهزة الحاسوب بأي شكل من الأشكال". تنص المادة 22 على عقوبة بالسجن وغرامة لكل من "أنشأ أو أدار أو ساعد على إنشاء موقع على شبكة المعلومات للترويج والتحريض على الفسق والفجور أو أية برامج أو معلومات أو صور أو أفلام مخلّة بالحياء أو الآداب العامة أو دعا أو روّج لها".
واشارت "رايتس ووتش" الى نظرا إلى غموض هذه المواد ونطاقها الفضفاض، وكذلك شدّة العقوبات المفروضة، يمكن أن تستخدمها السلطات لمعاقبة التعبير المشروع الذي تزعم أنه يشكل تهديدا للمصالح الحكومية أو الدينية أو الاجتماعية. كما قد يستخدمه المسؤولون لردع الانتقاد المشروع أو المعارضة السلمية للمسؤولين أو السياسيات الحكومية أوالدينية.
إضافة إلى ذلك، يجرّم القانون المقترح "الترويج للأعمال الإرهابية" دون تعريف هذه الأعمال أو ما المقصود بـ "الترويج". الإرهاب غير مُعرَّف بشكل واضح في القانون العراقي. حكم قضاة عراقيون على أشخاص بالإعدام والسجن المؤبد فقط لأنهم عملوا في مستشفى كان تحت سيطرة "تنظيم الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ "داعش")، مثلا، أو لأنهم نقلوا الماء إلى مقاتلي داعش في الخطوط الأمامية رغما عنهم.